أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - بلاد دنيال كالفان . بلاد الظلم والذل والعهر والعار . بلاد هكذا بلاد ، هي بلاد قابلة للنسيان















المزيد.....

بلاد دنيال كالفان . بلاد الظلم والذل والعهر والعار . بلاد هكذا بلاد ، هي بلاد قابلة للنسيان


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 22:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قال الربيع بن زياد الحارثي يعلق على مقتل حجر بن عدي :
" لا تزال العرب ’تقتل صبرا بعده ولو نفرت عند قتله لم ’يقتل رجل منهم صبرا ... ولكنها اقرّت فذلت " – الطبري -- .
وخطب الوليد بن عبدالملك يوم استخلافه قائلا :
" ايها الناس . من ابدى لنا ذات نفسه ضم بنا الذي فيه عيناه . ومن سكت مات بدائه " .
وقال بن المقفع :
" شرّ’ الملوك الذي يخافه الجرّيء ، وشر البلاد ، بلاد ليس فيها أمن ولا خصب " .
-- 1 –
بلاد كانت يوما لهيب نار
خمد اللهيب . انطفأت النار
تركت رمادا
بلاد من الفخار
بلاد من الفخار المزخرف
بلاد لم تبق حجرا
بلاد من الشفاعات بالموتى
بلاد من الاوسمة التي يأخذها
من يجلد
من يعذب
من يسجن
من يقتل عمدا
من يحرق الشباب ويرميهم في الابناك ...
من الجند والجدرمة والبوليس والحرس الملكي والوحدات الرديفة .
بلاد من الاوسمة التي يأخذها كل جلاد كل معتد كل آثم
ويأخذها الجبان وما عاف السبع
هدايا القتل المتقن والرعب العمومي
وحيطانها مبكى كل الناس
بلاد لم تعد من الحجر
بلاد لم تعد الصلب ولا الصّمّ
بلاد اصبحت من الفخار المزخرف
إن ضمّها الطغاة انكسرت
فاختلطت اوراقها بنبيذها ، باللبن الذهبي فيها
ولم تسق جريحا ’ملقٌى في الدماء
بلاد فقدت بريقها
بلاد فقدت تاريخها
بلاد تنكرت لماضيها
لتراثها لإبطالها
احمد الهيبة ماء العينين
محمد عبدالكريم الخطابي
موح اوحمو الزياني
المهدي ، عمر ، زروال ، وجبيهة رحال ..
وقائمة الابطال ودماء الشهداء تسقي تربة هذه الاوطان
التي لا تزال تعطي وستعطي
بعد ان جففتها جحافيل الغربان وعبدة الاوثان
بلاد هكذا بلاد . هي بلاد قابلة للنسيان .
-- 2 –
وكل بلاد لها زلزالها وبراكينها
وموسم الفيضانات فيها
لكل بلاد اله يغضب إن عصته جواريه
او أمحلت فحولته ..
نزقا إن اغلقوا بابه خوفا عليه
او فتحوه كي تأتي شكاوى الناس ..
وبلادنا تشكو من زينتها ..
من سحنتها التي ورّدها البحر ..
بلادنا انقسمت الى لونين اثنين :
اللون الاسود واللون الكاكي
.. .. .. .. .. .. ..
والبلاد التي ألفت موتها
والبلاد التي لا ألف لون لها
لتزهر الزهرة فيها
وضحكت وجه الطفل فيها
ومد الاكف للصبح فيها ..
بلاد هكذا بلاد . هي بلاد قابلة للنسيان .
-- 3 –
قال الحكماء يوما : َبنيّ
لا تعمروا مدنا في عصر من يهوى الخراب
لا تحلموا بالنوم في ظل السقوف
ولا تفرشوا ارضا بثوب
فقد ولّى أوان الثياب
فلا تتبختروا في الشارع الرسمي مثل العاشقين
غطّوا تآلفكم
خبّئوا القبلات في المنفى
فروائح التقبيل تغري خياشيم الذئاب
انتظروا مرور العسف تحت الارض
وترقبوا المنفى
وتعمروا مدنا في عصر من يهوى الخراب
.. .. .. .. .. .. .. ..
انه المنفى يا صاحبي
’ملئتْ بالكدمات تلك التي رأيتها بالأمس
تصب الشاي للآتين .. ’قتلت تحت باب الغد الآتي
.. .. .. .. .. .. .. ..
هذه بلاد مغلقة كزهرة من غبار مظلمة ..
كما لو انها اختبأت في معطف من صخور
لا كهرباء فيها
ولا ماء للجرحى والمساجين
و لا تخفي عارها
هذه بلاد
مثل ’حبّ قديم ، مضى عنوة
بلاد هكذا بلاد . هي بلاد قابلة للنسيان
-- 4 –
علقوا بالأمس ، وساما
من الطلقات في صدر الشاعر
رصدوا دمه للمجهود الحربي
وقالوا : مات شهيدا
قالت امه :
تفتّح ’مرّا في طفولته
فجاء مريرا الى وطن قصير
وقالت ابنته الصغرى :
بابا مسافر ليرى صديقه الموت
والمشيّعون الصامتون
اكثروا من الريحان والتلفّت للخلف
موكب الموت مهيب إن كان في ظل البنادق والسياط والعذاب والتعذيب
موكب الموت مهيب .. إن كان في ظل القاتلين والجلادين
قال الشاعر :
ان الصمت مهزلة .. ومن يصمت يشمت بالقتلى
ويشمت بالضحايا
قال الطغاة :
علّقوا صوته بحبل سرته
وأعيدوه الى القنطرة جثة ،
وحتى هو اعيدوه الى السكة الحديدية جثة
وليختف هذا النحيب
وقال الناس :
أميلوه قليلا كي لا يروه وحيدا
وعلقوا صوته في الصدر
او علقوه على وثر الرباب
.. .. .. .. .. ..
بلاد ترامت اطرافها
واستبيحت حدودها
وغشّتْ نبيذها
بلاد لم تحتمل ان يصرخ
في وجه طعنته شاعر
ان يجرب صوته في حمام الدم
