أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5














المزيد.....

رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4815 - 2015 / 5 / 23 - 10:44
المحور: الادب والفن
    


رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5

تتعثر في مشيتها السريعة لم تنقطع ندائاتها للسيد عبد الله ابو رواية وهي تخشى أن يكون ما كانت تحاربه منذ أيام قد أنتصر عليها ودخل دارها مقتحما حصنها الملحي ,فقط لتصل للنهر وتغمس فيه جسد الطفل الساخن وهو لا يدري ما سيلاقيه وعيناه تدول لتكتشف ما حاوله من عالم ساكن شبيه بحصار الموت ساعة الجد ,تسرع في خطواتها وتخاف أن تتعثر في طريقها المملوء بالعاقول والاشواك وبقايا الجثث المتفحمة أو التي غطتها بالأملاح ... قريبا من النهر صاحت للأفق أن يحمل دعواتها سريعا لسيدها عبد الله وهي تشعر بألم لأول مرة يغزو صدرها المعبأ بنيكوتين وقطران سجائر المزبن الرفيعة ,سيدي لم أسرقك بل أقترضت منك والكريم من يقرض لوجه الله صدقني سيدي لن أفعل ذلك لأجلي وأنت تعلم , ها هو يحيى أمانة برقبتك ووديعتي عندك.
كانت تلك أخر الكلمات التي قالتها والدموع تنزل كحبات مطر متلاحقة لتتحول إلى خيوط من ماء نازل بلا توقف وقد غمرت جسدها وجسد الطفل في الماء وعينها ما زالت تبحلق في وجه السماء تنتظر إشارة للخروج , كعادتها المعجزات تأت في لحظة أنتصار إرادة الحياة ,في وسط الماء تسمع صوت ديك واخر وأخر وتسمع صوت أقدام تتجه صوب النهر من الضفة الأخرى ,لترسم في داخلها فرحة لا تعرف لها معنى سوى أستجابة الله لندائها .
فرحتها بالقادمين مهما يكن من أمرهم اشغلها عن تتبع حرارة الصغير يحيى وهو تحاول ان تتبين ملامح الغرباء من بعيد لا شك أنهم أكثر من شخص , السؤال ما مغزى قدومهم في هذه الساعة المتأخرة جدا من الليل ,القلق دفعها للخروج من النهر والهواء العليل منحها قدرة على التركيز اكثر إنها تسمع أصوات قادمة قد تعرف أنغامها لا بد انهم من اهل القرية عائدين من هروب فرضته الجرذان والوباء والكلام الدائر بين الناس .
كلما أقترب صوت القادمين تهدأ انفاس أم كامل وهي لا تعلم تحديدا ما سيكون ردها على القادمين وإن كانت تتمنى أن يكون أحد من جيرانها أو الأقارب هو القادم ,والأكثر كانت تتمنى أن يكون مع الغياب أي شيء يمكن أن تعد منه طعاما للصغار الذين لم يذوقوا غير الخبز المملح وقليلا من الزبدة هذه الليلة , تسأل الله أن يبعث معهم سكر أو شاي والأهم بضع سجائر مزبن .... ولو واحدة لا يهم فقط تحتاج لقليل من الدخان ,إنها تسمع صوت مألون صوت نساء ورجال وصوت ديك يقترب منها .
في غمرة إنشغالاتها عادت لتتأكد من حرارة الصغير الذي عاد للنوم في حضن جدته وقد أختفت حرارته وهدأ النفس قليلا وعاد النبض كأنه برأ من ما كان فيه ,فرحتها الآن لا توصف فقد زال عنها الخطر مؤقتا وتنتظر الصباح ونهار الغد يمر بسلام لتعرف أن الجرذان لا تتمكن من هزيمتها , وغرحتها أنها عرفت أن القادمين هم من جيرانها المقربين , أسرعت لأستقبالهم بعد أن نادت عليهم ,تعجب القادمون من وجودها باقية على قيد الحياة وقد شاع في المدينة أن القرية لم يبقى فيها أحياء , كل ما كان محمولا على حمارين هو أخر ما بقي لعائلة سلمان .
الدموع والاشواق والاحضان حلت محل السكون الذي يعتري المكان ومزق ضجيج اللقاء الهدوء المحيط بمجرى النهر الصغير حينها توجه سلمان وعائلته صوب الاكواخ المتناثرة وهم يقصدون تلك الكائنات الهرمة التي جمعت افراحهم وأتراحهم وماضيهم المتعب ,قرب بيتها حاول القادمون ان يكملوا المسير نحو دارهم ,تمسكت به العجوز ان لا يذهبوا قبل أن يجعلوا الملح ستار بينهم وبين الموت ,نزلوا عند رغبتها فأسرعت بمد الحصران أمام الكوخ ليستريحوا .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح4
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح3
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح2
- رواية (رحلتي الملح والماء ) ح1
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح44 , الخلاصة العملية
- أفكار في دائرة التنوير
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح42 , التشخيص السليم ن ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح43 , البداية والمنهج
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح40 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح41 , المصادر الفكرية ...
- زايتجايست الرؤية والأتهام الأيديولوجي.
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح38 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح39 , من ملامح الشخصية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح36 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح37 , الشخصية العراقية ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح35 , الشخصية الأجتماع ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح34 ,5.النمط العراقي ا ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح32 , 3, البيئة والتنق ...
- المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح32 , 4. الحق والحقيقي ...
- قصيدة _ خطاب للشمس


المزيد.....




- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...
- عشرات الفنانين والإعلاميين يطالبون ميرتس بوقف توريد الأسلحة ...
- حكايات ملهمة -بالعربي- ترسم ملامح مستقبل مستدام
- مسرحية -لا سمح الله- بين قيد التعليمية وشرط الفنية


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (رحلتي الملح والماء ) ح5