|
حكايات من التراث
خليل الفخري
الحوار المتمدن-العدد: 4552 - 2014 / 8 / 23 - 18:54
المحور:
الادب والفن
تعتزّ أمم العالم و شعوبه بتراثها و ثقافاتها التي ورثتها عن الجدود و الآباء و كرّستها كقيم حضاريه ترجه اليها دوما خلال مسيرتها وتعمل على تنشئة الصغار وفقا لتلك التجارب الغنية التي عاشها الأوائل و بها أغنوا الحياة و رفدوها بهذا الكمّ الهائل من الخبرة و التجارب ؛ الاّنا نحن في عالمنا العربي ، وفي عراقنا الذي ابتلاه الله تعالى بالجهلة والأميين الذين تسيّدوا المشهد السياسي و أداروا عجلة البلاد وفقا لبوصلة جهلهم و اتجاهاتها ، فأداروا ظهورهم لكل ماهو انسانيّ و حضاري و انحصرت جلّ اهتماماتهم و كلّ طموحاتهم في الكسب السريع و الفوز بالمنافع ولو على حساب آدمية الأنسان الذي دفع بهم الى الواجهة وعلى حساب شخصيتهم و كرامتهم ان كانت لهم كرامة و حسّ بها . ونحن وضمن هذا الخراب الذي نعيش لا نلوم تلك الظلفيات بقدر ما نلوم وبالدرجة الأولى و بشدّة المواطن الذي يجهل عواقب فعلته عندما أدلى و للمرّة الثالثة لؤلاء الذين يجنحون بالوطن وهو مثقل بالجراح صوب المجهول . انّ التيارات الدينية و أحزابها هي المسؤولة اولا و اخيرا عن تعميق الصراعات و حالة الأحتراب بين المواطنين ابناء هذا الشعب عندما ابرزت اهتماماتها بمصالحها الضيقة و تأمين الضمانات المستقبلية لها كي تحظى مجددا بموقع يليق بها ، ولعل أوجع ما تؤاخذ عليه و يشكّل ادانة لها ، حين سمحت للصفويين و دولة الملالي ان ترسم المشهد السياسي العراقي و تقوده وفقا لما يحقق لها المكاسب التي تريد و الدور الأقليمي الذي يجعل منها لاعبا أساسيا في الساحة و يجعل من العراق بيدقا في اللعب عليه و تابعا يدور في دولاب دولة الفقيه . نحن في العرق أضعنا الخيط و العصفور . ففي ظلّ النظام الملكي كان العراقيون ينعمون بالأمن و الأمان وكان رغيف عيالهم سهل الحصول عليه ؛ وفي ظلّ حكومة ثورة الرابع عشر من تموز قفز العراقيون في مجال الديمقراطية و العيش الكريم و فرص العمل الوفيرة و المساواة بين الجميع ، والمرأة التي دخلت الوزارة لأول مرّة ليس في العراق فقط ، وانما على نطاق الوطن العربي الذي لم يعتد على ذلك من قبل ، لكننا و بسبب التناحر السياسي و نزعة الغلبة و الفوز بالنصيب الأكبر خسرنا كلّ شيئ ، و أضعنا كلّ شيئ ؛ و لو اننا اتعظنا بالموروث و عالجنا مافيه لخدمة بناء أم’ و دولة لما وصلنا الى هذه الحال من التردّي و الأفق مجهول المعالم . ففي التراث مساحات للعفو وسماع رأي العقل و انصاف الخصم ان كان على حق ! فأين نحن من كل ما مرّت بالعراق من حضارات ومن ثقافات ، المؤسف أنه لم يبق من كل ذاك سوى سياسة القتل على الهوية الطائفية التي يتبرأ الرّب منها و يحاسب مرتكبيها ، و العنف الذي دخل البيوت حتى من سقوفها و جدرانها . ولعل في هذه الحكايات من تراثنا ما يبلّ الريق و يردّ النهم لدى البعض . دعاني من هو خير منك حجّ الحجاج بن يوسف الثقفي ، فنزل ببعض المياه ، و دعا بالغداء 1 ، فقال لحاجبه : انظر من يتغدّى معي و أسأله عن بعض الأمر ! فنظر الحاجب 2 فاْذا هو بأعرابي نائم بين شملتين من شعر ، فضربه برجليه ، و قال : ائت الحجاج ، فأتاه ، فقال له الحجاج : اغسل يدك و تغدّ معي ، قال : انه دعاني من هو خير منك فأجبته ، قال الحجّاج : من الذي دعاك ؟ قال : الله – تعالى – دعاني للصوم فصمت ، قال : في هذا اليوم الحارّ ! قال : صمت ليوم أحرّ منه ؛ قال : فأفطر و تصوم غدا ، قال الأعرابي : ان ضمنت لي البقاء الى الغد ! قال الحجّاج : ليس ذلك اليّ . قال الأعرابي : كيف تسألني عاجلا بآجل لا تقدر عليه ؟ قال له الحجّاج : انّه طعام طيّب . قال الأعرابي : انك لم تطيّبه ولا الخبّاز ، و لكن طيّبته العافية !!! 1- الغداء - وجبة الظهيرة 2- الحاجب – البوّاب ذكاء أعرابية اشتدّ العطش بأعرابيّ في الصحراء ، و أحسّ أنّه اذا تقدّم خطوة أخرى مات ، و نظر فرأى قريبا منه كوخا ، فأتّجه اليه ، و طلب الماء ، فقدّمت له فتاة كوبا باردا من الماء ، و لكنّها وضعت عليه بعض القش ّ، فأخذ الرجل ينحّي القشّ و يشرب في هدوء ، ثم قال لها : من يقدّم خيرا يجعله نقيّا خالصا . فلماذا وضعت القشّ في الماء ؟ قالت الفتاة : رأيتك ظمآن ، ولو وجدت الماء نقيا لشربته دفعة واحدة ، فتصاب بسوء . فشكر لها الرجل حسن تدبيرها و انصرف .
الناصريه – خليل الفخري
#خليل_الفخري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا سيقول الأجداد في الأحفاد لو عادوا إإإ
-
لن يبقى من العراق سوى الحجارة ، ان استمرّ الحال !!!
-
فيروز !!! تداعيات أعياد الميلاد 2013 و العراق ينأى !!!
-
حريق العراق ؛ سوف يلتهم الجميع . !!!
-
سيندم الجميع و لات ساعة مندم !!!
-
فيروز ليل الترقب و الصمت بين الرغبة و التشهي
-
العراقيون أمام خيارين ، انتظار المهدي المنتظر أو العمل من أج
...
-
العراق ، خطوتان الى الوراء و خطوة ثالثة الى الوراء كذلك !!!
-
ابو سميه ، عينه على الدالنوب و قلبه في العراق .
-
أمّي
-
حتى لا ننفخ في رماد ... !!!
-
حتى لا ننفخ في رماد
-
قيسُ بن سعد بن عبادةَ الانصاري !!!
-
فيروز ، مع الرعاة جئتُ أغنيك !!!
-
فيروز -;- عند شُبّاكها يسهرُ الليلُ !!!
-
فيروز ، شقائق النعمان و حاوية العسل !!!
-
لقد سُرقنا مرتين .!!!! حذارِ من القادم !!!!!
-
صائد جرذان مستشاراً للمالكي .!!! العراق الى اين؟.
-
نوري المالكي و عبدالسلام عارف وجهان لعملة واحدة !!!
-
فيروز ...!! ساقية الورد والنبع الذي لن يجفّ !!!
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|