أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - ثاني أوكسيد الداء في ضيافتي















المزيد.....

ثاني أوكسيد الداء في ضيافتي


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 4761 - 2015 / 3 / 28 - 14:22
المحور: الادب والفن
    


ثاني أوكسيد الداء في ضيافتي


هلُمَّ إليَّ أيّها المتلصصُ الماكر
يامن تترقبُ أن يُهدَّ سياجُ جسدي
ايها العدوُّ العاقلُ المهيبُ في مجلسك
تعالَ أيها الطائر المهيضُ الجناح
أنا عشُّــكَ النائي الآمِن
لستُ قـفَصاً فتضيق رحابُك
قمْ وتمشَّ في أوصالي
تسرّبْ في كلّ الزوايا اليقظة والنائمة
تمايلْ غنَجاً ، ضاحكا ، هزّ يديك
تبَخْترْ في خيَلاء
ارقصْ هازئاً ، ولتكنْ دبْكاتُك صاخبة
وطبولُك عاليةَ الرنين
فقد هجعَ من يحفظُ عافيتي
كن غجرياً مهووسا بالغناء
تذوّقتُك داءً مريراً
ركبْتُك مركباً صعْباً
عَلوْتُك دابَّةً عرجاء مُنهَكة
اخترْ كلَّ الدروب الوعرة والسالكة
اعتصر قلبي حتى اليباس
قَشِّرْ شغافَه ، أمْرغْه في وحْلِك
دعْهُ عارياً يهتزُّ برداً
ارجف يديَّ ، أرعشهما
رجَّ كياني بالحُمّى
اعدمْ شهيّتي
اجعلْ زلالي كدَراً
وزادي مجّاَ ، ممقوتاً
انثرْ في فراشي قضيضاً
يُسلبُ هدْأتي
اصلبْ وسادتي حجَراً صوانا
احزمْ أطرافي بحبلك
انخرْ ذاكرتي بالصوَر واللحظاتِ المُفْزعة
انتخبْ كلَّ ما يروقُك لتوقعني أسيراً
أُحاصَرُ في قفصِك الضيّق
لن أتوسّلَ اليك خانعاً ، واطئ الرأس
مهما حززْتَ عظمي
وأرْخصْتَ دمي
وأذبتَ عمْري
لن انحنيَ باكياً
مهما نحلتَ جسمي
وخسفتَ صدري
لن أذعنَ لك شاكيا
لن اكونَ حَمَلاً تسوقُه من مرعى الى مرعى
تقودُه الى مذبحٍ او مسلخ
بعد ان يثقلَ لحمُهُ ويكتنزَ شحمُه
فما زال المحبّون يلهجون باسمي
يعلّقون رسمي في قلوبهم
لم تزلْ أنفاسي تخفق
مهما جهدتَ في خنقِها
لم تزل أصابعي ممسكةً بدواتي
مهما أثنيتَها أو أرعبْتَها
لم تزلْ سهامي تصيبُ طريدتها
مهما نأتْ أو شردتْ هاربةً
مازال ظَهري صدَفيّا صلْبا
كظَهْر سلحفاةٍ مسنّة
ولساني ثـقـفْـتُـهُ بمبْردٍ حاذقٍ
نزعَ مني صدأَ الخوف
وأصْقلني من الشوائب
أظهرَ بريقي لامعاً مشذّبا
أيها الداءُ العسيرُ المذاق
أبصرتُ ألاعيبك
كشفتُ مرآك المخيف
حالما تخرجُ مني في غفلةٍ ما
سأُحكمُ غلقَ أبوابي
وأصدمُها بوجهك
أغُمّك بكفَيَّ الراعشتين
وإياك إياك ان تختلسَ النظرَ بين الثقوب
وتكشفَ أسراري الدفينة
وتفضحَ عريِي
هلوَستي وشرودي
لاتتسلقِ الجدران بحثا عني
فأنا رابضٌ في عريني كأسدٍ جريح
مازالتْ في فمي قهقهاتٌ
تتناثرُ كأضواء السماء
ففي صدري نفثاتٌ تريد البوحَ
وفي شفتيَّ قُبَلٌ لم تولدْ بعدُ
وفي بستاني ورودٌ لا أسماء لها
زرعتُها من معين الشّعر
بهيّة الطلعة ، آسرة العطر
تنتظرُ أن أسقيَها بكلماتي
وفي قدمي حلُمُ خطواتٍ لابدّ ان أبدأَها
مازال حبلُ قاربي ممسكا يدي
مهما ضعفتْ واعْتلَّتْ
ومجدافي صلب العود
تقودني الرياحُ ، فهي مؤنستي
بهبوب نسائمها المبلّلة العليلة
تشرحُ صدري المخنوق
والأمواجُ أرجوحتي التي تسعدُني
والأقمارُ تشاركني رفقتي
الليلُ يطربني بسكونهِ
والنهار يُبهرني بصباحهِ وضحاه
الشعراءُ يقدّمون لي قصائدهم المنتقاة
على طبَقٍ نُثِر بورق الورد
فأهللُ فرحاً ، أثِبُ كالمفزوع
حينما أقرأُ مقطعاً ساحراً
والأغاني تقفُ في طابورٍ
تُمنِّي نفسها أنْ أسمعَها
