أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الجدار














المزيد.....

الجدار


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 15:42
المحور: الادب والفن
    


الجدار
محمد الذهبي
التحق بوحدته العسكرية مساء، بعد ان ودع امه واباه، وهو ينازع كفي ابيه للتخلص من مزيد من القبلات، لاول مرة يرى جبهات القتال، تعجب من الجنود الذين يخرجون من باطن الارض وسحناتهم متربة، في الطريق الى ارض الطيب، لاحظ عددا من الابقار، فاستبشر خيرا، مازالت هناك بعض البيوت، الارض ليست للعسكر فقط، عدة ابيات تحيطها بعض التلال، وهناك على امتداد الافق ثمة مزروعات بسيطة، يالهذه الارض تنبت دائما وتحت اية ظروف، وصل ليلا وانتظر سيارة الارزاق لتقله الى المواقع المتقدمة ( الحجابات)، كان ساهما وهو ينتظر واذا بالسيارة ترجع الى الخلف، ولولا صيحة احد الجنود لكانت قد صدمته، لم تكن ايمان بعيدة عنه، ولاكلية الاداب ببنايتها القديمة، وحتى النادي كان حاضرا في تلك الليلة، ايمان: لقد كتبت قصيدة جديدة تتحدث عن خيول ظلمها ساستها، خيول اصيلة وقعت تحت طائلة الظلم والقهر، مع العلم ان هذه الخيول تحمل صك نسبها في رقبتها، ضحكت ايمان وقالت له: احمد ... تريد تتورط ويّه صدام، هل تقصد تهجير الكرد الفيليين، ضحك هو الآخر وعبر بها الى مبنى كلية الصيدلة الفارغ تماما، وغابا في لحظات ليست محسوبة، مقتطعة من العمر كما تقول ايمان.
عاد الاثنان منهكان وغادرا الكلية الى زحمة كراج باب المعظم واصوات الباعة التي تنعش ذاكرته كثيرا، وصل الحجابات، وجد السماء قد اضيئت تماما، وكانها العاب نارية، انبهر في بداية الامر وراح ينظر الى الظلام الذي يتبدد تحت اطلاقات التنوير، سحبه احدهم وهو يقول: اشبيك تريد اتموت؟ كان احمد ضمن قائمة الاسرى التي حصلت عليها الحكومة من منظمة الصليب الاحمر، وهناك وعلى الحدود مع روسيا كان منفاه، شاكس كثيرا فكان مصيره السجن الانفرادي، في البداية كان يحدث نفسه وبعدها اتخذ من الجدار صديقا وراح يلقي القصائد في حضرته، ويكلمه لساعات طويلة.
مرت السنين ببطء شديد وهو على نفس حالته لايكلم ايا من الناس حتى عندما اعادوه الى مجموعة الاسرى الاخرين، لايتكلم مع احد، ينفرد بالجدار لساعات عديدة، ويذهل عن العالم وكأن الجدار حبيبة غائبة وعادت، ولذا فهو يختزل زمان الغياب قصائد وانفعالات وعتبا كثيرا، يريد ان يلحق عجلة الزمن التي داسته وضيعت من عمره الكثير، الموجودون يضحكون منه، وبعض الاحيان يثورون ضده، منهم من يحتج عليه ويعذله والبعض يأنبه، ولكنه لايعير اهتماما لاحد فسعادته بالجدار لاتوصف، يضحك ويبكي وبعض الاحيان يصل الى لمس الجدار وكأنه كائن حي، خصوصا عندما يأخذ ذلك الجدار دور ايمان، بعض الاحيان ينفعل ويقبل الجدار قبلة عميقة ويغيب معه في ممارسة جنسية وامام الجميع، بالقلم العريض كان يضاجع الجدار، وباقي الاسرى بين ضاحك وحزين على ماوصل اليه هذا الشاب الانيق، ذو الشعر المجعد والعينين السوداوين والقامة الفارعة، والبشرة البيضاء الناصعة، يكلم الجدار يبكي ويضحك ويمارس الجنس، انفرجت الامور ، توقفت الحرب، وعاد احمد الى بغداد، لكنه عاد يكلم الجدران ويتصرف ذات التصرفات هناك في الاسر، وفي ممارسة جنسية حارة وشديدة، قدم سكان المنطقة شكوى ضد احمد فجاءت الشرطة واقتادته، انتهى به المطاف الى مستشفى الرشاد للامراض العقلية، لم تحدث اية مفاجأة، لم تأت ايمان لزيارته، والدته كانت قد غادرت الحياة هي وابوه، لم يبق له سوى الحدار، جدار المصحة النفسية، يعانقه طويلا ويبكي.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النص المفقود
- طيور في نينوى
- هذا الصليب
- انتِ معي في الفردوس
- سقط الرداء
- عصر موت الفنانين
- سأصوم غدا
- لماذا تموت النوارس
- سكران الوطن سكران
- لو اطلقت للريح صوتي
- تقادم الحضارة
- الصباح ووردة عبّاد الشمس
- احتمالات متعددة لموت محتمل واحد
- تقاعد اضطراري ..... رسالة وجدت على ضفاف نهر دجلة
- محترفو الادعية
- قصة موت مرت من هنا
- قصة حب سريالية
- شيخ الجلاسْ
- فرنكشتاين ماري شيلي خارج حدود الزمن والمكان
- سهوا اتخذت طريقي


المزيد.....




- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الجدار