جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4803 - 2015 / 5 / 11 - 22:12
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الذي يقرأ شعر الشاعر الرومانسي البريطاني Wordsworth يتعجب كيف يحسد الشاعر الغنم و البقر و هو في القرن الثامن عشر / التاسع عشر في احدى قصائده لان هذه الحيوانات لديها الوقت الكافي ان تحدق لساعات و هي تقف تحت سيقان الاشجار
No time to stand beneath the boughs
And stare as long as sheep´-or-cows
ثم ينتقل فكري من الشاعر البريطاني الى الفيلسوف الالماني هايدغر الذي لا يحس بوجوده الا في ملله و كسله و انتظاره لساعات و اخيرا انتقل الى المقاهي الشرقية القديمة التي كانت تهيء البيئة المناسبة للجلوس لساعات دون دكتاتورية الساعة و الموبايل و الجرائد و المجلات لكي يحس الانسان بوجوده و عالمه و ما يدور حوله في هذه الحياة و ارى المرأة الكردية المسنة التي كانت تجلس امام باب بيتها لتحدق في ما حولها لعدة ساعات دون ملل.
لا يستطيع الانسان اليوم ان ينتظر في غرفة انتظار الطبيب او عند مراجعة الدوائر الرسمية - اعني ان لا يعمل شيئا او لنقول يحدق في الحائط كل الوقت لانه يفقد صبره و هدوءه اذا لم يخرج الموبايل من جيبه و يقوم بمخابرات مستمرة او بكتابة نصوص قصيرة او يلعب العاب رقمية على الهاتف النقال.
بدون شك يمكن ان يعذبنا الانتظار في غرفة انتظار طبيب الاسنان و لكن الذي نسى دروس الانتظار و لا يهدأ حتى في الباص و القطار دون ان يخرج موبايله من جيبه في كل دقيقة:
اولا يفقد الانضباط النفسي و الصبر و يصبح عجولا ينظر الى الموبايل بين دقيقة و دقيقة
ثانيا و كما يقول الاستاذ الالماني Peter Vorderer من جامعة مانهايم يمنح الانتظار و الكسل و الملل فرصة للدماغ للتفكير و يمكن الانسان ان يحس بالعالم حوله اي ان هناك علاقة وثيقة بين الانتظار و التفكير و الطفل الذي اصبح تقويمه كالكبار مملوءا بالمواعيد لا يمكن ان يكون مخترعا للجديد في المستقبل. الانسان بحاجة الى فترات الملل و الكسل. تأتي لك احسن الافكار و انت ترى العالم يتحرك اما عينيك من شباك القطار و هذا يعني ان الافكار بحاجة الى مساحة خاصة بها.
ثالثا تفقد حاسة النظر نوعيتها بدون قابلية الانتظار و تنزل قابلية الملاحظة و ما يدور حولك الى الحضيض. ذكرت لي سيدة المانية بان الانسان اليوم لا يلاحظ و هذا يعني سيفقد فن الرسم اهميته و لكن الاستاذ الالماني يقول بان زمن الانتظار حتما سيعود.
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