المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح39 , من ملامح الشخصية العراقية

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4806 - 2015 / 5 / 14 - 18:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

ملامح من الشخصية العراقية

السؤال الذي يثيره البعض عن الشخصية العراقية أنها أحيانا تنطبق عليها صفات الشخصية السيكوبائية ( الضد الاجتماعية ) فيمتاز سلوكهم بنوع من الأنانية الفردية وعدم الاكتراث لمشاعر الآخرين وفقدان الشعور بالذنب الشخصي ,وعدم التعلم من التجارب والأخطاء التأريخية وعدم الأستفادة من العقاب كجزاء تصحيحي للسلوك, والعنف الأجتماعي بإيذاء الذات والآخرين والعصبية الإنفعالية والتهور والاندفاعية اللا محمودة، وخرق الأعراف والتقاليد والقوانين، والتطرف مثلا في تناول الكحول أو تعاطي المخدرات والتي تزيد من هذه الحالة سوءاً ،أو التطرف في التألم وجلد الذات والشعور القاسي بالمرارة على قضايا لم يكن له فيها يد.
وأيضاً تتميز الشخصية العراقية بما يعرف علميا بالشخصية العظامية (البارونيا) والتي تمتاز بالتعالي والشعور بتميز الذات والشك وسهولة الاستثارة والاستفزاز خاصة عند الطبقات التي تتميز بواقع أقتصادي أو سلطوي أو نخبوي يجعلها تعيش هذه الشخصية أيضا بتطرف مع جزمنا بأن ظاهرة "السيد" و"العلوية" والشيخ والحجي والأغا والأهتمام الزائد بمظاهر الألقاب والتحصن خلف مسميات معنوية هي من نتائج الحالة البارونية في تطرف الشخصية العراقية .
أما في الطبقات الأجتماعية الأقل قوة أقتصاديا والأقل تفاعلا مع نظام المجتمع تظهر صفات الشخصية العصابية حيث تتصف سماتها بقلة القدرة على تحمل الأعباء الحياتية والملل، وكثرة التذمرّ ،والمبالغة في إعطاء الأحداث حجمها الحقيقي، والشعور الدائم بعدم الاطمئنان والأمان ،وإسقاط القلق باتهام الآخرين من المحيطين دون أن تكون هناك دلائل ومعطيات حقيقية .كما تشهد مظاهر القلق في هذه الشخصية الإنسانية اضطراب العلاقات الزوجية والعائلية والاجتماعية ومن الجدير ذكره أن هذه الصفات لإضطراب الشخصية لا بد وأن تكون متجذره في نفسية الشخص منذ الصغر ونشأ معها وعليها .
يمكننا أن نجزم أن كل هذه المظاهر الشخصية المنحرفة والتي تشكل أمراضا أجتماعية دائمة ومزمنة وملتصفة بعموم الشخصية العراقية متأتية من عاملي القلق والخوف من ترسبات التأريخية في ذاكرة المجتمع وتغذيها وتنميها دائما النزاعات الدينية والمذهبية وحتى العنصرية أحيانا ,كما أن التوزيع الغير عادل للثروة والخوف من المجهول القادم لها الأثر الفكري العميق على عدم التخفيف من هذه المظاهر المرضية وسوء المعالجة وعدم أعتماد رؤية متكاملة وإنسانية تتفهم أصول وجذور القلق العراقي وتؤمن له خط دفاعي أجتماعي حقيقي ساهم إلى حد كبير في التدهور المستمر للشخصية العراقية .

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل