أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - - الحياة اذ تتعرف على نفسها في كتاب - شكرا ً للموت














المزيد.....

- الحياة اذ تتعرف على نفسها في كتاب - شكرا ً للموت


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 1336 - 2005 / 10 / 3 - 11:41
المحور: الادب والفن
    


( سواء كنت مع تجربة محمد عضيمة أو ضدّها فهو مشاكس يأتي من الضفّة الأخرى للكتابة , وينبغي الإنصات إلى هذيانه . – الشاعر والروائي خليل صويلح – صحيفة تشرين ت 16-3- 2005 )
بوعي حادّ ويقظة عالية النبرة , يأتي محمد عضيمة من الضفّة الأخرى للكتابة . وإن كان من هذيان , كما يرى الصديق خليل , فهو هذيان يتجلى في منطق القول وآلياته , لا في اللفظ أو التشكيل الشعري , كمشروع وعي مناقض يشكّل , بالاشتغال عليه , إعادة إنتاج أصيلة وإبداعية لروح الحداثة الشعرية .
يفتتح عضيمة الكتاب بخاتم قطيعة وبدء من لا شيء ( ملاحظات شخصيّة جدّاً حول الصّفر / لأن الصّفر دوماً على حق . ص5 ) وإليه ينتهي ( شكراً للموت / الذي يمحو كلّ شيء / ليبدأ كلّ شيء / من جديد / شكراً للموت / حليفي / وحليف المدفأة . ص90 ) وفي رحلته بين النهايتين / البدايتين يحتفي بارتياد المجهول , والسخرية من اليقين المتخثّر , داعياً إلى المغامرة وإحياء القلق : ( لا بأس أن تلحق بإخوتك / أيها الصبي الخجول / وتعطيهم التمرين الأوّل في ركوب الرياح . ص60 )
لا أعتقد أن قراءة كهذه يمكنها أن تجاري التجربة , وتعيد إنتاجها . خصوصاً أن( شكراً للموت )
جزء من مشروع شعري – نقدي لمحمد عضيمة , وليس كتاباً لشاعر مبتديء تنقصه الخبرة والحرفنة . وبالتالي أجد أن قراءة هذا الكتاب كنصّ واحد هي القراءة الأكثر إنصافاً , من حيث أنّه محاكاة فاضحة لا رحمة فيها للحياة . ولأن التقطيع والتجزيء قد يستجرّ معه آليات للقراءة تعزل الكثير من المقاطع وتضعها خارج ضرورتها النسقية – الموقعيّة , وبالتالي قد تحيلها إلى مجرّد معان للهزء من القارىء وعدم احترامها له . في الوقت الذي تتمتع به هذه المقاطع بشعريّة خاصّة استمدّتها من موقعها , وليس من شرطها البلاغي ومشتقّاته .

إن الشفوية المريرة , والنثرية التي لا تستجدي شعريّتها من مقاييس وموازين المنجز الشعري السائد , تتنامى مدعومة أحياناً بمقاطع مكتفية شعريا بذاتها لتؤدي أدواراً موزعة بعناية ودقّة في تشكيل سيمفونيّة جحيمية , ألّفها ووزّعها موسيقي حرّيف .
بهذا يغدو ( شكراً للموت ) إطاراً يجمع المختلف ويؤلّفه , كأنّما الحياة تتعرّف على ذاتها في كتاب . وبهذا أيضاً يختلف عن الكتب التي تنقل الحياة كأجزاء أو محطّات عبر مجارير الوعي ومعامل تنقيته . وتلك السيمفونية , التي قد تؤرّق ذائقة الكثير من المستمعين , تقدّم درساً مختلفاً , بل صادماً , في إيقاع النثر , يمكن اعتماده في الجدل الذي لم يحسم حول هذا الأمر .

