أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - نفايات














المزيد.....

نفايات


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 11:32
المحور: الادب والفن
    


نفايات
محمد الذهبي
تستيقظ المدينة يوميا على اصواتهم، يلتقطون اي شيء، يشاركون القطط في التفتيش في النفايات، يرتدون ثيابا ملائمة للغرض، لم تبق مزبلة الا نشروها وفتشوها بشكل دقيق، لم يكونوا غرباء على المدن، انهم من احياء قريبة، يهرعون بمجرد انبلاج الفجر، تستهويهم المدن الغافية، كانت فاطمة قد امتهنت هذه المهنة من زمان طويل، تعرف كيف تحافظ على لياقتها، الانفتاح الاقتصادي الذي يعيشه البلد جعل من مهنتها افضل بكثير من العهد السابق، بدأ الناس يرمون اشياء مفيدة في النفايات، بالامس كنا ننتظر السيارات في محطة واحدة، قرب الكمالية، اما الآن فالمدن مليئة بالنفايات.
لقد اتخمت المزابل، وبدأ البعض يرمي كل شيء، بعض الاحيان تعثر على ثلاجة او مجمدة، او طخم قنفات في ابواب بعض البيوت، لم تتزوج حتى الآن، نسيت اشياء كثيرة في زحمة البحث اليومي، مراهقتها وشبابها انطويا خلف قناع الخوف من الشمس الذي ترتديه كل يوم منذ الصباح حتى المساء، حتى هي اضاعت قسمات وجهها الجميل بعض الشيء، تتلمس شفتيها بحذر، وتضع سبابتها في نقرة الحنك، وتتأكد من غمازتيها، بعض الاحيان تضطرب وتتأوه، واحيان اخرى تبكي، تسمع في مدينتها ان الشباب يتحرشون بالفتيات، لكنها لم تر هذا الشيء يحدث معها، ربما لان القناع اخفى كل شيء منها، وربما الرائحة التي تنبعث منها كفيلة بطرد نظرة اي شاب، منذ عهد الطفولة القديم، وهي تصول وتجول في مواقع النفايات، تعرف ان هذه السيارة قادمة من زيونة، وتلك من الغدير، تحفظ واجبات سواق السيارات عن ظهر قلب، تترصد السيارات الآتية من المدن الغنية، فهي تعرف من اين تؤكل الكتف، لاتفتش كيفما اتفق، انها تترصد تل النفايات وتدور حوله لدقائق، الكل يهرع بسرعة الى اعلى التل، الا هي، تمسك محراثا، وتبدأ نبش الجوانب، خبرة طويلة علمتها ان الاشياء الثمينة ربما تكون بالاسفل، لاشيء ثمينا يطفو على السطوح.
جميع الاشياء الثمينة التي تجدها، تبيعها لجارتها ام عبد، مرة وجدت قلادة ذهبية، واخرى وجدت خاتما، وام عبد تشتري من فاطمة بابخس الاثمان، اغلب الاحيان تعود بلقى ثمينة، هذه المرة تختلف عن كل مرة، لقد وجدت شيئا ثمينا فعلا، شيء كالاناء بلاستيكي مضلع، له صفيحة في اعلاه، ادارتها قليلا فاتت بيدها، خفت به مسرعة الى ام عبد، لكن ام عبد لم تعرف كنه هذا الشيء، رفضت شراءه، واحتجت بقولها: انا لا اشتري الاشياء المجهولة، اخاف منها، عادت فطومة بلقيتها الثمينة الى الدار، لم تريها الى ابيها او امها، انزوت مع الشيء الثمين، وبدأت جولة في الاطلاع على المجهولات من الاشياء، ادارت القرص قليلا، فتحته ووضعته ارضا، لاحظت بداخله مسحوقا مضغوطا بالوان مغرية، ذهبية وبتفسجية وزرقاء، خلي اتولي ام عبد ، بعد كلشي ما ابيعلها، راودتها افكار كثيرة تجاه هذا الشيء المجهول، رأت نوابض، وقطع حديدية براقة، خطفت بصرها، تصورتها مصنوعة من الفضة، اما الالوان الذهبية، فكانت تعتقد انها ذرات الذهب وقد ضغطت بهذا الشكل الجميل على شكل دوائر، قامت وجلبت الطباخ ذا العين الواحدة، ملأته بالنفط واشعلته، وضعت قدرا كبيرا، وخلطت مكونات الشيء الثمين ووضعته على النار، ماهي الا لحظات حتى تبخر كل شيء، كانت مصدر رزقنا الوحيد وقد رحلت، لم تر شيئا في هذه الدنيا سوى تلال النفايات، والرائحة الكريهة، دخلت الى الحياة متقنعة بقناع الموت ورحلت ولم تخلع قناعها عنها، رحلت فطومة ، بكتها جميع البيوت، واكثرهن بكاء كانت ام عبد، فقد فقدت مصدرا من مصادر ثروتها.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعي الاخير في محاكم التفتيش
- ضيعت قلبي في الديار
- من يوميات قوّادة بغدادية
- بائع الهوى
- السباق
- طائر الغرنوق
- لوحة لم تكتمل حتى الآن
- لم اكن اعلم ان لله لصوصا
- الاله في محنته
- ارضيتا
- العم المقدس
- الجدار
- النص المفقود
- طيور في نينوى
- هذا الصليب
- انتِ معي في الفردوس
- سقط الرداء
- عصر موت الفنانين
- سأصوم غدا
- لماذا تموت النوارس


المزيد.....




- المحرر نائل البرغوثي: إسرائيل حاولت قهرنا وكان ردنا بالحضارة ...
- مجاهد أبو الهيل: «المدى رسخت المعنى الحقيقي لدور المثقف وجعل ...
- صدر حديثا ؛ حكايا المرايا للفنان محمود صبح.
- البيتلز على بوابة هوليود.. 4 أفلام تعيد إحياء أسطورة فرقة -ا ...
- جسّد شخصيته في فيلم -أبولو 13-.. توم هانكس يُحيي ذكرى رائد ا ...
- -وزائرتي كأن بها حياء-… تجليات المرض في الشعر العربي
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي حماية ثقافة الشعوب الأصلية ولغاتها؟ ...
- -غزة فاضحة العالم-.. بين ازدواجية المعايير ومصير شمشون
- الهوية المسلوبة.. كيف استبدلت فرنسا الجنسية الجزائرية لاستئص ...
- أربعون عاماً من الثقافة والطعام والموسيقى .. مهرجان مالمو ين ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - نفايات