أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - أمّي .. وأنجيلا ميركل .. وأنديرا غاندي















المزيد.....

أمّي .. وأنجيلا ميركل .. وأنديرا غاندي


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 4872 - 2015 / 7 / 20 - 09:06
المحور: كتابات ساخرة
    


أمّي .. وأنجيلا ميركل .. وأنديرا غاندي

قرّرتْ أُمّي أن تقضي الشطر الأكبر من شهر رمضان في بيتي ، لأسباب " لوجستيّة " حسّاسة .
لم تكن هناك مشكلة " لجوء " سياسي ، أو " نزوح " إنساني ، أو " انقسام مُجتمَعي " قبلَ ، وأثناء ، مدّة " الإقامة " . المشكلة كانت " سياسيّة " بامتياز . كيف ؟ سأروي لكم الآن تفاصيل ذلك .
التصقَتْ أمّي بالتلفزيون فور وصولها إلى البيت . كانت تلك هي متعتها الوحيدة . طلبَتْ منّي ايضاحات حول كيفية البحث عن قنواتها المفضّلة ، فأخبرْتُها انّ القنوات قد تم ترتيبها تصاعديّاً .. من قنوات الأخبار العربية والعالمية ، إلى القنوات العراقيّة ، إلى قنوات الأفلام والأغاني والمسلسلات . اضْغَطي يا أمّي على الرقم 1)) ، وستأتيكِ التفاصيلُ تِباعاً .
كلّ العائلة كانت بعيدةً عنها . لكلٍّ " أنترنيتَهُ " ، و " لابتوبهُ " و " موبايلَهُ " ، وعالمهُ الخاص .
أمّا أنا ، فلم أعُدْ أطيق سماعَ أو رؤية الكثير مما يُعرَضُ على شاشات " الفضائيّات " ، لأسباب عديدة .
ومن غُرفتي ، كنتُ انتبهُ احياناً لأمّي ، وهي تُصدِرُ أحكامها " الفوريّة " ، على كلّ وجهٍ أو مشْهَدٍ يظهرُ أمامها على الشاشة .
كانت تُطلِقُ تقييماتْ على شكل مقاطع و نصوص لُغَويّة ، حادّة وسريعة ، تعتقد انّها تتناسب مع انطباعاتها التلقائيّة عن الشخص الماثل أمامها ، مثل : [ يبو شالَكْ الله . بالله هذا شيكَولْ لروحَه ؟ هَمْ عاجِبْتَه نَفْسَه . عابَتْلَكْ هالحَلِك . إنْجَبْ . ليش تُضرْبَه .. ضِرَبَك الله . موتْ الكرَفَك . إسكُتْ كَلْب .. ] .. وهكذا .. في كلّ بضعة ثوان كان هناك تقييمٌ جديد ، ولَقَبٌ جديد ، و شتيمة جديدة ، بصياغة مختلفة ، ومحتوىً مختلف : [ يبو ساعة السودة . هاي اللِمايِمْ منين الله جابهه علينه ؟ ] . لم يكن هناك أيُّ مجالٌ للتدخل " الإنساني " بين أمّي ، وبين أولئكَ الذين يظهرون أمامها على الشاشة . تدخّلْتُ مرّة واحدة فقط ، وقلتُ لها : [ كُلّه صوج ذاك الرجّال ] .. فصاحتْ بي : [ إنته اشجلّبِتْ بذاك الرجّال ؟ . لا أشو مو صوجَه . هُمّه ذوله الناس مو خوش أوادِمْ . هيّه كَوّة ] .
طبعا أنا وكالعادة " إنْجَبّيتْ " .. بينما واصلتْ هي الضغط على الريموت كونترول ، واطلاق " تقييماتها " دون هوادةٍ ، أو " هُدْنَةٍ " أو " مُصالحة " وطنيّة .
كنتُ في غرفتي .. لا أرى ما تراه . ولكنّني كنتُ استمعُ إلى " تحليلها الاستراتيجي " للوجوه والمشاهِد المختلفة . كانت أعلى درجة " تقييم " سمعتها هي : تفووو . تفووو على من ؟ لا أدري . كان استخدامها لـمفردة " التفووو " قليلاً ، ولكنّهُ كان يتكرّر باستمرار ، ويستهدفُ كبار " القادةَ " تحديداً . تفووو على بعض العراقيين . وتفووو على بعض العرب . وتفووو على قادة بعض الدول المتخلفّة . وتفووو على قادة بعض الدول الكبرى . أما الرئيس أوباما ، الذي كنتُ استمعُ إلى صوتهِ غير الواثق ، في مؤتمره الصحفيّ الأخير ، فقد نال تقييماً من نوع : [ فاهي . و .. كُلْشي ميُعرُفْ ] . ثم نالَ لاحِقاً تقييماً أقسى ، هو : قَشْمَر .
وعندما ظهر الرئيس المصري السابق في قفص الاتّهام ، كان التقييم : [ هاي شِجاكُمْ ؟ اشسوّيتوا بي ؟ هوّه ماحِكَمْ غير سنة وِحْدَة .. قابِلْ تريدوا يُكَلُبْ الدِنيا ؟ ] .
خفتُ عليها من الحماسة السياسية الزائدة عن اللزوم . تركتُ غرفتي ، وجلستُ بالقرب منها ، وقلتُ لها : يام اتركي السياسة . هاي السياسة مو خوش شغلة . وإنتي مره جبيرة ومريضة . حاركَة روحج على شنو ؟ قابل إنتي ( انجيلا ميركل ) ؟ بعدين تتذكرين ( انديرا غاندي ) شصار بيهه من وره السياسة ؟ . تره يُمّه اذا " انجلطتي " من ورة هاي السوالف .. آني أوّل واحد ، لا أعرفج ، ولا تعرفيني . استهدي بالله ، وخلّي انروحْ اندوّر افلام ومسلسلات .
قبلتْ أمّي بهذا الاقتراح على مضض . وأعطتني الريموت كونترول . وشاء حظّي العاثر أن تكون أولّ لقطة ، في أوّل فلم ، في أوّل قناة أخترتُها ، هي لقطة لـ قُبْلِة " ثخينة حيل " ، بين بطل الفلم ، وحوريّة من حوريّات الجنّة . وإذا بأمّي تصيحُ بي : [ هاي شنو يابه ؟ عوذه . شنو هذا لِعبانْ النَفِسْ . ترة ذوله صدُكْ ميستحون . ماعِدْهُم حلال وحرام . الله يلَعِّبْ نفِسْهُم ] . ديره يابه . و .. دِرْتَه . ورِحِتْ لغير قناة . كانت تعرض مسلسلاً لممثل مشهور . وجاء " التقييم " بعد ثوانٍ قليلة : [ هذا شبي .. مخبّل . هذا عباله بعده صغيّر ] .. ديره يابه . و .. دِرْتَه . ورِحِتْ لغير قناة .. و" أمّي رويحة الجنّة ". صَمَدَتْ المُشاهدَة ربع ساعة، تمّ خلالها " تقييم " نصف الممثلين . أما الـ تفووو فقد نالتها عن جدارة واستحقاق الأبنة ( فُتوح ) . وبعد هذه " الصولة " طلبتْ أمي إستكان جاي ، و بُطُلْ مي ، و كَلاصين عصير " نومي بصرة " .
المسلسل الوحيد الذي حظي بمتابعة كاملة ، و تقييم شامل ، هو ( باب الحارة ) : [ شنو لِزَكَتي بي .. خو مو لِزَكَتي ؟ . ديرو بالكم من هذا تره خبيث. شنو ذوله السوريين .. بس ياكلون ، ويتزوجّون ، ويتعارَكون . أطُرْدوه شبيكم غِشْمَة .. مو هيّاته مبيّنْ جاسوس . إشبيك أبو عصام .. إنثوَلِتْ ؟ دِرَجِعْهَه لأهلهه ، وفُضْهه. هذا ( مُعتَزّ ) ينكِتِلْ ينكِتِلْ . و .. هذا ( أبو ظافر ) كلب ابن سطّعَشْ كلب .. ] .
عادتْ أمّي إلى بيتها . وطيلة أيام العيد " السعيد " قمتُ بأخضاع " تقييماتها " الرمضانيّة ، للفرز والتحليل والتمحيص الدراسة . وبعد الاستقراء والاستنباط تبيّن لي أنّ من حصلوا على تقييم بدرجة " تفووو " من الزعماء والقادة جميعاً ( دون استثناء ) ، بدءاً من العراق ، ومروراً ببقيّة دول العالم ، وصولاً إلى ( زمبابوي ) .. هم اولئك الذين تتضاءلُ أمامهم فرص الاحتفاظ بمناصبهم خلال العامين القادمين . وستكون نهايتهم شبيهة بالنهاية المأساوية للزعيم " الأخضر " ( معمّر القذّافي ) ، وبالصوت والصورة .
و ( معمر القذافي ) هذا ، هو الذي قالتْ لهُ أمّي عند ظهوره في لقطة ارشيفيّة على احدى القنوات ، وكأنّهُ واحدٌ من ابناءها المغدورين :
[ عادْ منين أجيبك هِسّه .. يا بو ( سيف الاسلام ) ؟ الله ينتقم من الكِتْلوكْ .. و حُرْمَوْا ليبيا مِنّكْ ] .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موجز تاريخ العيد
- لا تخسري الرائحة . المرأةُ .. رائحة
- 5 + 1 إيرانيّة .. و 5 +1 عراقيّة
- درهم جمهوري .. و 12 رغيف خُبز
- درهم مَلَكي .. و 12 رغيف خُبز
- القلوب الكسيرة .. التي تلبطُ على الرمل
- بلادي التي تجور .. وأهلي الشحيحون .. و دولتي الفاشلة
- محكمة لتاريخ النفط ، والعائدات النفطية ، في العراق الحديث ( ...
- محكمة لتاريخ النفط .. في العراق الحديث
- عُصبة سبارتكوس .. في قيصريّة حنَش
- يمعودين شنو السالفة .. إنتو وين ؟
- كيف يكونُ العراقيُّ سعيداً .. في العراق
- عندما تتلف المعاملات .. لا معنى للعبادات
- النظام التعليمي في العراق ، وقرار - العبور - لطلبة المجموعة ...
- خام برنت .. المُبارَك
- عن الجنودُ الصائمين .. في تلك الحرب البعيدة
- العراقُ الذي .. لا يشبهُ شيئاً
- الأسكندر الذي يبكي .. على حافّة العالم
- عندما يمرُّ وجهُكِ بي
- الفتى العاشق .. الذاهب إلى الحرب


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - أمّي .. وأنجيلا ميركل .. وأنديرا غاندي