أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح8














المزيد.....

رواية (رحلتي الملح والماء ) ح8


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4817 - 2015 / 5 / 25 - 00:44
المحور: الادب والفن
    


رواية (رحلتي الملح والماء ) ح8

من بعيد كانت أم كامل وصغارها يتأملون العائدين وهم في شوق لرؤية الغياب ,برغم ضعف بصرها لكنها كانت تستعين بأمل لتفرز من بين الرجال صورة كامل .... ليس هناك جدتي ... العائدون أعرفهم تماما لم يكن أبي بينهم ... جدتي ... هل مات أبي ؟ أم أنه ما زال مع أمي في المستشفى ؟, زاد هذا السؤال من حيرة العجوز الذي لا تعرف بماذا تجيب صغيرتها إن لم يكن موجودا هو ولا زوجته لا بد أن حادثا ما قد منعه أو أنه خائف أن يعود للقرية أحتمالات تبريرات كثيرة كانت تراودها لكن لا تتذكر أنها أوردت أحتمال أن ولدها هرب من المدينة .
حتى أهل زوجته كان من بين العائدين سألت الجميع فردا فردا أكدوا لها أنه بالأمس صباحا كان موجودا في المدينة ولم ولن يصيبه أي شيء , قد يكون ذهب لكمكان أخر مع زوجته أو قد يكون سافر بحثا عن عمل فالمدينة أيضا أغلقت معظم أبواب العمل فيها والناس في حيرة , الجوع والمرض وقلة الأمل في تحسن ملحوظ ... كل ذلك لم يقنعها ولم يبرر لها غياب كامل المفاجئ عن الحضور.
توزع الرجال والناس النشطات كخلية النحل قبل أن يدركم الظلام على نقل الملح من حوض المملحة ومنهم مم ذهب بمسحاته ليحفر للفطائس اليابسة المتناثرة هنا وهناك ليدفنها ومنهم من كان يجمع الحطب , الجميل منشغل عدا الصغار والعجائز كانوا في الحصون الملحية لا يخرجون ولا يسمح لهم بالتجوال إلا لمن طين قدماه بالملح والطين ,الزاير عليوي كان من رفض الخروج من القرية أصلا لكنه أجبر على النزوح تحت ضغط رأي الناس كانت له حكمة يرددها دائما , ما لم تتخلصوا من الجرذان لا يمكنكم أن تنعموا بالسلام ,رد عليه أحد الحاضرين (يا زاير منذ الصباح الأت سوف نطارد الجرذان واحدا واحدا ونقضي عليهم جميعا) , ضحك الزاير من سذاجة الفكرة وقال حاولوا ان تبحثوا عن حل عاقل .
تجمع الناس بعد الصلاة المسائية جميعا الرجال مع بعض والنساء مع بعض والاطفال مارسوا لعبهم البرئ بعد أن تم تحصين القرية تماما من جميع جهاتها بالملح خلا بيت الملا عزيز الذي أنفرد منذ كان بالأصل بعيدا عن بيوت القرية ,أصبحت الخارطة الجغرافية واضحة المعالم المملحة وعالمها الخاص خالية من الموت بالرغم من أنها بالعرف أيضا أرض موات , والقرية ومحاطة بأسوار الملح , وبيت الملا عزيز حيث تسكن الحياة وتعتاش مع الموت ومعا على بقعة ضيقة من الأرض .
لم يكن بوسع أم كامل أن تخفي حسراتها عن الناس ولا دموعها التي لا تستطيع أن تسيطر عليها دون أن تنتبه النساء وحتى احفادها الصغار الذين يسألونها بلا جواب , هل ات أبونا وأمنا ؟, كان وقع السؤال صاعقا على أعصابها ولكنها كانت تنكر ذلك وتقول لهم أنهم تأخروا فقط حتى يأتوننا بالطحين والزيت والشاي والسكر ... أمل برغم حداثة سنها كانت لا تريد أي شيء سوى أن ترى أبوها وأمها وتحتفل بهم كما بقية الأطفال هنا ... تعود لتبكي بصمت وهي تداري خوفها من أن يكون كلام الناس مجرد تغطية على مصيبة لا يحب احد منهم أن يخبرها بالحقيقة .
تفرق الجمع بعد أن تناولوا العشاء معا وكل ذهب إلى مكانه حذرين فأحيانا يكون التغلب على الخوف مجرد مرحلة نكتشف بها أننا مخدعون بما هو غير حقيقي عندها تصبح الشجاعة عنوان الفعل ... الصباح القادم سيعرف الناس انهم ضيعوا الكثير بهروبهم من المواجة وكان عليهم أن ينتبهوا إلى أن الله قد منحنا أشياء قد تكون تافهة لكنها في لحظة حرجة تكون ذات قيمة حتى أغلى من الذهب , الملح الذي يباع بسعر قريب من المجان لأنه لا يشكل سلعة مهمة جدا إلا بالقدر الذي يدخل فيه حياتنا أصبح الأن سلاح حقيقي وفعال ضد الموت .... هب الحياة هكذا لا تمنح ولا تعط إلا لمن يسعى لمعرفة لماذا تكون الأشياء بهذا التكييف والتكوين .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح6
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح7
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح4
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح3
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح2
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح1
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح44 , الخلاصة العملية
- أفكار في دائرة التنوير
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح42 , التشخيص السليم ن ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح43 , البداية والمنهج
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح40 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح41 , المصادر الفكرية ...
- زايتجايست الرؤية والأتهام الأيديولوجي.
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح38 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح39 , من ملامح الشخصية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح36 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح37 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح35 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح34 ,5.النمط العراقي ا ...


المزيد.....




- عمر خيرت: المؤلف المتمرد الذي ترك الموسيقى تحكي
- ليوناردو دافنشي: عبقري النهضة الذي كتب حكاية عن موس الحلاقة ...
- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح8