أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد كاظم غلوم - اختناقٌ وموتٌ على صهوة جواد















المزيد.....

اختناقٌ وموتٌ على صهوة جواد


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 4722 - 2015 / 2 / 16 - 11:14
المحور: الصحافة والاعلام
    


اختناقٌ وموتٌ على صهوة جواد

وقفة استذكار وكلمة رثاء للصحفيّ الاميركيّ الراحل " أنتوني شديد "

في مثل هذا اليوم السادس عشر فبراير من عام / 2012 تمرّ ثلاث سنوات على رحيل الزميل الصحفي الاميركيّ اللامع الجريء " أنتوني شديد " الذي أحبّ بغداد وتعلّق بأصدقائه الكتّاب والصحفيين العراقيين وعامّة الناس وخاصّتهم وساح في شارع المتنبي وأزقته الضيقة العابقة بالتراث وروائح الكتب وأنفاس الثقافة وجال في اكثر بقاع العراق دون وجلٍ أو خوف أو تردّد من اجل إظهار الحقائق كما يراها هو لا كما يسمعها من الإعلام
ولكم أحزننا كثيرا الموت المفاجئ لهذا الصحفي الدؤوب / اللبناني الاصل " انتوني شديد " بنوبات شديدة من الربو في السادس عشر من شباط /2012 حينما كان ينوي الدخول الى سوريا من الاراضي التركيّة خلسةً بعد ان منعوه من دخول الشام ، وكان يمكن علاجه وشفاؤه في احد المشافي لولا انه دخل الاراضي السورية متخفّيا لتغطية النزاعات العارمة التي تعصف بالشارع السوري وقتذاك والمواجهات المسلحة التي لم تهدأ الى الان حيث استخدم صاحبنا الجيادَ في تسلله وتنقلاته كواسطة نقل بعيدا عن عيون الجيش السوري وشبيحة الأسد ، فهذا الصحفي البارع يعدّ من اكثر الصحفيين مهارة وتخصّصا في الشأن العربي وشؤون الشرق الاوسط عموما اضافة الى فهمه العميق لما يجري في هذه البقاع ويمتلك جرأة ومغامرة قد لانراها في غيره وسط الأحداث الساخنة من خلال تتبّعه لأوضاع الناس ورسمه صورا دقيقة عن معاناتهم وظروف عيشهم ، نراه يلتقي بهذا ويلاحق ذاك وينقل بصدق احاديث الناس دون أيّ تحريف مع تميزه بالدقة في كتابة تقاريره الصحفيّة
عاش في بلادنا ردحا من الزمن ، أحبّ ارض العراق وناسه حينما عيّن مديرا لمكتب العراق في صحيفة / الواشنطن بوست الذائعة الصيت وعاصر التغيير العاصف في 9/4/2003 ودخول القوات الاميركية الغازية للأراضي العراقية لكنه لم يغادر بغداد وقتذاك رغم مخاطر البقاء وقدّم للعالم اجمع حكايات العراقيين وقصصهم المريرة المروّعة من فقر وتهجير وعنف لايطاق ابان الاحتلال الأميركي وكان وسط الاضطرابات التي عصفت ببلادنا ورغم ذلك كان يقول وهو في الولايات المتحدة بعد رحيله الى بلاده : " مازلت أحنّ للعودة الى هذه البلاد والى اصدقائي العراقيين مهما حصل فيها من مفارقات وغرائب "
عشق البقاء في بؤر التوتر ومناطق النزاعات أينما وجدت في بقاعنا العربية ؛ فقبل /2003 وبالتحديد في الضفة الغربية سنة /2002 وأثناء تغطيته للأحداث الساخنة في الأراضي الفلسطينية اصيب بالرصاص من قبل القوات الاسرائيلية ولكنه آثر البقاء رغم سخونة الوضع حتى يكمل مهمته
في ليبيا أيضا كان " انتوني شديد " وسط معمعة الحرب وتحت وابل القنابل التي كان الناتو يُسقطها على الاراضي الليبية محدثةً الخراب والدمار ولكنه بقي رغم المخاطر الهائلة وظلّ يواصل تغطيته الصحفية الى ان وقع أسيرا في أيدي قوات القذافي وظلّ في الأسر مدة من الزمن حتى تم إطلاق سراحه ؛ والمذهل ان هذا الصحفيّ العنيد يرفض ان يحتمي بالقوات الأميركية التي كانت متمركزة في العراق وفضّل ان يقوم بدوره ويتجول هو وطاقمه من المصوّرين دون مساعدة الغزاة على العكس من بقية الصحفيين الذين استعانوا بالمحتل لحمايتهم وكانوا يرافقون المارينز ويحتمون بهم خلال جولاتهم لتغطية اخبارهم باستثناء انتوني شديد الذي لم يرافقه جنديّ اميركي طوال مكوثه في العراق وجولاته المتكررة في مدنه ومحافظاته حتى الخطيرة الساخنة منها
اذكر مرة خلال احدى زياراتي المتكررة لمسقط رأسي النجف بعد عام /2003 رأيته يلتقط بعض الصور مع رفيقه المصوّر الصحفي وبجانبه حشد من الناس وراح يتكلم معهم بالعربية بطلاقة ، كان رابط الجأش مستخفاً بالأخطار التي قد تحيق به فجأة ، ويجدر ان أذكر انّ انتوني شديد قد تعلّم العربية منذ ان امتهن العمل الصحفي في جامعة ويسكنسن الاميركية وزادها إتقاناً حينما حصل على زمالة دراسية في الجامعة الاميركية في القاهرة ناهيك عن عقده صداقات واسعة مع الأوساط الصحفية العربية ومنها العراقية خلال وجوده في العراق فزاد إلمامه بلغة الضاد وتعلّق بها حتى انه أتقن اللهجة العراقية بنباهة يحسد عليها
حاز على عدة جوائز قيّمة ومتميزة عن عمله المثابر وبراعة تغطيته للأحداث الدولية وبالأخص في الوطن العربي والشرق الاوسط عموما إذ حصل على جائزة / البوليتزر مرتين كما حصل ايضا على جائزة / جورج بولك لمرتين متتاليتين وتم تكريمه سنة /2007 من قبل المعهد العربي الاميركي وتثمين جهوده الصحفية ومثابرته والثناء على تقاريره الدقيقة ومتابعته للأحداث ونقلها للملأ بكلّ امانة وصدق .
لديه عدة مؤلفات اهمها " إرث النبيّ " وكتابه " اقتربَ الليل " الذي تحدث فيه عن شعب العراق خلال الحرب الأميركية وسنوات الغزو. لكن اهم كتبه هو " بيتٌ من حجَر" وفيه يروي قصة أجداده الذين كانوا يعيشون في " مرجعيون " بجنوب لبنان والكتاب عبارة عن مذكرات عاشها شديد في جنوب لبنان قرابة العام ويسعى الى استعادة البيت القديم الخاص بأجداده والعودة الى الجذور وإعادة بناء البيت ومدّ جسور المحبة بين الشرق والغرب وقد كتبه بسرد رائع وشيّق
عاش شديد في أتون الحرب واكتوى بنارها لكنه لم يمت في ساحات الوغى ، إلا ان نوبات الربو الحادّة قتلته وهو يمتطي صهوة حصانه كفارس للكلمة الحرّة حينما أراد أن يغطي الأحداث الدامية في سوريا ويرصد عنجهية النظام الدكتاتوري في سوريا ومعارضيه المتعددي الوجوه والمشارب من التيارات الدينية على اختلاف توجهاتها والليبرالية واليسارية وقسوة التعامل مع الشعب المقهور الواقع بين فكي كماشة النظام السوري ومعارضيه المسلحين لكن الأجَل المحتوم رصدهُ قبل ان يكمل مهامه فمات اختناقا بسبب نوبات الربو وهو يعتلي صهوة جواده الذي أتى به خلسة من الاراضي التركية وأوصله الى بلاد الشام وشاء القدَر ان يرحل الى جوار ربّه في تلك الارض التي تسمّى مهد الحضارات وصارت الان مهداً للإبادات والمرارات التي لا يبدو ان تنتهي في القريب العاجل .


جواد غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- والشعراء والمثقفون والصحفيون يتّبعهم السارقون
- هل تعيدُ الصناعة العراقيّة نهوضها ؟؟
- علامَ الخوفُ من الاخلاقِ العلمانيّة
- عواصفٌ وأعاصير
- وثنية المال في النظام الكولونيالي
- إعمار الأرض أم تخريبُها ؟؟
- التسفير القسري للعراقيين والتهجير من أرض الأجداد
- طوافٌ حول تضاريس الشعر
- حواضر العراق وضياع التراث المكانيّ
- ماذا تبقّى من عراقة الموصل ؟
- لماذا لاتكون داعش صناعة اميركية ؟؟
- وللديمقراطيةِ حميرها
- هل من إعادة فحصٍ للربيع العربيّ ؟!
- انقلاب الصورة
- نهبُ وتخريب التراث الموصليّ
- ضياعُ ذاكرة المكان
- نعم انتخبوا السيد الرئيس المُقْعَد
- انقذوا مسرح الرشيد ، نقولها للمرّة الألف
- المعوّقون في أرض السّواد
- هل أوقفَ الربيعُ العربيّ زحفَه


المزيد.....




- الخارجية الأمريكية: سيطرة إسرائيل على معبر رفح تبدو بمثابة - ...
- طريق التطبيع وحسابات الدور الأميركي.. هل يختار نتانياهو رفح ...
- الخارجية الإسرائيلية تفحص تقارير حول -مقتل رجل إعمال إسرائيل ...
- الرئيس الصيني يتعهد بـ-عدم نسيان- قصف الناتو لسفارة بلاده في ...
- وزير الخارجية الفلسطيني لـ-يورونيوز-:نتنياهو يريد إطالة أمد ...
- استطلاع: الاحتجاجات الطلابية الداعمة لفلسطين قد لا تفقد بايد ...
- وسائل إعلام: مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر
- اجتياح رفح.. رد إسرائيل على قبول حماس للهدنة
- بوتين.. استقرار روسيا وإعادة الغرب إلى صوابه
- مصر تنفي توليها مسؤوليات أمنية في غزة


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد كاظم غلوم - اختناقٌ وموتٌ على صهوة جواد