خليل الفخري
الحوار المتمدن-العدد: 4748 - 2015 / 3 / 14 - 21:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ق ارتقاء مدمّر با تجاه مهيل الصخر . !!!
الوضع في العراق كارثيّ ، ينبئ عن زلزال يهدّ أركانه ، و يقوّض سيادته .و مستقبل الوطن في حالة كهذه و المواطن اذا مااستمرت الحال على ما هي عليه اليوم على كفّ عفريت .
لا اريد بهذه المقدمة ان اثير المخاوف ؛ قدر ما اريد التنبيه لمسار الأوضاع و مستوى الأنحدار الذي آلت اليه الأمور . الفوضى تؤشر الى غياب سلطة الدولة وانحسار ظلّها على الساحة ، فهي تضرب أطنابها في كلّ جهة و صوب . و ارهاب زمر داعش المنفلتة اذا ما قيس بأرهاب ميليشيات تكاثرت كما البكتريا ، تحمل ألوانا و شعارات يحار المرء معها في تحديد هويّتها ، و معرفة الجهات الداعمة و الساندة لها ، و مدى العمق الذي وصلت اليه يدّ دول الجوار في تحريكها كالدمى ؛ انما هي أشدّ فتكا و ايلاما مما يدعيه الساسة و الأعلام الرسمي بأرهاب داعش . و الفارق بين نوعين من القتل ؛ داعش و الميليشيات ؛ هو أنّ الأولى لا تختار ضحاياها ، بقدر ما تحرّكها شهوة القتل و التفنن فيه ، و اثارة الرعب في النفوس ، و منظر الدم البرئ يسيل دونما ذنب و سبب ، و رغبة في ايصال رسائل للعالم ؛ انها قوة على الأرض . أمّا الأخرى فتمارس القتل على الهوية و تختار ضحاياها من لون واحد ، ومن فئة و طائفة واحدة لغرض احداث تغيير ديموغرافي و واقع جديد على الأرض . وفي النهاية ترحيل من بقي يعض النواجذ على الأرض التي رعت طفولنه و صباه و شيخوخته ؛ الى حيث لا يحدث تواجدهم فيه خللا في البناء الديموغرافي . يحدث كل هذا في وقت تعجز الحكومة فيه تأمين قدر من الحماية اللازمة لمواطنيها وهي المطالبة قانونا و ضمنا بتأمينها وفي ذلك استعادة لسلطتها و هيبتها ، كما تتوفر لها الفرصة لأتخاذ قرارات بالأستناد الى شعبها و الأرتكاز عليه تصب في تحجيم دور الميليشيات و من ثمّ تصفيتها ، عبر حصر السلاح بيد الدولة ، و العمل على بناء دولة المؤسسات ، و تصفية كل الركائز المشبوهة و الجيوب التي تعيق بناء الديمقراطية و تمتين قواعدها ، و ارساء دعائم الحكم بعيدا عن التقاطعات وفقها .
انّ لبننة العراق ، هو ما تسعى اليه الأحزاب الدينية بكل تلاوينها ، قبل غيرها والتي تصب نهاية الأمر في مشروع تقسيم العراق ؛ وهو المشروع الذي عمل على تنفيذه السيد عبد العزيز الحكيم ؛ مشروع الفدرلة و الأقاليم التي ستلحق بأ يران لتكون جزءا منها حين تنضج الطبخة ، و يتهيأ لها المناخ المناسب للأعلان عنها .
