أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح6














المزيد.....

رواية (رحلتي الملح والماء ) ح6


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4816 - 2015 / 5 / 24 - 10:00
المحور: الادب والفن
    





تجمع القادمون عائلة سلمان في دار العجوز أم كاملونوعم يستمعون لما تقصه عليهم من حكايات الأيام الثلاثة الماضية وما عانته من جوع وتعب وهي تصاؤع الوباء والجرذان والجوع ,حتى أكتسف السلاح الذي به تقاوم قد نجت فعلا منه في حين هلكت حتى الحيوانات التي عادة ما تقاوم الأوبئة والظروف العصيبة , حاول سلمان أن ينهض ليعمل بنصيحة أم كامل ولكن أثار التعب والإرهاق بادية عليه برغم من أنه أحنف في إحدى قدميه لكنه واصلا المسير لساعات متتالية من المدينة التي هرب لها عسى أن يجد الأمان لكنه تفاجأ بأن الموت كان حاضرا هناك بقوة , عاد ليحمل والدته المسنة على حمار وزوجته الحامل على أخر في حين سلك الباقون الطريق مشيا على الأقدام .
أخرجت العجوز البقايا التي تركتها من الخبز المملح المداف بالزبدة لتطعم أولاد سلمان وهم منشغلون مع أمل وزهرة باللعب البرئ والعين تراقبهم لئلا يخرجوا عن سور الملح العظيم ,لاحظت ام محمد زوجة سلمان حرصها على أن تتعقب حركات الصغار في الوقت الذي تعد للضيوف ما تهيأ من زاد وماء ...هذا الحرص الزائد كان مثار تعجب من سلمان أيضا الذي أستسلم جسده للنوم بهدوء ووالدته المتعبة أيضا ,أوصت أم كامل زوجة سلمان أن تهتم بالصغار وحملت دلو كبير لتجلب به الملح هذه المرة لتحصن الدواب بعد أن ربطت الدجاج في داخل السور خوفا من وصول الجرذان لها .
حادثت ولدها كامل معاتبة له بعد أن علمت من سلمان وزوجته أنه باق بالمدينة بعد أن رزقهم الله بطفلة أخرى وظن أن والدته وأطفاله من الهالكين حتما, ولو كنت أنا هالكة وزماني قد ولى ألا تسأل عن هؤلاء الصغار؟ كيف تتركنا للكلاب تنهش لحمنا ؟, أليس من حقنا كبشر أن ندفن ولو كنا ضحية الطاعون؟, ألم أرضعك من هذا الصدر كيف لك أن تتحمل فكرة أننا هنا في العراء مجرد فطائس يأكلنا الملح والتراب والضواري ؟, الدمع الساخن لا يفارق عينها وجسمها ما زال يرتجف كلما تذكرت حديث سلمان وزوجته ,تمشي وتتعثر وكأن مصابيح عيونها لم تعد تمنحها الكثير من النور لتكتشف الطريق .
وقفت في منتصف المملحة وهذه المرة كان حديثها مع الساكن السماوي زفرات صدرها المتعب من تراكم النيكوتين والقطران تتقطع وهي تلهث بعد أن جمعت ما يكفي من ملح لتحمله للبيت ,أيرضيك يا رب أن يفعل كامل بي ما فعل ؟,ألم تضع بختك بالملح والماء فقد أكل من هنا ملحا غير مشوب بشيء أخر وشرب من يدي هذه ماء, لماذا لا يمنحه الملح والماء شعورا بالوفاء , إن كان حليبي ناقص الملح فهذا الخير الذي عشنا فيه هو من وضعت سرك فيه , لماذا يارب ؟, لماذا لم يتحسس طعم الملح فلا أظنه يقل شانا من أي ملح أخر , وهي تناجي الرب سقطت على ركبتيها في وسط الملح والطين لتنثر منه على رأسها وهي تجأر هذه المرة بالبكاء المر .
صوت الديك الواضح والذي تعلم تماما أنه يصدر من دارها دعاها لتتوقف عن البكاء وإكمال المهمة التي جاءت من أجلها , حملت الدلو ونهضت بقوة بعد أن مسحت عن ثوبها الأسود المعتق بالهم لتقول للرب ,لا تزعل منه يارب فما زال صغيرا بما يكفي كي أعذره , تبقى الأرواح عزيزة وقد يكون الذهاب للموت المؤكد والمحتم برجليك نوعا من الجنون الذي لا ترتضيه , سامحه يارب سامحه ولكن لا تقتص منه أبدا , ربي أنا مستعدة أن أحمل عنه غضبك يا رب بحق عبد الله ابو رواية سامحه هذه المرة .
رشت الملح حول مربط الدواب بشكل دائري ولمسافة تكفي لحركتها دون أن تقيدهم بشيء وفتشت عن أي ثغرة يمكن للجرذان أن تنفذ منها لأقدام الحمير , تأكدت تماما أن كل شيء سليم دخلت الدار وجدت الجميع نيام والفانوس مطفي وما زال الديك يمارس هوايته الإزعاجية للنائمين , الصغار وأولاد سلمان صعدوا على السرير فيما أنزوت زوجة سلمان خلف زوجها لتنام وقد بن جسدها كأنه تلة صعيرة من اللحم المكوم والمغطى بعباءة سوداء , الشخير المتصاعد من مكان سلمان لم يمنحها القدرة على أن تسكن قليلا لتنال قسط صغير من النوم .
ما زال الديك مصرا على أن يستنهض الجميع من النوم وقد بان الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ,أول من نهض كانت أم سلمان التي بادرت أولا في الأستغراق بالنوم مرهقة من مسافة الطريق ,من عادات العجائز في القرية أن يتوجهن بقلوبهم قبل وجوههن لسيد عبد الله ابو رواية ليلقن التحية وأعلان تمسكهن به حافظا من كل سوء ,قالت له تخاطب شخصا ذا سلطة وقدرة على الحماية والأستجارة (دخيلك يا سيد ودخيل جدك والدخيل بلوى فكنا من شر الموت والمرض ولسان بني آدم) .... أنتهت من خطابها وتوجهت تبحث عن ماء للوضوء ... عيون أم كامل ترصد كل خطوة أن تخرج خارج السور الملحي صاحت بها تعالي الماء قرب التنور .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح7
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح4
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح3
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح2
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح1
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح44 , الخلاصة العملية
- أفكار في دائرة التنوير
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح42 , التشخيص السليم ن ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح43 , البداية والمنهج
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح40 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح41 , المصادر الفكرية ...
- زايتجايست الرؤية والأتهام الأيديولوجي.
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح38 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح39 , من ملامح الشخصية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح36 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح37 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح35 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح34 ,5.النمط العراقي ا ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح32 , 3, البيئة والتنق ...


المزيد.....




- رُمي بالرصاص خلال بث مباشر.. مقتل نجل فنان ريغي شهير في جاما ...
- أهم تصريحات بوتين في فيلم وثائقي يبث تزامنا مع احتفالات الذك ...
- السينما بعد طوفان الأقصى.. موجة أفلام ترصد المأساة الفلسطيني ...
- -ذخيرة الأدب في دوحة العرب-.. رحلة أدبية تربط التراث بالحداث ...
- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح6