صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1337 - 2005 / 10 / 4 - 11:03
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تتأصل في النفس الشريرة كل نوازع الحقد والكراهية والحسد، فهي تسعى للحط من قدر النخب لإعلاء شأنها أو للممارسة حالة الإسقاط لذاتها على أفراد المجتمع. ويمكن رصد هذه الظاهرة بشكل أكبر في الأوساط السياسية، حيث يعمد كائن حزبي من حثالات قاع المجتمع على الحط قدر المثقفين والعلماء والمفكرين دون أي مبرر، مدفوعاً بهواجسه الحزبية أو منفذاً لأوامر قيادته الجاهلة أو لأنه يعني من الدونية وذاته محتقنة بالحسد والغيرة من نجاح الآخرين. فيعمل على تفريغ شحناته الشريرة متوهماً أنه قد يصبح ند للنخب العلمية والثقافية التي تعلوه قدراً وشأناً وعلماً!.
يرى ((بوذا))"أن الشخص الخبيث الذي يحتقر شخصاً فاضلاً ويهينه، هو كالشخص الذي يرفع رأسه إلى السماء ليبصق عليها، فبصاقه لايوسخ السماء وإنما يعود ليسقط عليه فيوسخه".
تحتقن الذات الشريرة بالنوازع غير السوية، فهي غير قادرة على خوض المنافسة الحرة في المجتمع وتعاني من الدونية وتتحين الفسحة للتعبير عما يكمن في داخلها من خراب نفسي من خلال اعتداءها وحطها من قدر الآخرين.
إنها تتبع مسالك الشر لتحقيق أغراضها وطموحها اللامشروع الذي لايتناسب وإمكانياتها، معتقدةً أن نخبة المجتمع من المثقفين والعلماء والمفكرين......تسد عليها منافذ تحقيق نوازعها الشريرة وطموحاتها غير المشروعة في تبوء مراكز القرار في الدولة والمجتمع.
يعتقد ((جلال الدين الرومي))"أنه طالما أنت إنسان يسرع الشيطان في أثرك ويذيقك من خمره، وعندما تصبح بطبعك شيطاناً راسخاً فإنه يفر منك".
يحذر علماء النفس من خطورة إحكام الكائن الشرير قبضته على السلطة، فيعمد لإذلال نخب المجتمع من العلماء والمفكرين والمثقفين...... لشعوره في اللاوعي بالدونية أمامهم.
يخاطب ((بوذا)) أحدى الذوات الخربة الساعية للحط من قدره وشأنه قائلاً:"يا بني لقد شتمتني وأهنتني، ولكني أرفض قبول شتائمك وإهاناتك. وأرجوك أن تحتفظ بها لنفسك، أليست هذه الشتائم والإهانات هي منبع ألمك النفسي؟ فكما أن الصدى هو انعكاس الصوت، والظل انعكاس المادة، فإن الشر يتبع بكل تأكيد صانعه وينهك ذاته".
إن الترفع والسمو عن الرد على الشتائم والإهانات وما تعمد الذوات الخربة إليه للنيل من نخب المجتمع، إنما هو نوع من الاحتقار والازدراء لهم وعدم منحهم فسحة الشعور بالندية مع من يمثل القيم والمُثل العليا والثقافة والعلم. فالذات الخربة وما تعاني من الدونية في المجتمع، لايمكن أن يرتفع شأنها وقدرها مهما حققت من سلطة ونفوذ، لأنها خاوية الرفعة والسمو الأخلاقي والعلمي والثقافي. لذا تعمل جاهدةً على الحط من قدر النخب لتكون الأبواب مشرعة لها في فرض قيمها وسلوكها غير السوي على المجتمع.
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