أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح7














المزيد.....

رواية (رحلتي الملح والماء ) ح7


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4816 - 2015 / 5 / 24 - 09:59
المحور: الادب والفن
    




مع أول ضياءات الشمس خرج سلمان محملا بالدلاء الفارغة متوجها نحو المملحة وكما علمته العجوز الخبيرة أن يخلط الطين بالملح ويطلي أقدامه الحافية حين يذهب ليرش الملح على حدود بيته ,كان الخوف باديا عليه وهو يواجه الوباء وجها لوجه ولكن قصة بقاء العجوز وأحفادها أعطته الشجاعة لأن يكون أكثر تحديا للموت ... كانت المرات التي يذهب ويأت بها للمملحة غير معدودة لقربها من بيته وفي كل مرة يستكشف ما بداخل البيت عن وجود فئران أو جرذان مختفيه في الداخل , تفنن في رش الملح أيضا في كل زوايا الصريفة التي يسكنها حتى تأكد تماما أن لا حياة هنا للجرذان , عاد لبيت أم كامل لينتقل وعائلته حيث يبدو المكان أفضل لهم الآن وهو مطمئن أن لا مكان للموت في داره .
تناول الجميع ما تيسر من خبز شرعت زوجة سلمان بخبزه في تنور أم كامل التي أصرت أن تكون هي المضيفة ومن طحينها المتبقي وبعض البيضات التي جادت بها صباحا دجاجات ام سلمان ومما حملوه معهم من شاي وسكر, كان أفطارا أسطوريا في هذا الصباح وبالأخص لأمل وزهرة ويحبى فقد نشفت أجسادهم الغضة من الجوع ,العجوز أم كامل ما زالت تحلم بسيجارة مزبن "ضلوع الملا" كي تستعيد قليلا من صفاء الذهن ,سلمان كان يدخن ولكن يستخدم اللف والتبغ من النوع الحار الذي لا يلائم مذاقها وما تعودت عليه سابقا .
القرار الآن بعد أن ينتقل سلمان وعائلته لدارهم المحصنة أن يذهب من فوره للمدينة حيث أكثر أهل القرية ينامون ويعيشون على أطرافها ومنهم من فقد عزيز وأخرون قد تشتتوا بين الأمكنة ,كامل هو الوحيد الذي تمكن من حماية نفسه وزوجته بسبب ما تلقت من عناية طبية أثناء الولادة ,لا يعرف الكثير ممن هرب من مواجهة الموت أن الحياة هنا قاومت وأنتصر بفضل الملح والماء ,لو يعلم كامل ما تسطره والدته من أسطورة تثبت أن الأرض أحيانا تتعاون مع السماء لحماية البشر من الفناء والهلاك .
كلما تذكرت أم كامل صورة كامل وهو يتأمل كلام الناس عن هلاك أمه وأولاده دون أن يتخذ موقفا من هذا الكلام تشعر بغصة تكاد تقضي على أنفسها وتضطرها التصورات إلى البكاء ثم النحيب, منذ أن ذهب سلمان صباح اليوم متوجها للمدينة وهي تحاور نفسها طويلا ,أيعقل أن إنسان يخبر بهلاك عائلته دون أن يحضر ليتأكدأولا من الواقعة , قد يكون أحد ما قد نجى وهو بحاجة لمساعدة , كم أنت قاس أيها القلب الأسود ...بكاء صامت قطع أنفاسها وهي تتأمل أن تراه الليلة ... ستحتار ماذا يمكنها أن تقدم له من كلمات عتاب ... ماذا بوسعها أن تقول له ...خائن الملح أما خائن الحليب ... لا يمكنني أن أقول أكثر من هذا ....الحليب كان مغشوشا أم كان قليل الملح .
جال سلمان على معظم الهاربين من جيرانه وأهل قريته وتم الأتفاق على الرحيل الجماعي عصرا بعد أن تخف الشمس قليلا من حرارتها ,البعض كان مترددا والأخرين فيهم حماس وهم يستمعون لقصة أم كامل والتدابير التي فعلتها لكي تحمي نفسها والصغار من الوباء , منهم من صدق ومنهم ما زال الشك يراوده ولم يحسم أمره ,فقط الملا عزيز لم يكن في المدينة فقد ذهب بعيدا عند لذي أختفى منذ ليلة أمس حسب ما أورده الذين يعرفونه ..كان الظن أنه عاد للقرية والبعض يدع أنه ذهب إلى مكان أخر .
في منتصف الطريق قبلأن يصلوا القرية أتفق سلمان والرجال جميعا على أن يكون التجمع فقط في مكانين في بيت ام كامل وبيت سلمان لحين ما يتم تحصين البيوت بالملح وتنظيف القرية تماما من الجيف المتيبسة ودفنها بعيدا أو خارج القرية حتى لا تؤثر على الناس , هكذا عزم الجميع وهو ما تم الإلتزام به حرفيا ,كذلك تم شراء الكثير من المواد التي سوف يستعينون بها على قضاء أيامهم لحين عودة الملا عزيز وأفتتاح مخزنه ,كان سلمان ممتنا جدا لأم كامل ويشعر أن وجودها سببا لهذه العودة الميمونة وأراد أن يكافئ أمرأة بلا وال ولا معيل فحمل لها الكثير من المزبن ضلوع الملا .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح4
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح3
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح2
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح1
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح44 , الخلاصة العملية
- أفكار في دائرة التنوير
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح42 , التشخيص السليم ن ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح43 , البداية والمنهج
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح40 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح41 , المصادر الفكرية ...
- زايتجايست الرؤية والأتهام الأيديولوجي.
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح38 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح39 , من ملامح الشخصية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح36 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح37 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح35 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح34 ,5.النمط العراقي ا ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح32 , 3, البيئة والتنق ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح32 , 4. الحق والحقيقي ...


المزيد.....




- رُمي بالرصاص خلال بث مباشر.. مقتل نجل فنان ريغي شهير في جاما ...
- أهم تصريحات بوتين في فيلم وثائقي يبث تزامنا مع احتفالات الذك ...
- السينما بعد طوفان الأقصى.. موجة أفلام ترصد المأساة الفلسطيني ...
- -ذخيرة الأدب في دوحة العرب-.. رحلة أدبية تربط التراث بالحداث ...
- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح7