أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - وليد يوسف عطو - الحداثة والجمع بين العلم والسحر















المزيد.....

الحداثة والجمع بين العلم والسحر


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4785 - 2015 / 4 / 23 - 16:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



من مفارقات مجتمعاتنا العربية , هي جمعها بين الحداثة التقنية دون الفكرية والعقل الاسطوري ..
وبين العلم والسحر والشعوذة ..
فضائيات محلية وعربية تروج للابراج الفلكية ولحسن الطالع والتنبؤ بالمستقبل , الذي لايعلمه الا الله , وقراءة الكف وفنجان القهوة.وهناك من يمارس علاج السرطان بالكيمياوي وبالقران معا وبالطب الشعبي . ويكتب عن تنبؤاته في السياسة المحلية والاقليمية والدولية ويمتاز بسعة مخياله في الانتقال من علم الى علم ..

حتى العلم بالاحجار الكريمة وتاثيراتها النفسية والجنسية . ان الناس بسبب القمع السياسي وازدياد الفقر واحزمة الفقر وقاع المدن , وانسداد الافاق امام اية مشاريع تنموية وديمقراطية تحقق العدالة الاجتماعية لعموم السكان , تلجا الى طلب السحر والابراج.

ان الازمات السياسية والاقتصادية العميقة والتي تعصف بمجتمعاتنا , والصراعات الطائفية والدينية والعرقية جعلها تلجا الى السحر والشعوذة .
تتميز الحروب والنزاعات بتنامي هذه الظواهر خصوصا بازدياد تشوش وعي الناس والانزياح الفكري لديها . بالاضافة الى الاحباط النفسي والقلق يجعل المواطن يلجا الى هذه الممارسات لحفظ توازنه النفسي .

يبقى هناك خيط رفيع يفرق بين السحر والمعجزات في الاديان وفي الاستنارة والعرفان والتي يصل الفرد فيها وفي قمتها الى مرحلة الهلوسات بالفصل بين الجسد والوعي , حيث يقوم بترديد كلمات غير مفهومة ,يصاحبها الهذيان او الاغماء والتي يطلق عليها في الانجيل ( التكلم بالسن ).وهي تهمة وجهت الى الانبياء امثال يسوع المسيح (عيسى ) والنبي محمد وغيرهما .لذا اتهم المسيح بانه سامري وبه شيطان , وهي اشارة الى حالة العرفان والكشف الالهي والتي كان يمر بها . وهي تمثل الحد الفاصل بين الجنون والعبقرية وبين السحر والعرفان , وبين العقل والاسطورة , وبين الايمان واعمال السحر .

كثيرا مايتصور بعض الاشخاص بان جنيا قد ظهر لهم او انهم استمعوا الى صوته . وبالحقيقة انها مجرد هلوسات نفسية او فهم غير واع لظواهر طبيعية . حيث ان انتقال الاصوات عبر المادة والارض والماء يحدث رنينا وتضخيما للصوت عند مروره بفراغ او تجويف او غرفة فارغة , وتعمل نفس عمل بدن الة العود. وهي حالة تحدث باستمرار في ظلام الليل وفي الصمت المطبق في المقابر .

في زمن الفوضى واللامعقول , يتمتع العقل العربي المؤدلج باجازة مفتوحة عن التفكير , فهو في حالة تخدير اصابته كما اصابت الاحزاب بمختلف تلاوينها , واصابت المثقف بمقتل . لقد تم اعلان موت المثقف النخبوي والطليعي والرسولي .
لقد تم اعلان موت الثقافة في مجتمع الرثاثة , الذي يقدس السحر والغيبيات ويجمع بين السلفية التكفيرية وبين الحداثة التقنية.

ان الانتقال من العلم الى السحر والغيبيات هي ممارسات يقوم بها الفرد لتبرير الاحباطات التي يواجهها في حياته ولكي يتم تحميلها على جهات خارجية او ارواح شياطين .تقوم هذه الجماعات والتجمعات بالانغلاق على نفسها وتتوهم بوجود عالم خيالي سحري يحقق احلامها في السعادة الابدية وفي العدالة الاجتماعية , وهي تحاول انكار الوقائع لتصدق اوهامها .

ان الانسان هو ملح الارض , كما يقول السيد المسيح , فاذا فسد الملح فلايصلح لشيء البتة .ان الانظمة الشمولية العربية والايديولوجيات والعقائد الجامدة قد حولت الانسان الذي هو ملح الارض الى مادة تالفة لاتصلح لشيء, وبذلك تم افساد الدين والقومية والنظريات بتلويث الانسان نفسه وتحويله من العقلانية الى اللاعقلانية . ومن انسان يمارس حريته الى انسان يمارس العبودية بارادته ويقوم بجلد ذاته ..

من انسان يمارس الاستقلالية في التفكير ..
الى انسان يترك عقله عند الاخرين لكي ينوبوا عنه في التفكير ..
وهكذا تم الجمع بين السحر والعلم معا ..
بين الاستقلال والتحرر ,وبين الخضوع للسيطرة الامبريالية وللسيطرة الدينية من جهة اخرى .
وتحولت الاحزاب التقدمية الى احزاب محافظة تتساوق مع القبيلة والعشيرة والطائفة والعرق والقومية , وبعد ذلك تدعي العلمية والعلمانية ..
انهم يجلسون في المقاهي الليبرالية او الماركسية او القومية , ويحدثونك عن الحداثة ..
ويسبحون بحمده..
لقد اخذ الناس في المناطق الشعبية في العراق يذهبون الى المضمد ولا يذهبون الى الطبيب ..
يذهبون الى العراف والمسطول ولا يذهبون الى الحكيم ..
يقدسون السياسة اليومية ويمارسون سلطة النقل بدلا من العقل , حتى ممن يدعون بالعقل والعقلانية ..
انهم عبيد للايديولوجيا , ولايعرفون الحرية ..

ان اليساروالتيار القومي والليبرالي بمختلف تلاوينه مسؤول عن تراجع مشاريع التقدم والعقلانية والعلمانية والحداثة , الى نقيضها, وذلك بسبب القوالب الفكرية الجامدة, وثقافة عقل الترجمة والاستنساخ والفكر الشمولي والذي حول شعوبنا الى ( قطعان ).
وتم تشيؤالمواطنين , كما في النظام الراسمالي لصالح الزعيم او الحزب او شيخ العشيرة .
وتحول الماركسيون الكلاسيكيون الى دراويش واصحاب طريقة , واصحاب تكية ( مذكرات بهاء الدين نوري )..
واصبحوا مشروعا كابحا للعقل وللعقلانية وللحداثة .
وتحولت مشاريع التحرر الى مقولات جوفاء ..
كل ذلك بسبب رفضهم لاستخدام العقل النقدي لدراسة الواقع المتغير . فهم تصورا انهم يملكون حلولا سحرية ماداموا يمسكون بالنظرية العلمية الاشتراكية او القومية او النظرية الليبرالية الفكرية والاقتصادية الغربية ...

يكتب (ابو النور حمدي ابو النور حسن )في كتابه :
( يورجين هابرماس : الاخلاق والتواصل) :

( يذهب هابرماس في كتابه : النظرية والتطبيق , الى ان الماركسية ليست ايديولوجيا او اعتقادا سياسيا , بل هي طاقة للنقد . فمع ماركس نستطيع ان نفصل بين النظرية والتطبيق ).

لقدعاش اليسار في العالم العربي في عالم سحري , اين منه عالم الف ليلة وليلة , لم ينتج لنا سوى الاوهام والعنف والتراجع والهشاشة في المجتمع , واللامساواة ..
انتج لنا اليسار ثقافة القطيعة لاثقافة التواصل ..
ثقافة القطيع والانساق وليس ثقافة الحرية الفردية .
انهم لايملكون عقلا نقديا ..
فالعقل النقدي تم اغتياله منذ قرون..
منذ ان تمت ابادة المعتزلة والفلاسفة ..

اليسار والقوميون والتيار الليبرالي في العالم العربي لايعرفرفون صناعة الحداثة الفكرية

الحداثة الفكرية تعني ان تاتي بافكار جديدة غير مسبوقة ..
الحداثة صيرورة دائمة ..
تغير وتبدل مستمرين ..
وحيثما كان هناك استقرار وركود , تموت صناعة الحداثة الفكرية لتتحول الى تراث وتاريخ ومعوق للعمل وللتقدم ..
وهي تتعارض مع الايديولوجيا والقوالب الفكرية الثابتة والسياجات الدوغمائية ..
الحداثة الفكرية هي نقيض للايديولوجيا ...
وبذلك نعيش الحداثة الفكرية في راهنيتها لانها تتغير ولا تستقر على مستقر..
الحداثة تعيش الحاضر براهنيته وتصنع المستقبل وهي مفتوحة على اللانهاية ...
وبما ان اليسار العربي يعمل بعقلية القالب الفكري المنغلق , لذا فهو يقدس التراث والماضي ..
ولايعرف المستقبل ولا الحداثة ..
انهم سلفيو اليسار العربي ( الكلاسيك )..
يعيشون في ارشيف الماضي ..
ولايستطيعون استخدام العقل النقدي ..
لذا فهم يؤمنون بالتقدمية لكنهم يمارسون المحافظة والتراجع ..
يؤمنون بالمستقبل بصورة مخادعة ..
لكنهم يعيشون في اطلال البكاء على الماضي التليد ..
ويقدسون قصيدة ( الاطلال )..
اسقني واشرب على اطلاله ...

ان انكماش الاحزاب الشيوعية في عالمنا العربي على الذات هو تعبير عن نوع من الحماية الذاتية وعن العجز تجاه الواقع غير العقلاني والذي يخالف النظرية الماركسية في حتمية انتصار الطبقة العاملة والاشتراكية .لذا فهي عودة الى الاصول والى السلفية الماركسية بمايخالف الديالكتيك الماركسي نفسه .
انها عودة الى واقع افتراضي متخيل وجميل اين منه قصص الف ليلة وليلة؟
لذا لايكون الماركسي من اصحاب السياجات العقائدية قادرا على التغيير الفكري .

من نتائج الفكر العقائدي لدى الاحزاب الشيوعية هو فقدان الرفيق الحزبي لفرديته ولحريته الفكرية .
لقد انتقلت الاحزاب الشيوعية في عالمنا العربي من صفتها حزب الشعب وحزب الطبقة العاملة الى (العائلةالنووية) .

عانت شعوبنا من الاستبداد والاستعمار الخارجي ومن الاستبداد والاستحمار الداخلي . ان عقلية السياجات الدوغمائية هي اخصاء نفسي معاد للحرية وللحداثة وللديمقراطية.
وتحولوا من ثقافة الحوار الى ثقافة الصراخ لتفريغ المكبوتات النفسية في دواخلهم ..

انهم يعيشون في الاقفاص الحديدية الماركسية كاخر ملاذاتهم .
لقد تحول الكثير من العلمانيين والليبراليين والماركسيين اصحاب النظرية العلمية , بسبب خيباتهم من الواقع المرير الى العرقية والقومية العنصرية , والعودة الى الاسطورة والدين وصراع الالهة في نهاية التاريخ ..
عجبي ! .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلسوف يورجين هابرماس ومدرسة فرانكفورت - ج 4 والاخير
- الفيلسوف يورجين هابرماس ومدرسة فرانكفورت - ج3
- الفيلسوف يورجين هابرماس ومدرسة فرانكفورت - ج 2
- الفيلسوف يورجين هابرماس ومدرسة فرانكفورت - ج 1
- ميخائيل الكبير وتاريخ صدر الاسلام - ج 3
- مفهوم الحداثة عند الفيلسوف هابرماس
- ميخائيل الكبير وتاريخ صدر الاسلام - ج 2
- ميخائيل الكبير وتاريخ صدر الاسلام - ج 1
- اعلان موت الحق :ضمير الانسان
- التواطؤ في تزوير تاريخ فلسطين
- اهمية الحوار في صناعة التضامن المجتمعي
- الفيس بوك والانسان الكوني
- الله والكون في الفيزياء الحديثة - ج 3
- الله والكون في الفيزياء الحديثة - ج 2
- البحث عن الهوية الجنسية - ج 3
- البحث عن الهوية الجنسية - ج 2
- الله والكون في الفيزياء الحديثة - ج 1
- البحث عن الهوية الجنسية - ج 1
- دور مكة بين الوثنية والتوحيد
- جذور الاشتراكية في العراق القديم


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - وليد يوسف عطو - الحداثة والجمع بين العلم والسحر