بلاد هكذا بلاد . هي بلاد قابلة للنسيان
-- 5 –
’يبدّل هذا الهواء شهيقي بفحم
فأغفوا على حلم الهواء النقي والحظ
في الصبح ان لا يكون امام بيتي قتلى ومعذبون صدفة ، او
امام قلبي الدم صارخا بضميري . ارفو رئات الناس بالكلمات
فتدفعني الى المدن التي فقدت أمنها
تقاريرهم معلنة اني شهدت زورا .. فقلت
ان صوت الصراخ مزعج وموجع ، وان المدينة قد خلت من اهازيجها
والتاجر المزود بالنياشين افتتح الليلة
دكانا لبيع الدم
يأتي الفقراء اليه فيجسّهم نخاس يرتدي الابيض وقبعة حمراء
يصنف الزمرة المرغوبة . يسحب من ابهرهم ما أمكنه . يحاسبهم بالقليل
عن الكثير خلف ستار لا يرى خلفه احد دمه .. ثم يمضي الفقير
الى الشارع اصفر الوجه ويشتري لأولاده ربع لحم دجاج من سوق الكلب واللحم الرخيص . يغشه تاجر آخر اصفر ..
ثم يأتي الى البيت ميتا ، ليطلب في اول الصبح
من يفتش منزله بحثا عن مخابئ مشبوهة لجرار السمن والعسل المصفى ، وبقايا قطع من تاريخ امته المجيد .
انا ارفو جزء الحكاية المرّ كي لا تصبح الشكوى صراخا ، فيطلب من يصرخ متهما بإقلاق
الراحة والأمن العام ..
انني – هكذا – مثل بلادي
اغشّ نبيذي
أبلاد هذه
ام بقايا اساطير من الشرق القديم ؟
ام حدّ سكين مشى الحفاة عليها
باسم الصداقة والأبوة والبنوة والنيابة عن
الشعب الغشيم ؟
بلاد هذه
يذكرها بالخير ساكنوها
ام هي بلاد قابلة للنسيان ؟
-- 6 –
هذا هو العصر
منفضة انفعال قديم
ادوات لا اعرفها امام المرايا
وأنتِ كنتِ حينا معي كدواة
الى جواري
حزينة مثل قوس غزالة
امامي
وليس في عيني ضوء للخطى
التي خلفتها الجبال
كنا عصفورين من شجر وماء
عزّ في الظهر ماء الحياة
فكنا معا
عصفورين من شجر وماء
هكذا ’خلق النهر والظل في العهد البعيد
هذا هو الصهر الجليل مكرر
كثرت انيابه في لحم الرئات
لم يتنفس ’حبّنا
كثر الشوك في تاج الصبا
فغذونا شهداء
فرّقتنا كرة من لهيب
فانقسمنا وغدونا ضفتين
.. .. .. .. .. ..
هذا هو العصر
بلادنا ساومته في السوق
فلم تربح سوى خسارتها
غازلت قوة الاشياء فيه
فامتلأت صدور الحاكمين ضوءا
فلعقنا سيفها المكسور كي نخفي عارها
فذبحنا مرتين
.. .. .. .. .. ..
هاتوا إذن ..
جمالها الفريد ومجدها
وغرتها وكل ما فيها من خصال :
شمسها البيضاء وجبالها وبحارها ووديانها
وهوائها
وطغاتها ، والعسف الذي انقضى
هاتوا قمحها ولعابها
والبنات الجميلات فيها
وكل ما فيها .. حتى حلمها
وامزجوا عسلا في كأسها
وانتخبوا منها افضل ، أرئف ، اوسم ، اشفق ،
أهدأ وألطف طاغية تجدون
ان المدن التي احببناها ملئت غربانا
وان الموتى افضل من احياءها
والأعلى اسفل تحت القصف
السيف ’أعيد اعتباره
فاصطف خلف الرقاب ..
خارجا من متحفها
لقد صنفوا بلادنا بين الوحوش
زيّفوها حتى تكبر فيها عقوبتنا
حتى تصفر فيها كهولتنا
حتى تغدو بلاد قابلة للنسيان
-- 7 –
وكلما رفعت يدي للسلام على الناس
تذكرت ان الحقائب ما زالت ملفوفة
وان النسيم خلا من رائحة الجثة المتروكة
في ارض بلاد قابلة للنسيان
.. .. .. .. .. .. ..
يتبعني ظلي
احاوره كالمجنون لأقنعه
إن الرحيل الى مدن اخرى
وبلاد اخرى
افضل من مشهد مقبرة
تزحف يوميا لتصحّر هذا البلد
يتبعني ظلي
إن المدينة او المقبرة او العائدين
او الذكرى ... سوف تلحقك اينما ذهبت
فهذه الجثة البيضاء .. بلادنا لم يزل فيها لبن
على حواف الثكنات
وفيها تعددت اوجه الموت والموت واحد
وعلى ضفافه تجري الحياة
هذه بلادنا . تعبتْ من هوانا وهواننا فأقفرت و’صنّفت بين الوحوش
بلادنا صبية الصيف الجميل .. مربض خيل الطغاة
اتّسعتْ يوما ما لتدفن ابناءها
وحين ضاقت ، عصرت نوم القاتلين
فأرّقهم دمها
كبرت بلادنا فجأة
فضايقهم أنّ قامتها أعلى ، وأنها لكل الناس
ولديها متسع من الوقت لتبديل حاكميها المتسلطين السارقين ، وتنويع الوانها
ونكهة الحب في القلب ، ولثغة العدل في توزع الضوء .
ضايقهم انها كبرت فينا لتصغر فيها عقوبتنا ، وقد مزجت
في كأسنا مرارات . فصحنا : يا بلادنا
يا غطاء الرأس . يا صندل الحزن . يا نيزك الروح
يا استدارتنا الغضبى ويا مخدّات عودتنا .
يا بلادنا .. ’مدّي ذراعيك
رحيبين اكثر
الى اعلى
والى الاصغر
الى اليمين
الى الشمال
’مدّي يديك الى اقاصي الآن
ونظفي اسناننا من دمنا
يا بلادنا ..
يا ايتها المخمل البرّي
ويا ايتها الصلبة القاسية
مثل شاهدة القبر
انت مثل ناي طويل طويل
ينفخ فيه الناس
لكي ينسوا انك قاسية
فيعيد اليهم صدٌى غامضا
كالصرخات في الوديان
انك
بلاد
غير قابلة للنسيان .










