أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - بائع الهوى














المزيد.....

بائع الهوى


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4598 - 2014 / 10 / 9 - 13:29
المحور: الادب والفن
    


بائع الهوى
محمد الذهبي
تعمدت ان اعرفكم بنفسي، انا بائع الهوى والغرام، مذ كنت طفلا، شغلت بكتابة الرسائل، كنت اخترع حبيبات وهميات، اكتب لهن كل يوم، وكبرت وكبرت معي رسائلي، وكبرن حبيباتي، اصبحت لهن اجساد مغرية، صدور اعريها متى اشاء، وشفاه كالتين راوية وناضجة، وشعور منسدلة على اكتاف من عقيق، انا اصنع حبيباتي مثل فرنكشتاين ماري شيلي، لكنني اصنعهن جميلات، لانام معهن الليل، ولم اكتف بحبيبة واحدة، دائما كنت اجمع بين اثنين، وهذه الاحلام رافقتني طوال عمري، حتى حين تزوجت، كنت اقضي اغلب الوقت مع حبيباتي، واغادر زوجتي لانام في مكان آخر، ربما جنحت الى كتابة رسائل الحب الى اصدقائي ليبعثوهن الى حبيباتهم، وكنت اتلذذ بهذا، كل حبيبة لهم كانت حبيبتي بالدرجة الاولى، لانني من كان يكتب الحب بانتظام، وانا من كنت اتلقى الرسائل الجوابية، انا بائع الهوى.
هكذا كتب اعترافه وذهب، القاه بين يدي صديقه الاثير لديه، لم يكن بعيدا عن حبيبة حقيقية ، هكذا قال، ولكنه لايريد ان يخوض في الحقيقة لانها مقرفة، تذكر انه لمس كفي حبيبته في ليلة صيفية جميلة وهما على سطح الدار، كانا يستعدان للامتحانات، يتقدمها بصف واحد، لكنه لم يحاول ان يتجاوز لمس الاصابع الى شيء اكبر، لقد احجم حين كان الاقدام مطلوبا، وهكذا حين اكتفى بقبلة فقيرة من حبيبة ثانية، كان ينهي كل شيء ويعود الى حبيبة اخرى تنتظره هناك على فراش وثير يفعل معها مايشاء.
لم يكتشف ان الامر خطير، الا حين تزوج وراح يهرب من زوجته، انها لاتشبه اي من حبيباتي، ان حبيباتي اكثر حنانا، واكثر ودا وحرارة، اما هذه المرأة فهي طبيعية، لاتمت لاحلامي بصلة، لم تكن سيقان حبيباتي هكذا، ولاصدورهن، ولا الشفاه او العيون، كنت في عالم آخر احيا مثل اودسيوس، في جزيرة عائمة دخلت بعدها الى عالم سفلي بمحض ارادتي، ربما هي الحقيقة ولاشيء غيرها، الحقيقة التي طالما هربت منها، لانها بشعة، اجدها دوما امامي، كنت انام كل ليلة مع حبيبة مختلفة، وكن حبيباتي يجدن كل شيء، هن جميلات ، اجمل من ممثلات السينما، ومطيعات، اما انا فكنت احتار في كل ليلة، من اختار، ولايسبب لهن الاختيار الحرج الا فيما ندر.
في الآونة الاخيرة اخذن ينسحبن من حياتي، ولم يتبق من شيء، بدأت اعود الى فراشي، وانام مبكرا، واتعب للحصول على احداهن، فاستسلم في النهاية، بدأ كل شيء ينهار ويشيخ، حتى الرسائل القديمة التي كنت ابعثها واحتفظ بنسخة ثانية منها لي، باتت هي الاخرى باردة، واصبحت صفراء بفعل الزمن، لم اعد كاودسيوس، ولم تعد حبيبتي فرنكشتاين ماري شيلي الجميلة المختارة، كنت في الآونة الاخيرة اخشى عليهن القبح والدمامة، حيث النهود متدلية، والقوام منحرف قليلا، والبطون غير رشيقة، والعيون ذابلة، اما السيقان فعجاف، لتصبح عزلتي حقيقية هذه المرة، عزلة تتجاوز مئات الاعوام، عزلة مليئة بالجنرالات المنكسرين، والنياشين الملقاة على الارض، والارض المهزومة التي تعاني الانكسار، من قبل لم تقل احدى حبيباتي لفظة كلا في فراش الحب، كما هو نزار قباني، اما الآن فالحال مختلف، هناك الف كلا وكلا، لتبقى النهايات مفتوحة ايضا كما هي البدايات، لكنها مفتوحة على جراح عميقة ومعاناة كبيرة.
هكذا انهى اعترافه وذاب حسرة في احشاء ليل تموزي مرهق، اختفى في الزقاق الذي خطف الكثير من العشاق، بائع الهوى لم تنجده اي من حبيباته، بائع الهوى غادر وترك رسائله وحبيباته عند مفترق الطرق يتسولن الحب والغرام والهوى، وترك الارض التي آوت عشاقا آخرين ليسوا بكفاءته، ولا يمتلكون روحا عامرة بالحب كروحه، اختفى في الزقاق الذي فتح فيه عينيه على اول حبيبة وهمية، كانت تدير مؤخرتها للريح، لترتفع ثيابها ويغلق هو عينيه ويهرول الى سطح الدار ليرى بهاء ما تكور هناك من جمال، وليحتفظ بباقي الشبق المحموم للايام المقبلة.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السباق
- طائر الغرنوق
- لوحة لم تكتمل حتى الآن
- لم اكن اعلم ان لله لصوصا
- الاله في محنته
- ارضيتا
- العم المقدس
- الجدار
- النص المفقود
- طيور في نينوى
- هذا الصليب
- انتِ معي في الفردوس
- سقط الرداء
- عصر موت الفنانين
- سأصوم غدا
- لماذا تموت النوارس
- سكران الوطن سكران
- لو اطلقت للريح صوتي
- تقادم الحضارة
- الصباح ووردة عبّاد الشمس


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - بائع الهوى