الجامعة العربية والمصالحة الوطنية

زيد كامل الكوار

الحوار المتمدن-العدد: 4844 - 2015 / 6 / 21 - 15:03
المحور: المجتمع المدني
    

من المؤسف بمكان ابتعاد العراق عن حاضنته العربية ، طيلة عهد الحكومة السابقة ، نتيجة السياسات المتشنجة التي تعتمد افتعال الأزمات داخليا وخارجيا ، فالخلافات المستمرة التي اتسعت رقعتها بين العراق من جهة ، و دول الخليج العربي والمنطقة العربية بصورة عامة ، كل هذه الأزمات تركت العراق معزولا عن المحيط العربي ، وليس حال المحيط الإقليمي بأفضل حالا منه عربيا ، فالعلاقة مع تركيا اللاعب المهم إقليميا ودوليا ، حيث أصبح لتركيا دورا دوليا مؤثرا في المنطقة والعالم كما هو دور إيران ، وظهر ذلك التأثير للدور العربي جليا في الخلاف الدائر في سوريا منذ خمس سنوات تقريبا ، فالكل يعلم أن إدامة التوتر في سوريا ، ما كان ليستمر لولا إرادة تركيا ودول الخليج ، وما ذاك إلا بسبب العلاقة السيئة بين نظام الأسد والدول المذكورة آنفا ، فالكوارث في سوريا ، ما هي إلا نتيجة التأثير الخارجي الذي يعزز ويعضد التوتر الطائفي نظرا لتقاطع المصالح الإستراتيجية لدول الغرب الكبيرة المسيطرة على مقدرات المنطقة بصورة عامة ، الأمر الذي يجعلها مخولة ماديا ومعنويا بالتدخل في شؤون المنطقة ، ولا نذكر هنا ما أعده مورفينا مخدرا للشعوب العربية من استقلال القرار السياسي المزعوم ، الذي تتبجح به الحكومات العربية بلا استثناء ، فالدول العربية مستقلة شكليا ومعنويا فقط في حين لا تجرؤ دولة منها على اتخاذ قرار يتقاطع مع مصالح أمريكا والسوق الأوربية من دون موافقة مباشرة أو بصورة غير مباشرة عن طريق التلميح أو التورية في بعض الأحيان ، ولا يخفى على أحد دور السفير الأمريكي في تمشية الكثير من القرارات العربية . ومع هذه السلبية العربية المؤسفة إلا أن دور الدول العربية وتأثيرها في الشأن العراقي أمر لا ينكره عاقل ، و ما حدث بعد سقوط مدينة الموصل المدوي ، وتسلم حكومة العبادي ، مقاليد الحكم وتشكيل حكومته المتوازنة مبدئيا على وفق وثيقة الاتفاق السياسي التي حسنت وتعد بالتحسن شيئا فشيئا ، والتحرك النشط والسريع من قبل السيد العبادي ، في انفتاحه غير المشروط على المحيط العربي ، ولا يخفى التأثير الإيجابي للمحيط العربي في حشد الدعم الدولي لمساندة ومساعدة العراق في حربه ضد داعش ، وما مشاركة الطيران الحربي العربي ، في الحرب ضد داعش إلا دليل أكيد على حرص العرب على التخلص من داعش ، لأنه وبلا شك يهدد المنطقة بأجمعها وليس العراق وحده . ولو تسنى للمحيط العربي والجامعة العربية التدخل الودي والدبلوماسي في العراق إبان الحقبة السابقة لما وصل الحال إلى ما هو عليه الآن ، فالتأريخ القريب يشهد للجامعة العربية بإيجابية دورها في المصالحة الوطنية في المجتمعات العربية التي شهدت أحداثا ومشاكل كالتي حدثت وتحدث في العراق فمؤتمر الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية ، والاتفاق الذي وفق بين أقطاب السلطة الفلسطينية ، وغيرها من المشاكل التي أسهمت الجامعة العربية في حلها كالحرب الأهلية السودانية ، وبالمجمل فجامعة الدول العربية تمتلك من الخبرة في حل نزاعات كهذه ، ما يؤهلها لأن تكون عنصرا فاعلا ومؤثرا ، في تحقيق مصالحة وطنية عراقية حقيقية ، إذا ما صدقت النيات و توفر الدعم الحكومي العراقي ، ومؤازرة وتضامن الرموز المدنية في المجتمع العراقي . كل هذه العوامل يجب توافرها وتوافر الساعين إلى تحقيقها ، بأسرع وقت ممكن تلافيا لما قد يحدث من مفاجآت غير متوقعة تعرقل أو تعيق كليا تحقيق المصالحة الوطنية لا سمح الله .

#زيد_كامل_الكوار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات