خليل الفخري
الحوار المتمدن-العدد: 4707 - 2015 / 2 / 1 - 20:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غاب لمع الليل و حندسه حين أطبقت على الليل جفنين بأهداب كخيوطه ، ثمّ أطلقت آهة خجولة في اثرها تمتمة لم أتمكن من فكّ رموزها سالت كما العسل من بين شفتين كحبّة التوت البرّي ّشطرتها سكّين الربّ فتفرّدت لونا و شكلا و مذاقا ؛ عندما تسللت يدي اليسرى تلامس فخذيها في مداعبة خفيفة ، أغرتها في السياحة ، مساحات ناعمة ملساء تنزلق فوقها اليد صوب واد تلتقي عنده النار بالماء.
لا أدري ؛ أين أكون من العالم في لحظات كتلك ! ثمّة احساس واحد لا يفارقني ؛ هو أنّ العالم اللحظة في قبضتي ؛ حيث تحسّ يدي نعومة الرخام و طراوته . رخاما فيه روح هدّارة و دم ، و عيناي تمرقان كالسهم في الرمية ، ثوبها الزهريّ المفتوح على صدر عاجيّ به ضجّت الخليقة و كفرت . نضجت تفاحتاه و ضمّخت بعطرها أجواء غرفتها الصغيرة بعبق و عطر ربّانيّ غريب و لذيذ ، يثير في النفس اشتهاء كل لحظة و رغبة تتخطّى الحدود و القدرة ، حين مدّت يدها خلل فتحة ثوبها عند الصدر ؛ و رمت بوجهي مفتاح كنزيها ، أجمل ما وهب الله امرأة . حمّالة النهدين معروقة كانت ؛ كمن يستفزّ رجولتي ؛ قائلة : تمتّع من شميم عرار نجد ) . اليك جسدي ! شمّه ، و احضنه عند نومك قريبا من روحك و أنفك . و قل شيئا : فالكلمات و رغبة حبيسة كما اللغة أقرؤها في عينيك و على وجهك يتيمة تبحر ، و على شفتيك في يبس تقاوم . و قل شيئا لو أردت ! فلست كما تظن ؛ امرأة من ورق ! عاطفتها كلام على الورق ! امرأة حبيسة التقاليد و الرهبة منها كسيف فوق الرقبة . مزاجية ؛ تحبّ و تكره في لحظة ، على الورق . تحبّ الليل و به تأنس . و المطر و تحت مظلّته تمشي ؛ فحبّاته برد يطفئ حريق الروح و يخمد اللهب المتأجج فيها وفي العروق . انّ طينتي بماء المطرمعجونة ، وبه تتفتّح كما الزهرة لنور الشمس و الندى لخدّها .
أتذكّر أنك قلت مرّة لي ؛ انني امرأة ؛ تقتل و تحيي من زوايا عينيها ، و الكلمات تتألّق كنجوم السماء في ليل صحو على شفتيها . و الأسرار جند خلف قلاع تتحصّن . عندها أدركت و كنت قد اكتشفت ذلك قبلا ؛ بأنّك لا تطيل النظر فيهما . تخاف عينيّ ! تخاف ان تسقط في قبو ظلمتهما ؛ فتفضلّ الهرب قانعا و راضيا بالنتيجة ! ها أنت تهرب من شبّاك و ليس من باب دخلته بأذن و رغبة مني يوما . هل تعرف أنك مغرق في رومانسية تجاوزت ماهو مسموح به ! وهل لك ان تقاوم بروح العناد وقد أثقلتك السنوات و مشى بك العمر خببا ! و ماذا بعد ؟ وأنت جذع في الغربة ، و جذر يعضّ في ناصريتك على أرضه راضيا وهي يباس ، و روحك غربيل لا يحتفظ بدقيق عليه . و كيف تقاوم ؟ ومن أين لك اليد التي تمسك بكل الخيوط وانت ترفض اللعبة ! كلانا من عالم مشت به الأحداث و باعدت فانطفأ الزهو حتى في النفوس والى عتمة أحالها. و هل ماتزال فيك رغبة العناد متأصلة ؛ فتقاتل من أجلي ؟ ومن ستقاتل ؟! و أنت رجل سلم ؛ من أجل سومرية من حقول القمح أتت ؛ و بلون القمح تحلّت ؛ و على الضفاف و تحت جدائل الشمس تعرّت ، و للحقيقة نذرت نفسها و للحرية فتحت مغاليق روحها . فيروز ؛ يا أنت يا واحة وسط صحراء العطش تهب الدنيا المحبة و تعلّم الخليقة عشق الآرض ؛ كيف لا أقاتل وأنا أرى وطني الحبيب بضاعة يباع في علب الليل و في المكاتب الوثيرة تؤثث من كدح الفقراء ومن عرقهم !!! كيف لا أقاتل وانا ارى الدين زورقا لعبور الليل ؛ باسم الدين نباع و نشرى ، و بنا يتاجر المعممون و علينا يكذبون . ومن لحمنا يأكلون و نحن راضون ، كمن لنهايته يستسلم . كلاّ ، كلاّ ، ثم ألف كلاّ ز لن أرمي سلاحي أبدا . يا ذئابا فتكت بالناس آلاف القرون ؛ اتركيني أنا و الدين ، فما أنت و ديني ؛ أمن الله قد استحصلت صكا في شؤوني ؟ لن أستسلم ، مادام بي بقية من رمق ، ولن ألقي سلاحي !!! ولكن من أين لك سلاح تدّعيه ، و به تقاتل !!! سلاحي يا فانيتي ؛ هو معي حتى عندما أخلد للنوم . انه قلمي و ذاكرتي ، وهما أمضّ سلاحا وأشدّ فتكا . صوتي و أصوات الخيّرين من عراقنا المستباح اذا تعالت سترعب كل السرّاق و اللصوص و المرتشين و ناهبي المال العام و المفسدين و المتاجرين كذبا و بهتانا بالدين ؛ سنكون عليهم كما قال الجواهري الكبير :
