|
ماذا في جرار كهرمانة . !!!!! ؟ .
خليل الفخري
الحوار المتمدن-العدد: 4843 - 2015 / 6 / 20 - 19:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ماذا في جرار كهرمانة . !!! ؟ ان البيئة عامل رئيسي و أساس في صناعة الميثلوجيا ؛ اذ أنها بيئة تتكيف و تذوب في خصائص الوسط الذي تنتمي اليه و عنه صدرت . وقد يكون هذا الوسط في بعض مراحله طوطميا ، و وثنيا بسبب هجينيته ، فهو مجتمع خليط بطبيعة الحال ، تتعدد فيه الشرائح الى حد انها تشكل اسقاطا اسطوريا على تلك البيئة المتكيفة ؛ وان كان لم يأت عبر موقف ميثلوجي مسبق . انّ تكيّف الحياة و سائر الأديان حيثما أوغلت في انقطاعها عن تربتها الأم بعض الشئ ، و انتمت بسبب هجرتها الى مناطق سلطة جديدة ؛ مع الواقع المحلّي و اليومي ؛ بما في ذلك دخول الطقوس و بعض التعاويذ حتى الوثنية منها اليها لتكون قريبة من نمط أفق و تفكير وحتى احاسيس تلك الجماعات المحلية . فقد لجأت الذاكرة الشعبية عبر مراحل التاريخ و تطوره الى توظيف الميثلوجيا كأداة للتعبير عن موقف احتجاجي و نقدي رافض ، يتحاشى الصدام في نغمته حتى في أشد المواقف و الحالات عنفا و قسوة ، مع ميل للدعابة و الطرفة بهدف التخفيف عن وجعه و شدّه بهدف التواصل معها ، و لفت انتباهه نحو أهمية مساهمته الصورة المطلوبة و الدور الفاعل مع التعايش مع الأسطورة كموقف حياتي ثابت يعتمد الأسلوب النقدي بلغة شفّافة لا تخدش نسيج القلب و العاطفة . لم تبتعد الميثلوجيا يوما عن بيئتها ، حين حاكت الواقع بما يساعد على التخفيف من حدّة أوجاعها و اعادة صياغته بما يخدم و يلائم تدفق الدماء في عروق الحياة و العمل على استمرارينها . من هنا فقد كانت الميثلوجيا و الأساطير الشعبية و الحكايا لصيقة بحياتهم الى حد أنها اقتربت من جمهورها لأنه هو المتلقي لفلسفتها و المتفاعل معها مسرحا و اعلاما . و قد نجحت في ذلك الى حدّ بعيد حين أحسنت في اختيار مفردات لغة خطابها مستخدمة الرمز أحيانا بهدف الوصول للغرض الجوهر وهو هدف الأسطورة . و لعل قهرمانة وهو الأسم الحقيقي لها قبل ان يتخذ شكله الأخير كهرمانة لعذوبته و موسيقاه ؛ و جرارها الأربعين وما مخفيّ بداخل الجرار واحدة من تلك الأساطير . كان للصدفة دورها الأيجابي و الفاعل في صناعة الرفض و تقرير شكل الأحتجاج ؛ حين استفاقت كهرمانه على جلبة و ضوضاء و أصوات تختلط ببعضها ليلا ؛ فنظرت من شرفة غرفتها ؛ فأذا هي شرطة الخليفة في باحة الخان الذي يملكه أبوها لبيع السمن ؛ تبحث عن لصوص و سرّاق كانت تلاحقهم منذ فترة لجأوا الى الخان . أسرعت كهرمانة لتخبر أباها الذي اسرع الى الخان بحقيقة ما رأت ؛ كما انتبهت الى ان لصوصا يختبؤن داخل جرار السمن الفارغة وهي مركونة فوق عربة تجرّها الجياد بعد ملئها بالسمن صباحا ؛ لكن رؤوسهم ظلّت خارج الجرار لمراقبة المشهد . اختفت الرؤوس داخل الجرار حين اقتربت الأصوات منها . اذذاك أسرعت كهرمانة لصبّ الزيت الحار من قدور كانت مهيأة لملء الجرار بها قبل انطلاقها صوب