خليل الفخري
الحوار المتمدن-العدد: 4835 - 2015 / 6 / 12 - 23:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ألناصرية ؛ مدينة فقدت ذاكرتها . !!!
بأمر من الوالي العثماني على العراق مدحت باشا وضعت في العام 1868 على كتف الفرات اليسرى أول طابوقة في معمار مدينة الناصرية ، في منخفض يسهل اغراقها بأحداث كسرة عند الضرورة فيه لما سببته من أوجاع و صداع للباب العالي في الأستانة ، فكان هذا الأجراء . فهي مدينة عصية على الأنقياد و المطاوعة ، ولا غرابة في الأمر حين تنبّه المقبور صدام لذلك فأ طلق عليها ( الشجرة الخبيثة ) ؛ فهي ليست كباقي المدن لم تضنّ بأبنائها أو تبخل بهم و صولا لقضيتها . فقد كانت تدفع بهم الى الحتوف زرافات و فرادى .
منذ ذلك التاريخ الذي أشرف فيه ناصر باشا على بنائها ، و أسبغ اسمه عليها و هي تعاني قسوة الأهمال المتعمد و شدّة البطش بأبنائها ابتداء من الحكم الوطني مطلع العشرينيات من القرن الماضي ؛ مرورا بفترات حكم العفالقة و فرسان العروبة ؛ باستثناء السنوات التي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة التي عاشها العراق في ظل قيادة الزعيم الراحل الشهيد عبد الكريم قاسم ؛ حيث أقامت حكومة الثورة فيها مصنعا للأسلاك الكهربائية و آخر للصوف و الألمنيوم و دور لأسكان صغار الموظفين و ذوي الدخل المحدود و أمر بأن يمر الخط العريض بأهوار الناصرية . و بمجئ انقلابي البعث و القوميين اللا عرب تدهورت البنى التحتية فيها انتقاما وعن قصد و تعمد و كان هذا امتدادا لفترة الحكم الملكي .
ورثت المدينة كغيرها من مدن العراق آثارا و معالم كانت واجهة حضارية لها على امتداد عقود من الزمن و معلما به تميزت ؛ ظلت محتفظة بها حتى في احلك الفترات التي مرّت من تاريخها وكأنها أولادها و بنيها .
يتذكر أبناء المدينة بحسرة آثارها تلك التي أتى عليها الهمج و المتخلفون عن الركب الحضاري و عديمو الذوق و الساعون وراء السرقة والنهب ، يتذكرون بألم و مرارة جامع فالح و ثكنة الخيالة و قريبا منها – الحمره – خزان الماء الذي ترتوي المدينة منه آنذاك و سراي المدينة الأثري و بنايات البريد و المكتبة العامة و البلدية بريازتها التي جمعت بين القديم و الجديد و سينما الأندلس الشتوي التي كانت وقت بنائها في اربعينيات القرن الماضي درّة المدينة و ألقها الباهر حيث جمعت بين الطراز الغوطي و الريازة
العربية في البناء . ، يضاف الى كل هذا الكم الذي دمّره السوقة ، أبنية السوق الكبير و سوق الحبوب – السيف - . كل هذا شكل تراث المدينة و صرحا به تتباهى و ارثا للقادم من الأجيال .
كانت الفاجعة التي نزلت كالفأس فوق قحفتنا ؛ هو امتداد يد التخريب و التدمير الى تلك المعالم و ازالتها و تسويتها بالأرض و كأنها بوجودها كانت تجثم فوق صدورهم ؛ أو ثمة عداء بينها وبين الواقع المزري و الردئ.
انّ تذوق الفنون و طراز الأبنية و تحديث المدن والشوارع و الأكثار من المساحات الخضراء و زراعتها بالنخيل للأكثار منه بعد ان حصد النظام المقبور بآلته الهمجية رؤوسه و الجهلة من سياسيي الصدفة اليوم البقية منه ، و اعادة الحياة لضفاف الفرات الحزين و ازالة تجاوزات الأحزاب الدينية على شطآنه و ضفافه .
ان التذوق ؛ انما هو ثقافة و تحضر و تربية ؛ ولكننا عاجزون ؛ فمن اين نأتي بكل هذا في ظل أوضاع تذكرنا ب سنوات – الفرهود – بسبب وجود جهلة و أميين و أفرادا لم يعوا بعد رسالتهم ، و كأن ليس في الحياة سوى البكاء النفاق و لطم على الصدور و الرؤوس و ضرب القامة المقرفة و الزنجيل وهي اشارات و دلائل على تخلفنا كأمة . تبا لهكذا أفكار و سلوكيات .
