أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - لوحة لم تكتمل حتى الآن














المزيد.....

لوحة لم تكتمل حتى الآن


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4593 - 2014 / 10 / 4 - 14:18
المحور: الادب والفن
    


لوحة لم تكتمل حتى الآن
محمد الذهبي
بدأ بوضع لمساته الاولى عليها، لكن شيئا ما كان يمنعه من الاستمرار ، وضع عليها شرشفا ابيض، وراح يطالعها كل صباح من خلف ذلك الحجاب، مرت على هذه الحال سنين عديدة، وهو يطالع لوحته، رسم العينين والانف، وهبط الى الاسفل باميال، ووضع الالوان على غير هدى، كان يطالعها بنهم كبير، لوحتي التي لم تكتمل، هي اجمل لوحاتي على الاطلاق، هذا ماقاله في برنامج تلفزيوني، سافر الى اسبانيا، وهناك تحدث عن اللوحة، وعبر سلكا بين جدارين، وفتش في وجوه الفتيات عن شبه يجعله قريبا من لوحته، يعود اليها بعد كل جلسة خمرية مع اصدقائه، يحدثها وكأنها كائن حي: لاتكتملي احبك ناقصة.
لم يضع ابتسامة خفية في لوحته، فهو بعد لم يرسم الفم ولامايحيط به من غمازات ، لايريد ان يضع بلوحته سرا خفيا:
ستكونين عادية ككل النساء
لوحة عابرة، او امرأة عابرة
مسجونة كهاروت توزعين السحر على البسطاء
وعلى الذين يبحثون عن المتاعب
لن ارفع هذا الجدار العقيم، اخشى ان تهربي، فابقى وحيدا، منعزلا في هذا العالم الذي لم يعد يستوعب ما اريد، عالم ضيق، يضيق يوما بعد يوم، وكأنه خصر امرأة تشبهك، في الفترة الاخيرة قاطع كل شيء، المعارض والامسيات وجلسات الخمر غير المنتظمة، التي كان يهرول اليها مسرعا ويعود مسرعا يخزن في جيبه بعض الاحاديث العابرة عن لوحة لم تكتمل وامرأة بعد لم تكتمل ايضا.
حزم امره وقرر ان يغادر بلده الام الى مساحة اوسع واكبر، هو يتصور انها اكبر، ربما في خياله الكثير عن ذلك العالم، عالم رحب يهتم على الاقل بما سيقول او يفعل، الغرفة النتنة هي ذكرياتي الوحيدة عن بلدي، وهنالك ذكرى ثانية، الجثث ومناظر الموت والمسالخ، كل شيء قابل للموت في وطني، الاطفال والطيور، واللوحات، وانا اخشى على لوحتي من الموت الذي ينتشر بكل الاماكن، سنرحل معا، لن اتركك في هذا العالم المسرطن، سنهرب معا ولن نعود الى هنا ثانية، لن نودع احدا، لنقطع حبال اتصالنا بهذه الجغرافية اللعينة، انت ايضا عليك ان تختاري وبروية، الالتحاق بعالم الفضيلة والحرية، ام البقاء في عالم يوهم نفسه انه موجود، عالم يغوص في وحل الخرافة، عالم يخلو من فضيلة يدعو اليها في ادبياته، لقد سئمنا العيش مع هذه الجدران الضالة، ستكون لغتنا المشتركة في العالم البعيد، اصابعنا التي تعيد رسم عالمنا القديم بطريقة جديدة، لم يرسم عالما جديدا هناك، ولم يكمل اللوحة، كان كل يوم يقف امامها لساعات منفردا، وهو يخاطب نفسه، هل انتقلنا من سجن الى سجن آخر، كنا هناك نقطن الغرفة النتنة، وهانحن نعود الى ذات الغرفة، ربما اختلفت الاماكن، لكنني لم اضع خطا واحدا فوق سطحك المتعب، انا اشيخ وانت ايضا تشيخين وبعد لم نعلن عن كمالنا.
انتابته نوبة من الحمى لم تنفع معها زجاجات الوسكي المعتق، اخذ يهذي عن لوحة لم تكتمل وعالم لم يكتمل، الحمى تشعل جسده، حتى انه لم يعد يميز خطوط لوحته الاثيرة لديه، راح يعبث على سطحها وكأنه في ساحة لكرة القدم، استعجل كثيرا بعد ان ادرك ان نهايته باتت وشيكة، دائرة هنا ودائرة هناك، خطوط متشابكة وعلامات، بقمة هذيانه كان طبيعيا معها يكلمها برقة وحنان، لم يترجم اي خط او دائرة فيها، ولم يضع ابتسامة خفية، رحل مساء ذلك اليوم وسط فوضى من الالوان والخطوط، وبقيت اللوحة شاخصة، لم تبتسم حتى حين اكتشفها احد اصدقائه، وحاول اخراجها تحت عنوان لوحة لم تكتمل حتى الآن.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم اكن اعلم ان لله لصوصا
- الاله في محنته
- ارضيتا
- العم المقدس
- الجدار
- النص المفقود
- طيور في نينوى
- هذا الصليب
- انتِ معي في الفردوس
- سقط الرداء
- عصر موت الفنانين
- سأصوم غدا
- لماذا تموت النوارس
- سكران الوطن سكران
- لو اطلقت للريح صوتي
- تقادم الحضارة
- الصباح ووردة عبّاد الشمس
- احتمالات متعددة لموت محتمل واحد
- تقاعد اضطراري ..... رسالة وجدت على ضفاف نهر دجلة
- محترفو الادعية


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - لوحة لم تكتمل حتى الآن