أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - عن نهاية الليل وبدايته














المزيد.....

عن نهاية الليل وبدايته


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4736 - 2015 / 3 / 2 - 22:48
المحور: الادب والفن
    


عن نهاية الليل وبدايته
محمد الذهبي
لم يكن الليل سوى شبح ينذر بالخطر والخوف والفجيعة، مليء باللصوص والمخلوقات الخرافية، ينتهي دائما بتكور خطير تحت الغطاء وهرولة سريعة للصباح، الذي يبدأ بالنور والراحة والطمأنينة، الليل كان طويلا تملأه حكايات العجائز الخرافية، كل شيء ممكن ان يتحول الى اي شيء، بشرط ان يكون مخيفا، ليل مخيف وسط انعدام النور ووجود البرد، اكثر شيء كان يخيفه اختلاط الغروب بالظلام، دائما ما يكون هائما في تلك المساحة الشاسعة من الارض، الارض التي تبدأ بالمقابر الشاخصة باعلى التل الكبير( الايشان)، يهرب الوقت من بين يديه فيحث الخطى بالعودة الى الدار، مارا بالمقابر، يسير بحذر كبير لئلا يدوس على احد القبور، فقد سمع من امه، ان احدهم غاصت رجله في احدها، فانتزعها بقوة، بعد ان سلخت حتى الركبة.
يلتصق بشدة بوالدته، وتوقظه بين آونة واخرى، كان يتكلم في الليل ، يهذي، يهلوس، تخبره صباحا وتحتضنه وتحبه بقوة، في حين كان عرابه الاكبر منه سنا يتفنن في اخافته، كان احسان يكبره بستة اعوام، يجمع حوله من الصغار ليحكي لهم حكاياته المخيفة، وينهي حكاياته بالمسابقة المعهودة: من منكم سيمسك بهذا العظم ويكون اول من يطرق على سكة الحديد القابعة في الظلمة هناك، كان ضعيف الجسد خفيفا، فيتقدم المجموعة، وقريبا من سكة القطار وسط الركض السريع، يلتفت الى الخلف فلايجد احدا خلفه، دائما كان يصل بمفرده وسط هلع كبير، لاينفك يراوده وهو تحت اللحاف.
مازال يخاف الظلمة حتى الآن، يغلق جميع النوافذ ولايترك خلفه فراغا، يختار من الامكنة مايكون مغلقا ومضاء، ويبحث عن الرفقة، انه الليل لافرق بين بدايته ونهايته، هكذا هو يقول، لكنه يفرح بانبلاج الفجر، يستقبله بنعاس شديد وخلاص من خوف دام طويلا هو بعمق الليل المؤثر فيه، وعند كل ليل كان يستذكر حكايات احسان المخيفة، حتى وهو يحمل البندقية، ويجتاز حقل الالغام منفردا بليل يملأه ازيز الرصاص، سمع صوت قطة قد علقت بالاسلاك الشائكة، فما كان منه الا ان يحث الخطى ليلقي بنفسه على اول دكة ترابية في اول ملجأ، وهو يتصور ان تلك القطة ، لم تكن قطة على الاطلاق، ويربطها بحكايات احسان، التي تنقلب فيها المرأة الى سعلاة.
هذا الليل الذي استمر طويلا ، كان يزعجه كثيرا، يبحث عن النجوم، لكنها لاتغني عن ضوء النهار الجميل، النهار الذي تصبح فيه حكايات الليل غير مخيفة، تصبح حكايات الليل محل سخرية، لانها بعيدة عن التصديق، مع الصباح لاشيء يخيف، الاشجار والطيور واشعة الشمس الفضية تضفي مساحة من الطمأنينة على كل شيء، ذلك الليل لم يكن مخيفا، لقد جمعه باحلام وسط الظلمة والخوف والعواطف النبيلة، اعتذرت منه ، فقد اخطأت بحقه، ذلك الليل لم يزل طعمه في شفتيه، ارخ لاول قبلة اختطفها من شفتي حبيبته، فكان للشمس طعم جديد وللظلام طعم، ليل احسان يختلف كثيرا عن ظلام احلام، كان ظلاما لذيذا غير طعم الليل الذي شكا منه كثيرا، الغى لديه في ذلك اليوم ليل الكوابيس والاحلام المخيفة، لاول مرة لم تتيبس شفتاه اثناء النوم، ولم تتناول والدته ابريق الشاي الذي تملأه بالماء وتضعه عند رأسه، لتسقيه بين حين وآخر، الليل الوحيد الذي لم يتمن له نهاية كان يريده ليلا سرمديا ، يختلف عن ليل الحكايات المخيفة.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة اسمها نينوى
- الاموات في احلامي لايتكلمون
- ابصق بدولار
- مدرس ينتظر التقاعد
- الصوت المبحوح
- ارض للبيع
- المرأة الآلية
- قطار الثورة
- الزوج الثاني
- نفايات
- الشيوعي الاخير في محاكم التفتيش
- ضيعت قلبي في الديار
- من يوميات قوّادة بغدادية
- بائع الهوى
- السباق
- طائر الغرنوق
- لوحة لم تكتمل حتى الآن
- لم اكن اعلم ان لله لصوصا
- الاله في محنته
- ارضيتا


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - عن نهاية الليل وبدايته