#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انزلاق المغرب من دولة علم ثالثية متخلفة الى دول ربع العالم ا ...
- حين تصبح الدواعيش التكفيرية اوصياء على الاسلام
- إلغاء ام تأجيل لوقفة الائتلاف من اجل التنديد بالدكتاتورية ام ...
- على هامش الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الائتلاف من اجل التندي ...
- الازمة العامة الحليف الاستراتيجي للمعارضة الحقيقية -- انتفاض ...
- البوليساريو يقبل بالحكم الذاتي بشروط
- هل يحيل الامير هشام العلوي نزاع الصحراء الى اتفاق الاطار؟
- حين يتم جعل السلطة الشخصية المسيطرة سلطة مقدسة -- وظيفة العن ...
- فرنسا هي كريس كولمان
- بين التركيز على شخص الشخص والتركيز على النظام
- بيان اخباري الى الرأي العام الوطني والحقوقي المغربي
- افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر -- عملاء لا ( علماء )
- التردي والافول بالعالم العربي والاسلامي
- من الخائن ؟
- بين خطاب الرفض ورفض خطاب الرفض تنزلق القضية الوطنية نحو المج ...
- الى المدعو عبداللطيف الشنتوفي ( المدير العام ) للمديرية العا ...
- وهم وهراء انفتاح المخزن : حصيلة الانفتاح من 1974 الى 2014 قم ...
- الواقع السياسي الراهن : محدداته المرحلية واحتمالاته المقبلة ...
- لا يا جلالة الملك ما كان ان تميز بين الناس هذا مغربي وطني وه ...
- بين خطاب الملك في 10 اكتوبر 2013 وخطاب 10 اكتوبر 2014 المنتظ ...


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - بلاد دنيال كالفان . بلاد الظلم والذل والعهر والعار . بلاد هكذا بلاد ، هي بلاد قابلة للنسيان