انّ احجام المالكي خلال ولايتين ، و رفضه أحيانا و تردده أخرى في ضرورة تنمية المحافضات و بخاصة البصرة و هي المتفضلة على العراق و سلّة غذائه ؛ و الأبقاء عليها تعيش حالة من التردّي و التخلف وهي وجه العراق و رئته ، ومن خلالها يطل على الخليج و العالم ؛ تستجدي الكهرباء و الماء الصالح للشرب ، يبحث شبابها العاطل وهم مئات الألوف عن فرص للعمل منذ سنوات ؛ اضافة الى رفضه ان تكون العاصمة الأقتصادية للعراق ؛ كذلك تعطيل المشاريع ذات المردود الأقتصادي الذي يدرّ عائدات توازي ما يدرّه النفط للعراق ؛ وهو مشروع ميناء الفاو الكبير . كلّ هذا انما هو مؤشرات على فساد ضمير الحكومة و نفاقها و الأنكى هو كذبها على مواطنيها بخسّة و وقاحة ومن دون تحرّج ؛ و انها بسياستها هذه و نهجها انما تصبّ الزيت على نار كامنة تحت رماد الصبر الذي لن يمتدّ به الوقت ، و لن يطول و يستمرّ أكثر واذا ما تحرّك فسوف يعصف بكل ماحوله و يدمّر كل الرموز و الدمى .فهي ليس فقط لم تنجز وخلال السنوات العشر التي تصرّمت ما وعدت به جمهورها و ناخبيها ، و أولها محاربة الفساد و تصفية رموزه و القضاء على جيوبه و مسبباته ؛ فهي لم تقدّم سارقا واحدا ولا مرتش أو ناهبا للمال العام للقضاء ليشهد لها المواطن بصدقها ونفّذت ماوعدت و التزمت به ؛ بل ان ما يحزن السامع و القارئ انها جعلت من القضاء مطية لها و لأغراضها ، وهو المفروض ان ينأى بنفسه عن الفساد و عن الصراعات و رغبات المؤولين .
كان الجميع يأمل في الحكومة ان تمتدّ يدها ، وهي تمتلك السيولة الكافية لرصف الشوارع بالذهب و ليس الأسفلت ، لأعادة البنى التحتية التي خرّب معظمها من قبل الفئات الطفيلية و الناهبة للمال العام ليبقى العراق دوما و أبدا متخلّفا ، ومن دون قاعدة صناعية تدعم اقتصاده احادي الجانب ولم تعالج المشاكل التي تعصف بالشباب و تدفع بهم صوب الجنوح بسبب البطالة و الفقر . فالبطالة تجاوزت معدلاتها 25% من مجموع سكان العراق ؛ ينافسها الفقر في ذلك و يسبقها الى معدلات 30% ( تلك احصائيات وزارة التخطيط العراقية ) ، و أمام كل هذا يجد الدكتور حيدر العبادي نفسه أمام تركة كبيرة ورثها عن سلفه توشك أن تعصف به و تقضي على تاريخه السياسي ان لم يرتكز في تنفيذه للأصلاحات التي وعد بها المواطنوهو على القاعدة الواسعة التي ستصب في صالحها تلك الأصلاحات . فالرجل وهو من التكنوقراط ، ليبرالي النزعة ، يمتلك الرغبة في اصلاح ما أفسده سلفه المالكي ، و اصلاح و ترميم العلاقات التي تقطّعت اسبابها مع اطراف عديدة جراء النزعة الطائفية و المذهبية البغيضة التي اختطّها المالكي منهجا و اسلوبا له في حكمه الذي لم يكن يحلم به للعراق ، فقد كان جلّ طموحه ان يكون قائممقام طويريج مسقط رأسه .وهو في توجهه هذا سيصطدم دون ادنى شك بمعارضة شديدة ليس من الأحزاب و التيارات الدينية داخل و خارج الحكومة ، بل من قيادة حزب الدعوة ؛ هذا اذا ما علمنا أن الرجل خرج من عباءة حزب الدعوة وان تلك الجماعات لا ترغب بنزعة الأصلاح التي اختطها لأن فيها نهايتها و فقدانها لمصادر التمويل التي تدر عليها أموالا و ثروة خيالية ؛ فهي تطبق فلسفة المقبور صدام ؛( اذا شبع العراقي فسوف يتوجه للسياسة ومن خلالها يرسم مستقبله ؛ و لكي نتجنّب وجع الدماغ يجب العمل على ابقائه مكدودا ، جائعا ، مغلوبا على أمره دوما ) لأن العراقي و بحسب وجهة النظر تلك ، اذا ما شبع و اطمأن ّ لغده و مستقبل عياله فأنّه سيعمل و بكل قدراته و أساليب نضاله التي اشتهر بها و عرفته شعوب العالم على كنس تلك الزعامات الكاذبة و المنافقة التي تفتقر الى المصداقية و الحسّ الوطني الصادق و النزعة الأنسانية .