أهزجُ طرَبا لِشدْوها
جداري الذي يحرسُني
اصطفّتْ فيه لوحاتٌ
تتوسّلُ ان أتطلعَ اليها
أرى ألوانَها تتسربُ داخل سريرتي
حتى أنت أيها الداءُ اللّدود
عَدوّي الذي اصطفاني صديقاً
وهبْتَني عنفوانا لم أعتدْ عليه
صفوتَ صحبي
أبعدتَ عني من تزيّى بجِلْد الحرباء
ممن امتهنوا تبديلَ ألوانِهم وسحناتهم
رفاقَ الطاولات المكتنزة
عاشقي بطونهم ؛ مثل هِررَة
تلاحقُ أكياسَ النفايات ذات الروائحِ الزّفرة
الواقفين في اوّل الصفوف ممن امتهنوا الانحناء
يجلسون القرفصاءَ ترّقّباً لصفير السيّد الرأس
يتسابقون لنيلِ عظْمةٍ جرداء
سقطتْ سهْواً من جِرابِهِ
وهو يتعثر بأقدامِهم الراكضة
علّمتَني أيها الداء أن أداوي جراحي بيدي
أطبّبُ مانزفَ منها من فضلات ثيابي
أغمسُ خرقة الضمادِ في محلول طُهْري
لاأريدُ ذراعاً تمتدُّ إليَّ ؛ تأخذ بيدي
فأنا أقوم متشبثاً بوتَدِ خيمتي
أصمُّ أذُنيّ عن استغاثات الوجع
مهما علا صوتُها واشتدّ صراخُها
أوقدتَ ذاكرتي أيها الداء
أنْـبتَّ في أحشائي جنيناً عاقّاً
يرفسُني في غمرةِ نومي
لازمْتني في حِلّي وترحالي
يوم غادرني نسْلي وأصدقائي
حين بعثتُ اليهم ليصلوني
بقيتَ انت وحدك ظِلّي اللصيق
علّمتَني كيف أزهد بالطيبات
وأعفُّ عن الموائدِ التي تأنسُ بالذباب
لا أستسيغُ الدراهمَ المُعارة من اللصوص
آنفُ من شمِّ باقة الزهور المسروقة من المقابر
أيها الزائرُ الثقيلُ الظِّل
ابقَ عالقاً في جسدي
هناك من هو أثقلُ من الجبال كَمَداً
أشــدُّ من النار هولاً
حين يتوسدُ الصدرَ ويُضيّــق الأنفاس
ما أرجفَ فزَعَك وانت تَنخرُ ذاكرتي
حنانيك أيها العمْرُ العاري من السقام
ما أزهى رداءَكَ لولا قِصَرهُ !!
ماأكرمَ ضيافتَك لي
لولا مكوثك الطويل
طوبى لمن جنَّ ليلُهُ متمرِّغاً بالعافية
ولامسَ وطنَهُ وارتمى في أحضانهِ منعّماً
غير ان وطني هيكلٌ عظمي
لا لحمَ فيه لأعتصره
ولاحضناً لاسعاً لأغورَ في دِفْئِه
تقطّعتْ ذراعاهُ ويعجز عن العناق
استؤصلتْ شفتاهُ ولا يحسنُ طبعَ القُبَل
عَمِيَ بصرُهُ فلا يعرفُ سِماتي وملامحي
بُتِرَت ساقاهُ ولايقدرُ اللحاقَ بي
ليثنيني عن الوداع ويجرجرني إليه
شِباكُه أوهن من خيط العنكبوت
ليوقعني في حبائلهِ
لايسعني سوى ان ألوّحَ له مودِّعاً
وأطيِّرَ قبلاتي إليه من بعيد
أغادرُ مكفَّناً بالنزوح
ألوذُ متوسِّلاً بالسقامِ كي يأخذَ بيدي




جواد غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدأةٌ مشتعلة
- ألوان الحب كما رسمتْها امرأة للثامن من آذار
- اختناقٌ وموتٌ على صهوة جواد
- والشعراء والمثقفون والصحفيون يتّبعهم السارقون
- هل تعيدُ الصناعة العراقيّة نهوضها ؟؟
- علامَ الخوفُ من الاخلاقِ العلمانيّة
- عواصفٌ وأعاصير
- وثنية المال في النظام الكولونيالي
- إعمار الأرض أم تخريبُها ؟؟
- التسفير القسري للعراقيين والتهجير من أرض الأجداد
- طوافٌ حول تضاريس الشعر
- حواضر العراق وضياع التراث المكانيّ
- ماذا تبقّى من عراقة الموصل ؟
- لماذا لاتكون داعش صناعة اميركية ؟؟
- وللديمقراطيةِ حميرها
- هل من إعادة فحصٍ للربيع العربيّ ؟!
- انقلاب الصورة
- نهبُ وتخريب التراث الموصليّ
- ضياعُ ذاكرة المكان
- نعم انتخبوا السيد الرئيس المُقْعَد


المزيد.....




- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - ثاني أوكسيد الداء في ضيافتي