ليست الغرابة فيما حصل و يحصل و لكن الكارثة تكمن في صمت جيل الشباب المعول عليه في النهوض بالوطن و استلام زمام المبادرة من ايدي قطيع الجهلة و الغارقين في اللاهوت و انصرافه عما هو من صميم واجباته ، و كأن الأمر لا يعنيه من قريب أو من بعيد ، و انشغاله بأخلاقيات بعض السراق و تجار السياسة من بعض رجال الدين و زعاماتها ، فأنفق كل وقته في ممارسات غريبة عن الدين ولا تنتمي اليه . وكان المفروض بتلك الشريحة ان تقيم الدنيا ولا تقعدها و ان تستنفذ كل الوسائل المتاحة من أجل الحفاظ على هذا الأرث الذي يعتبر بحق ذاكرة الناصرية ؛ من الأحتجاجات و الأعتصامات و مقابلة المسؤولين ممن يتفهمون ماذا يعني مدينة بلا ذاكرة ، و حماية البنايات بدروع بشرية ، بل اين دور منظمات المجتمع المدني ؟ و الأعلام الحر و النزيه ، و الأقلام التي تسود عشرات الفحات يوميا بالكلام غير المجدي و النافع . أين دور ممثلي المدينة و نوابها في برلمان السطو و النهب و كل الموبقات ؟
.دكتاتورها المتأسلم تحويلها الى مجمع تجاري و كيف دافع الأتراك شيبا و شبابا ، رجالا و نساء عنها و استقبلوا بأجسادهم خراطيم المياه التي رشّتهم الشرطة بها في عز شتاء بارد و قاس .ولم يتوقفوا ولم يتراجعوا بل فرضوا التراجع على نظام قمعي و دكتاتوري .
بل أين المبادرات الشخصية التي يمارسها شباب عرب في أوطانهم و أين لجان التطوع الشعبي التي تقدم الخدمات لمن يحتاج اليها كما تساهم في تنظيف المدينة لتظهر بوجهها الأجمل وهي بعملها هذا انما تدين السلطة و تظهر فشلها و تهين المسؤولين و تعريهم .
لم يختلف سادة اليوم عن أسيادهم بالأمس ، فمازالت الكفاءات مغيبة و المخلصون خارج دائرة المسؤولية حتى عاد المواطن يترحم على صدام بالرغم من دكتاتوريته ، فقد كان الأمن يشكل حضورا دائما وكذلك شيئ من الخدمات .
لقد سقطت ورقة التوت عن الزعامات الدينية بأحزابها ، فقد بان بالممارسة الجوهر الردئ و حقيقة استحقاقاتها التي تطالب بها علنا امام وسائل الأعلام يوميا بينما الشعب يتلظى . لم يعد مخفيا على احد اساليب السرقة و النهب التي يمارسها اعضاؤها و لملمة الفضائح و عدم اعلان نتائج التحقيق في كل الخروقات و السرقات و النهب و السطو المسلح كحادثة مصرف الزوية التي قتل فيها ثمانية افراد و راحت دماؤهم هدرا و سجلت الحادثة باسم مجهول لأن المجرم الحقيقي فيها هو مسؤول و قيادي في المجلس الأعلى للسطو والنهب . كما لم تعلن على الملأ ادانة احد او تقديمه للقضاء لاستجوابه خاصة اذا كان المسؤول كبيرا فمن العيب محاسبته حتى وان ضاع اكثر من نصف العراق و اختفت المليارات من الدولارات ولا احد يعرف اين ذهبت !!! لم تكلف الزعامات الدينية و تطلب الى اعضائها في البرلمان التنازل عن نصف مرتباتها و مخصصاتها من اجل هذا الشعب المطحون برحى الفقر و المرض و البطالة
سيستمر مزاد الفساد و تظهر له انياب و مخالب و أذرع تمتد حتى لجيوب الفقراء فتسرقهم رغيف عيالهم وحلم أطفال الفقراء برغيف من الخبز ومقعد لهم في مدرسة .. هذا هو حلم فقراء وطني ...فمتى يقول شعبنا كلمته و ينتفض على سارقي حلم اطفاله كما انتفضت شعوب تونس و مصر و سوريا وهم يقاتلون الفاشست وقد دخلوا عامهم الخامس .. لنر
الناصريه – خليل الفخري ِ
#خليل_الفخري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