المدينة فجرا . تعالت استغاثة اللصوص و ارتفع صراخهم بعد أن اكتووا بالسمن الحارّ ينصبّ فوق رؤوسهم . ألقت الشرطة القبض عليهم حين فاجأتهم بالجرم المشهود و هم متخفّون داخل جرار السمن . وفي العودة الى نصب كهرمانه و جرارها الأربعين عند مفرق الكرادة ، وهي تصبّ الزيت الحارّ فوق رؤوسهم ، للفنان الراحل محمد غني حكمت ، انما نستذكر حقيقة الأسطورة وما رمت اليه ، و ان اللصوص موجودون في كل زمان و مكان . ان لصوص كهرمانه في الميثلوجيا لم يسرقوا الاّ القليل و ربما لحاجتهم و اضطرارهم للبقاء احياء ؛ فلاحقتهم شرطة الخليفة و ألقت عليهم القبض و ساقتهم الى القضاء لمعاقبتهم . أما سراق اليوم و لصوصه من وزراء حاليين و من سبقهم في الدورتين السابقتين و رئيسهم السابق الذي تحول من بائع خواتم لا يملك حانوتا بل يفترش ارصفة السيدة زينب الى ملياردير و نواب سابقين و حاليين و موظفين و مسؤولين كبار ؛ فهؤلاء جميعا و كثيرون غيرهم سرقوا العراق كله و ثروة شعبه و رغيف الخبز من فم أطفال الفقراء و لم تلاحقهم شرطة الخليفة و قوانينه عرجاء لا تستطيع الوصول اليهم و النيل منهم . فلا القضاء ولا رأس السلطة ولا البرلمان ولا هيئة النزاهة ولا اية جهة اخرى طلعت علينا بخبر يعلن عن سجن أحد الحيتان وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى . ان المخجل و المؤلم في الأمر فأن النظام و السلطة هي حامية لهؤلاء ساندة لهم ؛ بل انها تذهب الى ابعد من ذلك ؛ حيث تسهّل لهم عملية هروبهم و تهريب الأموال المسروقة و هي دم العراقيين و خبز عيالهم . سرقوا و احتالوا و زوّروا كل شئ من اجل الفوز بغنيمة اكبر .. سرقوا جهد و تعب العراقيين الذين وضعوا ثقتهم و لللأسف بلصوص و قطاع طرق و محتالين و تركوهم يتلظّون بسعير فقرهم و عوزهم و لهيب نار الحاجة التي لا ترحم . شعب يعيش في الألفية الثالثة وهو يعيش وفي ظل قسوة الصيف اللاهب بلا كهرباء و يشرب الماء المالح و الملوث الممزوج بطفح المجاري و العراق يسبح بالنفط سبب فقر العراقيين و فيه يغرق . مدارس طينية افضل منها حتى مدارس الصومال هذا البلد الفقير ؛ لا مقاعد لجلوس الطلاب و لا شبكة مياه للشرب و دورات مياة صحيّه. يجلس صغارنا على الأرض الطينية المشبعة بمياه الأمطار في عزّ شتاء لا يرحم ؛ و غرف عارية شبابيكها من الزجاج كعري فقراء الطلاب و عوزهم .بطالة طالت ربع سكان العراق جلّهم من الشباب المتعلم و خريجي الجامعات . و فقر لا يسكن في الأهوار كما قال النوّاب ؛ بل ان حاجزه تعدّى 27% من مجموع سكان العراق . ان جرار كهرمانه لا يختبئ فيها لصوص و سرّاق اليوم من المسؤولين ومن بيدهم صناعة القرار ، بل يلعنون الجرار و كهرمانة و يبصقون حين يمرون بالصدفة من هناك ؛ ان لم يجلسوا فوق الجرار افتخارا بأن القانون في شغل شاغل عنهم . لقد أزكمت الأنوف روائح السرقات و ضجّ العالم بها و داخ ، و السلطة اسيرة عجزها و الشعب مازال في رقدته لم ينتفض على واقعه و لم يثأر و يعلم العصيان المدني ؛ لأنه و بدونه