أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - فرنكشتاين ماري شيلي خارج حدود الزمن والمكان















المزيد.....

فرنكشتاين ماري شيلي خارج حدود الزمن والمكان


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4455 - 2014 / 5 / 16 - 21:34
المحور: الادب والفن
    



ماري شيلي الكاتبة الانكليزية وزوجة الشاعر بيرسي بيش شيلي، ولدت في لندن لاب كاتب وام كاتبة، وكانت اولى رواياتها فرنكشتاين او بروميثيوس الحديث، وهنا بالضبط نلحظ فكرة التمرد على الآلهة، وفي تصريحات عديدة، لم تكن الرواية تمثل فنتازيا محددة بقدر ماتعني التمرد والانعتاق من تبعية المخلوق للخالق، مايعني ان الخيال العلمي يختفي لتحل محله الرمزية، والتي ارادت من خلالها ماري شيلي ان تقول ان ثمة شيء ناقص في هذا الوجود ، ولذا ثارت ثورة المسخ ضد خالقه وهدده بعقوبات متعددة، لتنتقل بعدها الى غربة الانسان العادي واغترابه عن ابناء جيله في متوالية رائعة ارادت من خلالها ان تناقش الوجود الانساني برمته، سانتقم منك ياخالقي لانك خلقتني وحيدا، هذا ما صرح به مخلوق فرنكشتاين المسخ، والذي طالب خالقه ان يخرجه من وحدته، وسيأمن عقابه، وسيرحل بعيدا عنه بلا طاعات او فروض اخرى، هل لاحظ احد الثيمة التي لم ترد ان تطرحها ماري شيلي، ان المخلوق بدأ يهدد الخالق، وهذا الطرح لم يكن مجانيا، جاء نتيجة للابحاث العلمية المتسارعة التي بلغت ذروتها في بحوث الفضاء والتلسكوبات، والاحاطة بالكواكب، وسواها من علوم وصلت اوج عظمتها في عصر نهضة اوربا، كانت تريد ان تقول ان المخلوق قادم ليكشف غياهب الوجود التي ظلت الغازا لعصورطويلة.
وهذا مايتحقق فعلا الآن على ايدي علماء متعددين، لم تعد قضية الخلق تخضع للسحر والمعابد والتكهنات، لقد فسر الانسان كثيرا من الظواهر الحياتية، واستطاع ان يسبر غور الكثير من المجاهيل في هذا العالم، وهذا يعني ان ماري شيلي وضعت العربة على السكة حين توقعت ان يكون المسخ اقوى من فرنكشتاين بالرغم من ملاحقة الاخير له، اما بكاؤه المر لموت خالقه، فهو لم يكن ينبع من عاطفة رقيقة، فقد كان يردد : ايه ياخالقي المسكين، لقد حزن مخلوق فرنكشتاين على موت الخالق لانه فقد املا كان يعيش عليه،و ذهب حلم ان يحضى بحواء اخرى يصنعها فرنكشتاين، وهذا ما رأيناه يفعله حين استكمل فرنكشتاين المسخ الانثى، لكنه تراجع في آخر لحظة عن بث الروح فيها، وكان المسخ يراقبه فصرخ فيه، وقال له: سآتيك ليلة زفافك، وهكذا انتقم المخلوق من الخالق، حتى انه كان اكثر قوة منه وحركة، كان يستطيع الصمود امام البرد القارس، فاستدرج فرنكشتاين الى القطب الشمالي، وكان يشدد على انه يمتلك معدة تهضم اي شيء فقد اعتاد على تناول الحشائش.
ان شمولية طرح المخلوق المسخ للطالب فرنكشتاين كانت تتعدى حدود الزمن والمكان، فمن الممكن ان يكون هذا المخلوق باي مكان وتحت وطأة اي زمن، لكنه كان يعاني من الوحدة، لم يكن شريرا بطبعه وانما صار كذلك لانه حرم نوعه الذي توسل من اجل خلقه، ولكنه اصطدم بخوف خالقه وهلعه، لم يكن محبوبا، ولم يكن ذا هيئة جميلة، ولذا كان وحيدا يملأ الجبال والغابات ويستطيع الظهور متى شاء فهو يشم رائحة خالقه اينما كان، في حين نلتقي بمخلوق آخر وجد لزمن معين ولمكان معين ايضا ووجد للانتقام ليس من خالقه وانما من اشخاص عاديين، لينتقم لقطعة غرزها هادي العتاك بدون اية دراسة او دراية علمية، فكان فرنكشتاين احمد سعداوي الذي يمثل ضيقا في الرؤية وتطفلا على الرواية الام التي وضعتها ماري شيلي، لم تكن الاهداف متشابهة، ولم يكن فرنكشتاين او مسخ سعداوي سوى خليط من اصناف متنازعة يحاول الانتقام دائما من