أنا حتفهم ألج البيوت عليهم أغري الوليد بشتمهم و الحاجبا
ولكن ؛ فيروز ؛ سأحكي شجنا . كان العراق منذ اللحظة التي تشكّل الحكم الملكي فيها ، ومن ثم جاءت ثورة الرابع عشر من تموز لتفجرّ الوعي الثوريّ في نفوس مواطنيه و تصقل موهبتهم الثورية ، و تعلّمهم ان طريق النضال وان كان مرّا و صعبا ، لكنه هو المعّول عليه لتحقيق طموحات الشعب و تثبيت ارادته ، وقد علّمنا التاريخ ان الحقوق تؤخذ عنوة ولا تعطى . وقد استبشر الجميع بعد سقوط نظام المقبور صدام بأن الديمقراطية سوف تزيح عن كاهل الشعب الذي هدّته المحن و زادت الأوجاع فيه عبء النضال الصعب المرير ؛ لأن صناديق الأقتراع هي من يتكفّل بذلك ز ولكن الصدمة جاءت هذه المرّة قاتلة مميتة من الشعب الذي توسّمنا الخير فيه وعليه راهنّا ؛ دون علم منّا انه قد انكفأ و أدار ظهره للخير و للمستقبل و الحياة .
ان تسجيل ما يدور حولنا اليوم من معاناة تركت بصماتها حادّة على حياة الفرد تشكّل مستقبلا جزءا ضئيلا من خزين مرجعي سياسي بمرور الزمن ، لأن الفكر السياسيفي العراق لن ينموو يتطوّر و ينضج مالم يتكون خزين مرجعي صادق و محلل للأحداث ، نقول هذا لأن المجتمع العراقي عامة ، لم يزل ى يمتلك الخزين المناسب ليتمكن من تفعيله و الأعتماد عليه ، ليتمكن من احداث النقلة المطلوبةنحو الحداثة ، حيث يتمتّع المواطن بحقوق الأنسان .
فالمجتمع العراقي لم يزل تقليديا في مرجعياته ، و مواقفه من الوجود ، و أغلبه غارق في غيبيات و أساطير فات زمانها ، و أصبحت تؤلف معوّقا فكريا فعّالا يمنعه من مواجهة متطلّبات الحداثة ، و قبولها و التكيّف معها و تنميتها و انضاجها و ابتكار الجديد منها . هذا مالم يقدم الكثير من المفكرين و يساهموا في تكوين خزين مرجعي سياسي لكي يستطيع الأنسان العراقي الرجوع اليه بهدف الدراسة والتحليل و النقد الموضوعي الجرئ ، و ينبني بالتالي على ذلك خزين مرجعي لفكر سياسيمعاصر مع ممارسة متفاعلة مع هذه المرجعية .
وبدلا من ان يبقى الفرد العراقي في معيش مفعم بتخيلات الماضي ، و يجتر أحداثها بصيغ غالبها مشوّه ، لذا سوف يتمكن من بناء حاضر معاصر ، و ستبقى مساعي القلّة من الأفراد معوّقة و مثبطة .
من أجل هذا لن أدير ظهري لما يحدث ولن أترك الساحة التي زرعت في أرضها قدميّ الصغيرتين قبل عقود و دفعت ماقدرت عليه دون مساومة ولا ضعف مادام نفس يملاْ رئتيّ و دم حار يغذّي عروقي .
أنا لا أثقل على جروحي كما تظنين فالعراقيون جروح ، ولن يهدأ هذا الخافق المتعب يوما حتى يرى الفرد العراقي وقد صحا وامتلك وعيه و اختار الشريف النزيه الجرئ الذي يذبّ عنه و يذود واذا ما سكت المواطن فنائبه يجيب ؛ لا ان يرهن نفسه و يبيع ضميره لقاء قطعة أرض على ورق لا مساس لها ولا أساس على ارض الواقع ، وبذاك يكون قد تخلّى عن موقفه الملتزم و نصرة جاره الجائع العاري . كما تخلى الأوائل عن نصرة الحسين عليه السلام يوم الطفّ و اكتفوا اليوم بجلد ذواتهم تذكيرا بتقاعسهم و بيع ضمائرهم للباطل .
لن أيأس فمازالت في الدرب بقية ؛ وفي الكلام قول قائل .
الناصريه – خليل الفخري
#خليل_الفخري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