فالمقاطع الإثنا عشرة الأولى ينتهي ثمانية منها باللازمة المقلوبة أو بالخاتمة ( لأن , الصّفر , الشمس , غداً , ........ , على حق ) وهذه اللازمة تتناوب مع لازمة مختلفة بعد مرّة واحدة , ثمّ بعد مرّتين , ثمّ بعد ست مرّات . لتعود وتتناوب بشكل دوري مع لازمة جديدة ( غداً أيضاً / غداً / غداً أيضاً / غداً . ) خمس مرّات , ثمّ تتكرّر اللازمة الثانية مرّة واحدة , لتعاود بعدها التناوب عشرين مرّة مع اللازمة الأولى . ثمّ تأتي لازمتين من النوع الأوّل مفصولتين بمقطع غير ملزّم , وبعدهما تختفي اللازمة على مدى ست عشر مقطعاً متعدّدة المواضيع ومتباينة في المستوى الفني , كأنّما هي نوع من تزجية الوقت , أو الثرثرة في مقهى , أو الكلام المهدور مع رفيق سفر مفروض إلخ .... بعبارة أخرى , هي كسر , بتواطؤ مفضوح , للإيقاع , بما يحرضه ويستثيره .
ثمّ تبدأ بالظهور لازمات جديدة مثل ( أقيس حرارته مرّة أو مرتين / وأمضي ) أو ( وأنت فوق حصان / من قصب ) أو ( ستوب يا أخي ستوب ) الخ ...
إن التكرّار الذي يصرّ عليه محمد عضيمه يولّد إحساساً بالضيق , وكأنّما أيامنا وأفعالنا وتاريخنا يتجسّد كفضيحة فوق الصفحات , ليس بالرتابة والخواء فحسب , بل بالعبوس أيضاً , وبالافتقار إلى أدنى حدّ للمرح . وعند مستوى معيّن من الإحساس بالضيق يأتي فاصل من الدعابة يصنعه الهبوط بالكلام إلى أكثر أشكاله عاديّة ( هل تسمع / نعم / ماذا ؟ / وقع أقدامي الجميل . ص 19 ) بعده مباشرة , وكقطع حاد , تعود شحنة الضيق لتأخذ بالتصاعد , وكأنما القارىء بين لازمتين منفّرتين تتقاذفانه ككرة . وفي المسافة بينهما , التي هي الزمن المستغرق لطيّ الصفحة , يشعر بالحريّة والإنعتاق . وهنا لا يمكنني تفسير الإسراف الطباعي إلا كنوع من المخاتلة والمواربة ( مقطع واحد في كلّ صفحة , مهما كان المقطع قصيراً ) بحيث لا يستطيع القارىء رؤية اللازمتين معاً وبالتالي يبقى باب الخلاص أمامه مفتوحاً .
ثمّ تبدأ لازمات أخرى بالتناوب في السخرية من الحياة ومن كائناتها المؤجّلة برسم المستقبل المشرق وتصبح سيطرة اللازمة الواحدة على الصفحات أقلّ , ناقلة الإيقاع من البطء إلى السرعة .
وتنفرد أخيراً عبارة ( وأنت فوق حصان من قصب ) لتختصر سيرة الفرسان المهزومين المقهورين الذين صنعوا المعجزات بسيوف الإنشاء ورماح البلاغة .

مرّة أخرى أقول , بأن ما يكتبه محمد عضيمه لا يبدو شعراً , على الأقل كما قاربه في كتبه العديدة ( التنظير ) ولكنني أجد في ( شكراً للموت ) خصوصيّة تفتح العين على نمط مختلف من الكتابة يحتاج إلى نمط مختلف من القراءة .
شكرا ً للموت - محمد عضيمة - دار التكوين - دمشق - 2005



#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحوال’ ميزان الذهب
- في غيابها
- املاء الغائب
- ليس لأنها روبي
- الديموقراطية بين الحاجة والضرورة
- إعادة إنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 4 - 4
- إعادة إنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 3-4
- إعادةإنتاج التخلّف - نزار قباني نموذجاً / 2-4
- (إعادة إنتاج التخلّف-نزار قباني نموذجاً(1-4
- الممارسة المدنية / حكاية مدينة ومشغل ثقافي
- حكاياالجدات التي أطاحت برأس التوثيق / حسن علي يوّثق لتجربة ل ...
- درج الليل.. درج النهار - جديد الروائي السوري نبيل سليمان
- لتعزيزثقافة الخطأ
- أجدني هكذا
- الذات العارية كوردة / نحن لا نتبادل الكلام - جديد الشاعر حسي ...
- الحداثة المعطوبة - إعادة إنتاج المثال 5 – الحداثة من جديد
- الحداثة المعطوبة - إعدة إنتاج المثال
- مظلّة وإناء وحظيرة - بعض من أزمة الطرح الديموقراطي
- عناصر الفائدة المركّبة
- الحداثة المعطوبة - إعادة إنتاج المثال


المزيد.....




- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أكثر 70 فنانا يوقعون على عريضة تدعو لإقصاء إسرائيل من مسابقة ...
- -الديمومة-.. كيف تصمد القضية الفلسطينية أمام النكبات؟
- ترامب يواصل حرب الرسوم.. صناعة السينما تحت الضغط
- من فاغنر إلى سلاف فواخرجي: ثقافة -الإلغاء- وحقّ الجمهور بال ...
- سيرسكي يكشف رواية جديدة عن أهداف مغامرة كورسك
- الأفلام السينمائية على بوصلة ترمب الجمركية


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - - الحياة اذ تتعرف على نفسها في كتاب - شكرا ً للموت