هذا الخليط غير المتجانس فيوزع جرائمه على ابي غريب والدورة والباب الشرقي والبتاويين والثورة، مخلوق يمثل مرحلة زمنية بعينها، ومفهوما واحدا انتعش بعد 2003، ولذا كان هزيلا تسيل جراحه دائما ويستطيع استبدال اي جزء تالف من هيكله اللحمي المستعار من جثث ضحايا التفجيرات، لقد حصرت شيلي مخلوقها القوي وسط حبه للناس وتمنيه الانتماء الى عائلة، وركزت على امر مهم هو الشعور بالدفء، في حين كان الشسمة ينطط ويغادر الامكنة للثأر والانتقام لقطعة في جسده توجهه على موضع قاتلها، روح الحارس البريئة تمتلك كل هذه الشرور، ام اللعنة التي القتها والدة دانيال لفقدانها ابنها الوحيد، لايمكن للاشياء ان تكون بهذا الحجم من الغباء، لاوجود لتفسيرات كبيرة من نوع فرنكشتاين ماري شيلي، هناك انغلاق فكري وهدف دنيوي لايرقى الى محاسبة الوجود او التطهر من مآسيه وذنوبه، يشترك عمل ماري شيلي الكبير مع عمل احمد سعداوي كنسخة مكررة لمعاناة الوجود في ثيمة واحدة، او حبكة واحدة، ولكنهما يختلفان في رسم صورة الوجود، الوجود الذي رسمته ماري شيلي كان وجودا مهددا بالتفسير وانتصار المخلوق في النهاية، اما مارسمه سعداوي فقد كان عالما لايتجاوز حدود خارطته، لتكون جغرافيا العمل تدور بين البتاويين والدورة والوزيرية، ليعرج من خلالها على صورة الاتباع والمريدين الذين يفتدون المسخ بارواحهم ويزودونه قطع غيار من اجسادهم يحتاج اليها في استبدال مايتلف لديه، كل هذا يجري وسط خوف هادي العتاك وانزوائه، وهذه ليست من صفات الخالق في شيء حيث نراه في فرنكشتاين الاصلية يطارد المخلوق للاقتصاص منه، لم يكن المسخ في رواية ماري شيلي قد خلق على اساس نكسة مجتمعية او على انقاض حرب اهلية، او حالات من القتل المتعمد الارهاب، وانما جاء كفكرة علمية خالصة وكدليل على تطور المخلوق الذي ظل يراقب الكون لعصور كثيرة، لكنه في النهاية استطاع ان يمسك ناصية العلم ليدخل من خلالها الى الغاز الوجود فيفسرها تفسيرا علميا محظا، مايعني ان احمد سعداوي اطر الفكرة بمفهوم آخر مختلف يخضع لظروف الحرب والانفجارات في العراق، في حين تركت شيلي الباب مفتوحا امام رؤانا وتكهناتنا وخيالنا الواسع، هذا مع ملاحظة الاختلاف الزمني في الكتابة ، فقد كتبت شيلي روايتها في زمن امتاز بنهضة علمية كبيرة، حيث كان الوجود اول شيء يرميه الكتاب والمثقفون، فقد اعلن نيتشه قبلها عن موت الله، وجاءت شيلي لتتبع اثر الثورة العلمية وتجعل الانسان سيد الموقف في قضية الخلق، هناك الكثير الذي شجع شيلي على هذا وهناك نظريات طرقت قضية النشوء واصل الانسان، هذا كله يجعل فرنكشتاين شيلي اكثر تحررا وانفتاحا واكثر ملاءمة للذوق والفكر معا ، فهو غير محاط بسور الزمن القاهر وانما كان متحررا ولم يهاجم الا الذين يحبهم خالقه في صورة للضغط عليه من اجل اكمال نوعه فقط.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سهوا اتخذت طريقي
- قداس جنائزي جدا
- الليل ينام ايضا
- اغنيات من زمن مملوء بالبكاء
- شيرازيات
- لافتة رقم 20
- قصيدة الى امرىء القيس
- الا انت وبلقيس
- فائق بطي رائد الصحافة والفكر الجزء الثاني
- فائق بطي رائد الصحافة والفكر
- التمويه في كتابة السيرة الذاتية ( بلقيس حميد حسن انموذجا)
- انا وقلبي لن تنتهي حربنا
- حين تكون الحياة فخا حزينا في رواية انطون تشيخوف عنبر رقم 6
- بين الماء والنار
- عندما تحكم فتح الباب
- يوميات الطائر نحو الشمس
- هو ميت
- كبرنا ولم يكبر الليل
- شعراء القادسية وام المعارك
- ستبقى تسير بنا الحافلهْ


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - فرنكشتاين ماري شيلي خارج حدود الزمن والمكان