الدكتور العبادي مضروب على يده ؛ فهو مشلول القدرات ، عاجز عن بلورة و اتخاذ قرارات جريئة باتجاه تصفية تركة المالكي التي لابد من محاسبته يوما ، من مافيات الفساد و الرشوة و نهب المال العام . وعليه لو فكّر العبادي يوما في تحدّيه لموقعه و واقعه و انتمائه ؛ و الخروج من تحت مظلّة حزب الدعوة و اتخاذ قرارات جريئة تنقذ العراق اولا من واقعه المتردّي ؛ و تصفية الجيوب التي تعمل لحساب دول الجوار ؛ قرارات تخدم شريحة الفقراء و المسحوقين و تنهض بالواقع الخدمي المدمّر ؛ فمعنى ذلك انه سيجد نفسه فجأة أمام خصوم شرسين ، نزعوا حياءهم و تجرّدوا عن كراماتهم و قيمهم ان كانت لهم قيم و اعتبارات يؤمنون بها و مثل يعتزون بها ؛ و سوف يعمل الخصوم وحتى بعض الأصدقاء على ازاحته و اقصائه عن الواجهة بالضربة القاضية ، بداية بتجريده من جميع صلاحياته وذلك بشلّقدراته و عدم التعاون معه بغرض احراجه امام مواطنيه و جمهوره و صولا الى اسقاطه سياسيا . لذلك أقول ؛ ليس أمام العراقيين من حلّ و لغة بها يخاطبون تلك الظلفيات سوى اللجوء الى الشارع و الأحتكام اليه في معركته وتلك وصفة جرّبها التونسيون و المصريون ولا ننسى السوريين الأبطال الذين يريقون دمهم من أجل قضيتهم العادلة التي ستنتصر يوما رغم ارادة قوى الشرّ .وهم بهذا انما يدعمون موقف الدكتور العبادي ، كما انه يجد فيهم متكئا و حائطا يتسنّد اليه في معركته الطويلة تلك . أعود فأقول ؛ ان العراقيين بلجوئهم الى الشارع لا يكتشفون مخرجا يحتا ج الى تجريب و تأكيد لأثبات فاعليته انما هم بذلك يقتفون خطى من سبقهم من الشعوب العربية و تجربة الشعب التونسي الشقيق مع حزب النهضة الأسلامي ليست ببعيدة ، فماتزال عالقة بالذاكرة لقربها ؛ حيث توصل التونسيون وبفضل ارادة لا تعرف التراجع ولا المساومة الى اقصاء حزب النهضة عن السلطة حيث تخلّت عبر صناديق الأقتراع لصالح الليبراليين و العلمانيين في انتخابات رئيس الجمهورية و البرلمان الذي حقق انجازا تاريخيا على صعيد الوطن العربي حين أصدر قانون الأحوال المدنية الذي ساوى فيه المرأة بالرجل في الحقوق و الواجبات ؛ وتلك بادرة جريئة يقدم عليها برلمان عربي في مثل هذه الظروف الصعبة ذات المنعطفات الحادة التي لا تخلو من خطورة ، لكن الأرتهان الى الشعب و الأعتماد عليه يفوّت الفرص على أعداء الديمقراطية و التقدّم .. كذلك المصريون يوم اصطفوا وراء الرئيس عبد الفتاح السيسي و اسقطوا الى غير رجعة حكم الأخوان المنغلق و غدرهم و سوءاتهم ؛ فمتى يخطو العراقيون صوب هذه الخطوة التي ستختصر عليهم معاناتهم و تمسح الكثيى من عذاباتهم فقد بلغ السيل الزبى لو علموا .
الناصريه – خليل الفخري
#خليل_الفخري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