أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - ارضيتا














المزيد.....

ارضيتا


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 17:02
المحور: الادب والفن
    


ارضيتا
محمد الذهبي
جمع الاله في يوم ربيعي سعيد، جميع المخلوقات، وبدأ يسألهم عن الاشياء التي تزعجهم في كوكبهم، فتعالت الاصوات، وشكت الاسماك معاملة الصيادين، حيث يلقون لها بالسم ويضعون مخالب في افواهها، وشكت الاغنام ظلم الجزارين، وخصوصا في المسالخ حيث الزحام، وشكت الطيور من الفخاخ التي ينصبها الانسان، وشكا الزرع من تقلبات الجو، وشكت القطط وقت سفادها القصير، بدت الحيوانات مقهورة ومظلومة، ونادت باستقلالها عن بني الانسان، ولكن الاله لم يستجب ، لان القوانين تختل والتكامل يصبح في خبر كان.
وجاء دور الانسان فلم يفوض احدا عنه، وانما تعالت صرخات المظلومين والمقهورين حتى لامست عنان السماء، فضجر الاله من هذا الجو المليء بالضوضاء، وحاول ان يستمع لهم بجو اكثر هدوءا، فتكلم الانبياء، ومدحوا الحيوانات، ولكنهم وضعوا جام غضبهم على من بعثوا اليهم، وجاء دور رجال الدين، فكانوا يخطبون ويمجدون الاله، وبعدها وصل الامر الى بني البشر العاديين، فكان الاول مظلوما والثاني مقتولا والثالث معذبا والرابع جائعا، والآخر سقيما عليلا، تعددت المظلوميات، وشكا بعضهم بعضا، وكان الاله على عكازه يضحك من الجلبة، فاعترض ابنه الواقف ازاءه وقال له: انهم يبكون ويتعذبون وانت تضحك! نعم اضحك منهم وقريبا ساجد لهم حلا، فسأله ابنه عن الحل، فقال: سأنشىء لهم ارضا اخرى، وساسميها ارضيتا.
وقف ابنه مستغربا من هذا الحل، وطلب من الاله ان يغير وصاياه لانها لم تنفع بشيء، وكيف سأغير وصاياي، لقد طبعت واستقرت في اذهان الناس وقلوبهم وانتهى كل شيء، لن يقبلوا بغير تلك الوصايا والكتب ، انهم يقدسونها اكثر مني، انتبه لبني الانسان وقال لهم:
سانشىء لكم ارضا ثانية ايها المعذبون، وستكون حكرا عليكم، لكل المظلومين والجياع، فرح المسحوقون بهذا القرار الحكيم، وعلموا ان هذه الارض( ارضيتا) ستكون بلا انبياء ولا وصايا ولاكهنة، ففرحوا كثيرا اذ تخلصوا من عبء الوصايا الثقيلة، واتفقوا ان تكون وصاياهم من ارضيتا ذاتها، وسيختارون لجنة من المعذبين لتنظيم شؤون الناس، صدر القرار وانشئت ارضيتا بثلاثة ايام، انتقل الناس عبر الفضاء الى جنتهم في ارضيتا، وصاروا يمرحون ويضحكون ويلعبون، تخلصوا من الجبابرة والقتلة واللصوص، وكان الاله ينظر بفرح اليهم، ويقول لابنه: انظر الى سعادة الانسان، فرد ابنه عليه: انتظر فترة زمنية اخرى وسترى، فقال الاله: لكنني لم ابعث وصايا ولم اكلف احدا بتقييد هؤلاء، لقد تركتهم على سجيتهم، نعم ايها الاله العظيم، لكن الكثيرين سيحاولون ان يلعبوا دورك هناك، ستكون آلهة كثيرة، نشأت السخافات وبنيت المعابد ووضعت فيها المحضيات وتم رجم عدد من النسوة، وذبح عدد آخر من الرجال ، وبدأت الحروب حول مصادر الثروة والجاه، تطوع الكثيرون للذهاب الى البلدان البعيدة، فجاؤوا بالغنائم ، النساء والحيوانات والفضة والذهب، اعيدت نفس المأساة ثانية، انشغل عنهم الاله فترة طويلة من الزمن، فانتشر الفساد وكثرت الجرائم وصار الموت مسحة من مسحات كوكب ارضيتا، ولا احد له دخل بما يحدث هناك، تطاحن الناس واقتتلوا، فانتبه للامر ابن الاله، فايقظ والده من النوم، وقال : انظر الى كوكبك السعيد، انهم يتذابحون، فبكى الاله بكاء مرا، وقال: لو انني صانع دمى ماهر لماحدث ماحدث.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العم المقدس
- الجدار
- النص المفقود
- طيور في نينوى
- هذا الصليب
- انتِ معي في الفردوس
- سقط الرداء
- عصر موت الفنانين
- سأصوم غدا
- لماذا تموت النوارس
- سكران الوطن سكران
- لو اطلقت للريح صوتي
- تقادم الحضارة
- الصباح ووردة عبّاد الشمس
- احتمالات متعددة لموت محتمل واحد
- تقاعد اضطراري ..... رسالة وجدت على ضفاف نهر دجلة
- محترفو الادعية
- قصة موت مرت من هنا
- قصة حب سريالية
- شيخ الجلاسْ


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - ارضيتا