|
صورة شخصيّة
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4834 - 2015 / 6 / 11 - 23:34
المحور:
كتابات ساخرة
في مساءٍ " رائع " ، وبينما كان كلّ شيءٍ هادئاً في احدى جبهات الحرب العراقيّة – الأيرانيّة ، روى لنا أحد " ضُبّاط الصف " هذه الحكاية .. فقال : [ كنتُ أعملُ قبل تطوّعي في الجيش مصوّراً " فوتوغرافيّاً " في حديقة الأمّة ، ببغداد المُنقَرِضَة . و بينما أنا اتبخترُ بكامرتي ذات الفلاش الضخم " الطالِع صَفُح " ، في ليلة بغداديةٍ رائعةٍ ، كهذه الليلة ، وإذا بسيدةٍ كان يبدو عليها بوضوح ، أنّها أجنبية ، تقفُ أمامي ، مما يعني بالنسبة لي ( تلقائياً ) أنْها تودُّ أن التَقِطَ لها صورةً للذكرى ( لأنّ الذكرى كما تعرفون .. " ناقوسٌ يُقرَعُ في وادي النسيان " وهي العبارة الشائعة التي كانت تُكتَبُ على الصور الفوتوغرافيّة آنذاك ) . بعدها اقتربتْ منّي ، وقالتْ بضعة كلمات لم أفهم معناها ، وعلى الأكثر انها كانت تدور حول كيفية حصولها على نسخة من الصورة ، وعلى كلفتها ايضاً .. فأجبتها بعد ان اكملتْ جُملتَها ، وعلى الفور : Yes . وعادتْ ، وتحدّثتْ معي ببضعة كلماتٍ أخرى ، فأجبتها على الفور : No . وهُنا استخدمتْ السيدة الأجنبية تلك الجملة الأنكَليزية الوحيدة التي اعرف لفظها ودلالتها جيداً : ?? Are you speak English . فصحتُ على الفور : Yes . هُنا قالت السيدة جُملة انكَليزيّة سريعة ، وخاطفة ، لم أفهم حرفاً واحداً منها .. فقلتُ لها على الفور ، وبإيقاعٍ سريعٍ وصادِم ْ : Where . Whom . What . When . How . Who . Why . Which . .. وختمتُ قاموسي اللغويّ الضخم من اللغة الأنكَليزية بالعبارة التي رسبتُ بسببها ثلاث سنينٍ متتالية في درس " الأنكَليزي " ببكالوريا الأبتدائية : Isn t it ? Yes it is . كنتُ ألهثُ عندما أكملتُ جملتي الحاسمة . وبعد ان تقطّعتْ أنفاسي ، ورضيتُ لكم التصوير مهنة ، إنتابتْ السائحة الأجنبية نوبة ضحكٍ هستيريّ . وظلّتْ تضحك ، إلى أن أُغمي عليها ، وسقطت على ارض الباب الشرقي المقدسّة ، مغشيّاً عليها من الدهشة . هُنا أصابني الرعب ، وقلتُ لنفسي : وِلَك شسوّيتْ ؟ أكيد راح " تنلاص " عليك يا وَلَد . النظام ثوري – يساري – ليبرالي – ديالكتيكي – تناحري . وهذه سائحة أجنبية ميتّة على نفسها من الضحك بسببك . وأكيد ستكون هذه فرصة مناسبة لـ " الثوار " ، لشنقكَ ، وتعليق جثّتكَ ( بدون الكاميرا طبعاً ) ، على احد أعمدة ساحة التحرير . وهكذا قرّرتُ أن أولّي منها فرارا ، بعد ان امتلأتُ من فقدانها الوعي رعبا . ولا تزالُ يا أحبّتي الجنود ، صورة هذه السيدة معي إلى هذه اللحظة المباركة ، بعد ان خصَمَ صاحب " الأستوديو " الجَشِع كلفتها من حسابي . جبناها على الأستعمار العثماني ، اللي نِعَل والِد والدينا .. وما علّمنا نحجي تُركي . و على الأستعمار البريطاني ،اللي لِعَبْ بينا " شاطي باطي ".. وما علّمنا نحجي إنكَليزي. وعلى " الأستعمارات " المتعددة اللغات واللهجات ، اللي راح تجينا حتماً ، بفضل قياداتنا " الفلتة " .. واللي ماكو داعي نتعلّم أي لغة منها أصلاً .. لأن " طشّارنا " راح يصير " ماله والي " .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عصرُ النبوّاتِ .. ولّى
-
مطرقة الرئيس أوباما .. والمشاكل التي ليست مسامير
-
تمثالٌ .. لأمّي
-
عشائر .. عشاير
-
ِأمثليّة باريتو .. ومتلازمة الفساد وانعدام الكفاءة في الدولة
...
-
أميرتي الصغيرة .. التي تقرأ الأقتصاد
-
امتحانات الطلبة .. وامتحان المصير
-
لأنَ هُناك الكثير من الأشياء
-
في أحد الأيام
-
بغداد .. شيءٌ من تاريخ السُلطة ، و تاريخ الرجال
-
أعيشُ طوال اليوم
-
في هذا البلد الفارغ
-
العُطَل العظيمة .. في العراق العظيم
-
عطلة .. ورة .. عطلة
-
عن هذا الحِداد .. الطويل الأجل
-
بعد خراب الموصل ، وغيرها .. وقبل خراب المدن ، التي لم تُخَرّ
...
-
قُبْلَة
-
في هذه المدينة التي بلا قلب
-
1 آيار .. 2 آيار
-
الأشياءُ .. وما تستحّق
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|