لن يتغير شئ و ستلد الحيتان الكبيرة حيتانا اخرى و ستكبر هذه و يستمر مسلسل السرقات . ازاء كل هذا العسف و الدمار الذي لفّ العراق و شمل بقسوته العراقيين حتى حوّل حياتهم الى سلسلة من الاحزان لا تنفصم عراها ؛ و رغم مسؤوليته المباشرة عن كل ما حصل و يحصل لأنه هو الذي جاء بهذه الظلفيات و جوقة الجهلة و الأميين و حاملي الوثائق و الشهادات المزورة و بعض النائبات التي تجلس كمومياء محنّطة أو كما قال الله العزيز في معجز كتابه ( خشب مسنّدة ) في البرلمان لا تمتلك مواصفات النائب ولا أداءه اضافة الى انها ترهق ميزانية الدولة التي تشكو من العجز و الأفلاس ؛ يقف الشعب حائرا لا يدري كيف يتصرف ؟ وماذا يفعل بعد ان وقع الفاس بالراس . لا يدري كيف و بأية وسيلة يستردّ الأموال المسروقة و يوقف هذا النزيف المستمر . لابد لهذا الشعب من ان يعمل على استرداد ما سرق منه ؛ لأنه بهذا المال يستطيع اعادة بناء ما دمّر من العراق وما خرب منه . ولكن ؛ و ليعلم الجميع ان العراق لن يستردّ عافيته و ينهض بين الشعوب المحبة للديمقراطية و السلام الاّ بكنس هذه الضفادع التي ملأت سماء العراق نقيقا دون فعل . كنس هذه الخراف من الواجهة ؛ و لكن ذلك لن يحصل الاّ من خلال العصيان المدني الذي يشارك فيه حتى الصغار ، فللصغار حقوقهم و احتياجاتهم ؛ لأجبار احزاب الأسلام السياسيو قياداتها المشاركة في عمليات السطو و النهب و اقتسام المغانم كحادثة سرقة مصرف الزوية التي لم يكشف المسؤولون ولا القضاء عمن يقف وراءها رغم ان أصابع الأتهام تؤش الى المجلس الأعلى للسرقة و السطو .. لابد من ازاحة قيادات الفساد عن الواجهة و تركيعها كي تفهم ان ساعة الحساب قد حان و عليها ان تترك مكانها لقوى الخير و الديمقراطية و السلام .
الناصريه – خليل الفخري
#خليل_الفخري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبو احسان ؛ يا جرحا راعفا ؛ سلاما . !!!!!!
-
الناصرية ؛ مدينة فقدت ذاكرتها ..!!!!!
-
عشق السومرية ؛ نكهة التاريخ !!!!!!!
-
حين يكون القائد و المسؤول ابنا بارا و فيّا لشعبه !!!
-
أينانا ؛ طائف الليل !!!
-
الحقائق المرّة !!!
-
الدولة المدنية الديمقراطية أو أللادولة . !!!
-
بشار بن برد ؛ قراءة خاطئة للسيد بدري الغزّي . !!!
-
الدكتور حيدر العبادي ؛ ليكن عيد ميلادك هو ما يجمع العراقيين
...
-
نوم مضطرب !!!
-
العراق ؛ ارتقاء مدمّر باتجاه مهيل الصخر . !!!
-
ذاك الطّاس و ذاك الحمّام ؛ عدنا كما بدأنا أول مرّة . ّّّّ!!!
-
فيروز ؛ وجع الحلاّج و أغنيته . !!!
-
هل نجد في التراث دواء لعلّتنا ؟ !!!
-
للّه العزّة في الأعالي ، وفي النّاس المسرّة ، و على الأرض ال
...
-
حكم الطائفة طريق يفضي الى العدم .!!!
-
صناعة الأصنام في العراق !!!
-
حكم الطائفة البغيض ؛ هو المسؤول عن الدم العراقي المراق !!!.
-
البطاقة التموينية هي الدّاء و العلّة . !!!
-
قصّة قصيره - في ىحم الليل يولد تاريخ البشرية
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|