أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد عبد اللطيف سالم - محكمة لتاريخ النفط ، والعائدات النفطية ، في العراق الحديث ( 2 )














المزيد.....

محكمة لتاريخ النفط ، والعائدات النفطية ، في العراق الحديث ( 2 )


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 4864 - 2015 / 7 / 12 - 09:27
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


محكمة لتاريخ النفط ، والعائدات النفطية ، في العراق الحديث ( 2 )
النفط في العراق .. كـعرّابٍ للخراب الطويل الأجل

تتذبذبُ اسعار النفط الخام في الأسواق العالمية منذ بدايات النصف الأوّل من هذا العام ، صعوداً ونزولاً ، لبضعة سنتات وبضعة دولارات ، ولكنها تحوم حول معدلها العام ( ما بين 57 إلى 65 دولار لبرميل خام برنت ) . وخط اتجاهها العام ( مع هذه التذبذبات السعريّة ) هو خطّ بيانيٌّ هابط . ويتوقع أن يستمّر هذا الأتجاه العام للأسعار بالأنخفاض بالتزامن مع ركود الأقتصاد العالمي ، والمتغيرات الجيوسياسية ، وازمة منطقة اليورو .
لقد شهدتْ اسعار النفط الكثير من التراجعات طيلة العقود الثلاثة الماضية . ولكّن النفط لم يغرس سكّينهُ الصدئة في خاصرة اقتصادنا الهشّ ، ويتركُه يتخبّطُ في فوضى اختلالاته المزمنة ، إلاّ من خلال تدهور عائداته إلى النصف تقريباً ، والذي بدأ في منتصف العام 2014 ولا يزال مستمراً حتّى الآن .
هذه أول مرّة يثأرُ فيها هذا المورد " المُنفَلِتْ " ، من حماقاتنا الأقتصاديّة المُمتدّة ، والمُتوارَثة ، و القصيرة الأجل .
يثأرُ لخرابنا الطويل الأجل .
لاندثار عُمراننا .
لترييف مدننا ، وقرويّة سلوكنا ، وبدويّة قيمنا .
لتريّف سلطتنا ، وزوال دولتنا .. وقلّة حيلتنا ، وضعف قوّتنا ، وهواننا على الناس .
ها هو السائل الأسود اللزج ، يسخرُ من عجزنا على ترميم أطلالنا ، واطفاء مصادر سخامنا .. بهِ ، وبدونه .
ها هو السائل الأسود اللزج ، يسخرُ من عجزنا على بناء دولتنا من الصفر . دولتنا " الصفريّة " في كل شيء . دولتنا " الهشّة " . دولتنا " الهلاميّة " الرثّة . الدولة التي بنى " الاخرون " ما هو افضل منها بـــ " اقتصاد المعرفة " وقوّة العقل . بناها " الآباء المؤسّسون " حقّاً ، هناكَ .. في تلك الأراضي المغمورة بــ " نخيل الزيت " و " سبَخْ " المستنقعات ، وأحياناً وضعوا أسس نهضتها من اللاشيء .. حيثُ لا يوجدُ سوى الأدغال ، والبحر المحيط .. وحيثُ لا أنهر ، و لا أرض صالحة للزراعة .. ولا حتّى مراعٍ لرعي الغنم .
ها هو السائل الأسود " الرث " ( كمورد ريعيّ ) وليس كعنصر انتاج ، ومصدر تراكم للثروة ورأس المال الثابت ، يعيدُ رصف تراتبية مراكز القوى في التشكيل الأجتماعي العراقي الراهن . و يُحدّدُ ادوار ووظائف عناصره الفاعلة ( المُثبِطة والأنتكاسيّة ) ، بوصفها ( على وفق طروحات الأستاذ مظهر محمد صالح بهذا الصدد ) .. نتاجاً لـ " الطبقة الرثة " و لعملية " إعادة انتاج طبقي للرثاثة " ، وبنيتها الفوقية ، وهو ما يستدعي ( والطرح ما يزال للأستاذ مظهر ) اعادة توصيف الماديّة التاريخية ( لصيرورتنا ، وماهيّتنا ) ، عبر دراسة وتفكيك عمليات " التعاقب الرث " ، للمنظومة الريعية الشرقية المُستبدّة .
هذا هو النفط .. وهذه هي ميكانزمات عمله المعقدة ، التي تحفر عميقاً في بُنيّة مجتمعنا ، ومنظوماتنا القيمية والأخلاقية ، وانماط انتاجنا و " حُكمنا " ، والتي ترسم ، في الوقت ذاته ، مشروع دولتنا الحاليّة ( أو دولنا القادمة ) .
هذه هي " مفاعيل " النفط التي ينبغي الأشتغالُ عليها بدأبٍ وصبرٍ ، ووضوحٍ في الرؤية ، وعمقِ في البصيرة .
