مالم نكتبه في فتح الاندلس

وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4807 - 2015 / 5 / 15 - 12:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

يكتب الباحث هادي العلوي في كتابه :
( محطات في التاريخ والتراث)-ط 3 -2015-دار الطليعة الجديدة – سورية – دمشق, عن مصدر كلمة ( الاندلس ) ,مرجعا الاسم الى شعب الفاندال الجرماني الذي استوطن جزء منه جنوب شبه جزيرة ايبيريا , ومنه اشتق الانكليز , كما يقول العلوي VANALISM بمعنى التخريب والتدمير.وعربه العرب الى الاندلس واطلقوه على عموم اسبانيا .

تم فتح الاندلس على يد القائد الامازيغي طارق بن زياد الذي نزل اليها بجيش من اثني عشر الف مقاتل معظمه من قبيلته الامازيغية. وشاركه في اتمام الفتح سيده موسى بن نصير وابنه عبد العزيز بن موسى.
وقد اراد موسى بن نصير اختراق اوربا من الغرب والتوجه الى القسطنطينية لفتحها من البر بعد ان استعصى فتحها من البحر. حيث ان تحقيق مشروع موسى بن نصير يقتضي اعداد بشرية كبيرة غير متوفرةآنذاك .

وقد تم فتح الاندلس بمساعدة بعض الامراء الاسبان ومنهم الكونت يوليان والذي يرد اسمه في المصادر العربية باسم يليان الرومي, وكان يحكم سبتة عند وصول العرب الى المغرب الاقصى . وكانت له ثارات ضد ملك اسبانيا القوطي ردريك( لذريك عند العرب)بسبب اغتصابه لابنته التي كانت في خدمته , وقد اتصل يوليان بموسى بن نصير ,وشجعه على الزحف على اسبانيا .
وقد قدم يوليان المساعدات اللوجستية لموسى بن نصير وطارق بن زياد ومنها السفن التي استخدمها طارق للعبور , كما ارسل معه ادلاء من الاسبان ..

واستنادا الى مقالتنا المعنونة :
( تزييف التاريخ والمسكوت عنه في فتح الاندلس )والمنشورة على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=281254
فان قصة حرق طارق بن زياد لسفن جيشه هي مجرداسطورة تم تدوينها في عصور لاحقة. كما ان الخطبة العصماءلطارق بن زياد :
( العدو من امامكم والبحر من ورائكم )لايمكن ان يكون قد نطقها الا بلغته الامازيغية وليس بالعربية والتي لم يكن يعرفها .

يقول لسان الدين ابن الخطيب ( الاحاطة 1: 100 – 101 ) ان يوليان وضع لطارق بن زياد خطة الغزو والتي انتهت به الى طليطلة . وقد قدم يهود اسبانيا خدمات جليلة للفاتحين العرب بسبب ماكانوا يعانونه من اضطهاد ديني .

يقول الباحث هادي العلوي : ( فكان المسلمون كلما فتحوا مدينة وارادوا التوجه الى غيرها , نظموا يهود تلك المدينة ليكونوا مع الحامية الاسلامية للدفاع عنها , وعوض اليهود بذلك عن نقص العدد اللازم للاستيطان في بداية الفتح ( فتح الطيب : 1- 263).وتكرس هذه التجربة مايتعرض له مجتمع قائم على التمييز الديني او الاثني من مخاطر على يد الاقليات المضطهدة التي تضطر للبحث عن مخلص خارجي ).

لقد اخذ الاسبان يعتمدون في المراحل المتاخرة من حروب الاسترداد على عناصر من المسلمين . وقد ذكر ذلك الباحث هادي العلوي في كتابه ( الاغتيال السياسي في الاسلام )حيث رجح ان استهداف ملوك غرناطة الاقوياء , تم عن طريق ( الرتل الخامس ) الاسباني في داخل غرناطة .

وبعد اتمام فتح الاندلس توالت عليها هجرات من العرب والامازيغ , احدثت تغييرات في بنية السكان لمصلحة الفاتحين , فسهلت عليهم تعريب البلاد وصبغها بالطابع الاسلامي ( مع تحفظ كاتب المقال على عبارة : تعريب البلاد ).
وتكونت في غضون ذلك عامية اندلسية تم التعرف عليها من الشعر الشعبي والامثال الشعبية كما نجدها , بحسب هادي العلوي ,في كتب ( لحن العامة) التي الفها لغويو الاندلس بهدف تقويم السنة العامة وتقريبها من الفصحى .

وبهذا يندرج فتح العرب للاندلس ( بحسب هادي العلوي ), في طراز الاحتلال الاستيطاني الذي نجد امثلة معاصرة عليه في استيطان الانسان الاوربي الابيض للامريكيتين ولاستراليا .
تاخر ظهور الفلسفة في الاندلس حتى القرن السادس الذي انجب اعظم فلاسفة العرب المسلمين الى جانب ابن سينا والشيرازي , وهو ابن رشد .

ويرجع تاخر الفلسفة , بحسب هادي العلوي , الى الفكر السلفي . لذلك لم ينتشر في الاندلس من مذاهب غير مذهب مالك .وهو مذهب اهل الحديث والفقه النقلي الرافض للقياس .
لقد كان الاسلام بثوبه السلفي هو الملاذ الامن لتلك النفوس التي عبر عن دواخلها شاعر قال لبني قومه بعد ان استعاد الاسبان طليطلة عام 487 هجرية

يا اهل اندلس شدوا رحالكم – فما المقام بها الا من الغلط
السلك ينثر من اطرافه وارى – سلك الجزيرة منثورا من الوسط

لقد حدث الاستيطان العربي الاسلامي للاندلس في وسط غير قابل للدمج والانصهار . وكان لاصحاب الارض من الاسبان امتدادهم العميق في قارة باكملها .ورغم ان اعدادا كبيرة منهم انصهرت في المجتمع العربي الاسلامي , الا ان حالة المقاومة استمرت من خلال الوجود المسيحي المنظم بمؤسسة الكنيسة في داخل الاندلس . وقد لعبت المسيحية دور الحافظة لهوية الاسبان والتعبئة باتجاه المقاومة ,وهو مايفسر قوة الدين في المجتمع الاسباني المعاصر , المعروف بكاثوليكته المتشددة .

لقد تزامن استرداد طليطلة مع صعود السلاجقة واستيلائهم على المشرق وحاضرته الكبرى بغداد , حيث بدا التراجع في مد الحضارة الاسلامية . لكن القرون الاربعة التي اعقبت ذلك , قدعكس واقع التباطؤ الشديد في حركتي الانهيار الاسلامي والنهوض الاوربي على السواء .. وانصرمت ستمئة سنة حين كانت قد استعيدت معظم انحاء الاندلس .

وهي المدة التي شهدت سقوط بغداد على يد هولاكو والمتزامن مع استرداد قرطبة حاضرة الاندلس الاراس من قبل الاسبان ( بغداد 1258 وقرطبة 1236 ).ويحمل الدلالة نفسها صمود غرناطة بمفردها مئتي عام بينما يوافق استردادها وانتهاء الاستيطان العربي البداية الحاسمة لعصر النهضة الاوربي .

مقالات ذات صلة :

مقالتنا ( وحشية انسان الحضارة ) والمنشور على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=407724

#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين