أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - تقادم الحضارة














المزيد.....

تقادم الحضارة


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4490 - 2014 / 6 / 22 - 13:53
المحور: الادب والفن
    



وضع اولى قدم له في بغداد، فلعن اجداده، فتى جنوبي، رأى ان بغداد كبيرة وشاسعة، والناس منتظمون بصفوف امام مصلحة نقل الركاب، ومنتظمون امام مناطق العبور التي كانت تغزو الشوارع، فكان يتساءل: اشمالها هاي الوادم؟، كان يتعجب من البنطلون، كيف لهؤلاء ان يتحملوا لبس سراويل طويلة؟، وحيره امر مهم: كيف يقضون حاجاتهم، ثم شاهد الهواتف العمومية فزادت حيرته، اخذ يذرع الشوارع، قضى على هذا الحال اسبوعين، فرج تعال، تشتغل؟ ما اعرف شاشتغل، فرد صاحب المطعم، تغسل صحون في المطبخ، وافق بسرعة فائقة، كان ينظر شزرا الى صاحب المطعم المسيحي وكرشه يتدلى على المنضدة، وهاله مايتسلم من اموال في اليوم الواحد، بل حتى في الساعة الواحدة، ومع انه لايعرف سوى الصحون، لكنه طالما لجم حصانا جامحا داخله، ولك فرج اركد شويه العافيه بالتداريج، اقسى مامر به خلال سنتين، انه وفي صدفة لم تكن من ضمن عمره الخائب، بعثه صاحب المطعم الى بيته في منطقة الغدير، ليجلب بعض الاشياء المهمة للمطعم، وهاله مارأى، انها امرأة في الثلاثين، قد اشتملت على ثوب شفاف وهي تفتح الباب مع صوت ناعم : منو؟ فرد بصوت اجش كان يصلح دائما في النداء على بهائمه هناك في الجنوب، لم تبق بقرة في قريته لم يقم بطرحها ارضا، وكان يتفاخر بعضلاته، وهو يرمي البراميل لمسافة طويلة، اما حين يتسلم المسحاة، فانه يقول: آنه العيبي بالمسحاه، دخل الدار وشاهد الجدران المطلية طلاء جميلا، وقارن بينها وبين جدران بيت عمه المهترئة، الطابوق المتسخ والارضية التي تهيل ترابا على العيون، اسكت ولك فرج هاي المره موعبالك حسنه، تبطحها بالزرع وتكوم ولاجنك، جمع الاغراض بسرعة وغادر الدار والمرأة تنظر اليه، كانها ترى اسطورة كلكامش ماثلة امامها، الاكتاف عريضة جدا، السواعد مفتولة، الطول خارج عن العادة، الوجه قاس جدا يتوسطه انف يكاد ان يكون اغلبه، مع شفتين كبيرتين، انها ترى كلكامش او انسانا قديما، لقد تركت قدماه آثارا على بلاط البيت، هذا الرجل غير معقول، وهو ايضا كان يقول انها لاتشبه نساءنا، هذه التي يتكلم عنها سيد حسين، يكول اللي يطب للجنة يلتمن عليه الحواري، اظن هاي وحده منهن، نظر اليها بشبق فاضح من قدميها الصغيرتين الناعمتين الى ركبتيها المكتنزتين لحما وهو الجائع الجنوبي، اما ما فوق الركبتين، فذلك مايوقف العقل، بويه اشكثر حلوه، جاشمالهن نسوانه جنهن غربان.
عاد الى المطعم وهو يلتهم السكائر التهاما ويسعل، فصرخ به صاحب المطعم، فرج بابه انته اشدا ادخن، فقال : جكاير بغداد، فاعطاه سيكارة روثمن وقال له : هسه تشوف الفرق، لم تغادره صورة المرأة ولارقتها ولاكلماتها الناعمة، يمكن هاي ابد ماتتعارك ويّه رجلها، لم يكد فرج ينام ليلة او ليلتين، ويستيقظ مذعورا وهو يضع لافتة جديدة على واجهة المطعم، مطعم تقادم الحضارة، لصاحبه فرج السومري، اصبح لديه كرش متدليا، وباكيت روثمن، وامرأة جميلة، نعله على والديج امريكا، كلها من وراج، هاي الفلوس كلها والبيت من وره دفاعج عن حقوق الانسان، فرج صار غنيا، وصليوه صاحب المطعم لاجئا في الاردن يبحث عن لجوء الى اوربا، اصيب بمرض السكري، فالتصق ظهره مع بطنه، وشاخت زوجته بظرف اسابيع، اما بيته فقد استولى عليه جماعة يمتلكون بنادق، لانه افرغه وغادر ليرى الامور، وحين يحصل على اللجوء يعود ليبيعه، نزل اسم صليوه، وارتفع اسم فرج مكانه، لكن الشارع لم يعد كما كان، وكأن البهجة قد غادرت مع صليوه، ليحل محلها الموت بعهد فرج والخوف والتوجس، انه تقادم الحضارة، وانا لست ملوما، هذا ماقاله فرج لصديقه وهما يهمان بدخول جامعة بغداد، ففرج يحتاج الى الشهادة لاكمال مظهره الرسمي.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصباح ووردة عبّاد الشمس
- احتمالات متعددة لموت محتمل واحد
- تقاعد اضطراري ..... رسالة وجدت على ضفاف نهر دجلة
- محترفو الادعية
- قصة موت مرت من هنا
- قصة حب سريالية
- شيخ الجلاسْ
- فرنكشتاين ماري شيلي خارج حدود الزمن والمكان
- سهوا اتخذت طريقي
- قداس جنائزي جدا
- الليل ينام ايضا
- اغنيات من زمن مملوء بالبكاء
- شيرازيات
- لافتة رقم 20
- قصيدة الى امرىء القيس
- الا انت وبلقيس
- فائق بطي رائد الصحافة والفكر الجزء الثاني
- فائق بطي رائد الصحافة والفكر
- التمويه في كتابة السيرة الذاتية ( بلقيس حميد حسن انموذجا)
- انا وقلبي لن تنتهي حربنا


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - تقادم الحضارة