هذا هو " تاريخ النفط " ، الذي يرسم معالم وحدود وخصائص تاريخنا كلّه ، منذ العام 1927 ، وإلى عقودٍ طويلةٍ قادمة .
هذا هو النفط الذي يتعاملُ معهُ " حُكّامنا " بوصفهِ " حُصةً " كبرى من حصص " الريع السياسيّ " .. و وزارةً لـ " هؤلاء " .. ووزيراً لـ " اولئك " .. و بئراً .. وانبوباً .. وناقلةً .. وسعراً في بورصة السوق العالمية .. ورقماً ميّتا في الموازنة العامة .. و ديناراً " مُغطّى " بورقة التوت الدولاريّة .. وعقوداً تجاريّة .. ورصيفاً للتحميل .
إنّ انخفاض العائدات النفطيّة يُعرّينا .. ويعرضُ عوراتنا كلّها ، وما أكثرها ، على الملأ .. وينشرها كالغسيل الوسِخ .. في الهواء الطَلِق .
لذا لم يكن النفطُ " نعمةً " لنا .. كما هو الآن .
وهذه هي اللحظة التاريخية المناسبة ، التي يستطيع بها هذا النفط " الرخيص "، أن يوزّعَ " أوراق اللعبة " من جديد .. و أن يقلب " الطاولة " في وجه اللاعبين المغفّلين .. وأن يُحدّد من يحقُّ لهم الدخول إلى " اقتصاد الكازينو " ، الذي ارتادهُ الكثير من الحاكمين السُذّج ، في غفلةٍ (أو فرصةٍ ) ، قد لا تتكرر ، في سياق وقائع تاريخنا المُلتبِس .. منذ أن أصبح العراق " دولةً " مُلتبِسة في عام 1921 .
ولهذا كلّه .. فليس بوسعي سوى أن اتمنى الآن ، ان ينخفض سعر النفط أكثر ، وأكثر .. واكثر .
لعلّنّا أثناء ذلك ، أو بعد ذلك .. سنجدُ في " فقرنا " و " عسرنا " ، وخيباتنا الدائمة ، وإصرارنا على اختيار الفشل ، سبباً مُقنِعاً يحثّنا على النيل ممن كانوا سبباً في سُباتنا الأبديّ ، وكوابيسنا المستدامة ( اشخاصاً وسياساتً وانماط حُكم ) .. منذ ان أهدَرَ " الحاكمون " عائداتَ أولُّ قطرة نفطٍ تم بيعها من آبار العراق المُترَعة بالريع .. وإلى هذه اللحظة الفارقة .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محكمة لتاريخ النفط .. في العراق الحديث
- عُصبة سبارتكوس .. في قيصريّة حنَش
- يمعودين شنو السالفة .. إنتو وين ؟
- كيف يكونُ العراقيُّ سعيداً .. في العراق
- عندما تتلف المعاملات .. لا معنى للعبادات
- النظام التعليمي في العراق ، وقرار - العبور - لطلبة المجموعة ...
- خام برنت .. المُبارَك
- عن الجنودُ الصائمين .. في تلك الحرب البعيدة
- العراقُ الذي .. لا يشبهُ شيئاً
- الأسكندر الذي يبكي .. على حافّة العالم
- عندما يمرُّ وجهُكِ بي
- الفتى العاشق .. الذاهب إلى الحرب
- أبو نؤاس ، ومدفع الأفطار .. تحت جسر الجمهوريّة
- إمامُ الجامع .. و رمضان .. و برشلونة
- الحدّ الأدنى من اللغة
- الليلة الكبيرة .. التي نحنُ فيها الآن
- جاسميّة أمّ الكَيمر .. والدولار .. وقانون تناقص الغلّة
- صورة شخصيّة
- عصرُ النبوّاتِ .. ولّى
- مطرقة الرئيس أوباما .. والمشاكل التي ليست مسامير


المزيد.....




- «أسرار الحصول» على الإقامة الذهبية الإماراتية 2025.. شروط وخ ...
- هاتف ريلمي C67.. مواصفات تقنية قوية وتصميم أنيق بسعر اقتصادي ...
- تفاصيل حدود السحب من البنوك وماكينات ATM وتطبيق إنستاباي بعد ...
- مدونون: الشيكل في الضفة من وسيلة تبادل إلى أداة خنق اقتصادي ...
- لقاء قائد جيش باكستان بترامب يفتح آفاق تعاون في التجارة والت ...
- السماء تشتعل والطائرات تفر.. كيف غيرت الحرب على إيران مسار ا ...
- سلطة النقد تصدر تعليمات جديدة لتنظيم وتسهيل الإيداعات النقدي ...
- هل راعت أميركا إغلاق الأسواق عند توجيه ضربتها لإيران؟
- الحروب وآثارها على المشاريع النشئة والصغيرة
- تصاعد الحرب فوق إيران يزيد الرحلات الجوية فوق أفغانستان 500% ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد عبد اللطيف سالم - محكمة لتاريخ النفط ، والعائدات النفطية ، في العراق الحديث ( 2 )