أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الكوافير الألماني














المزيد.....

الكوافير الألماني


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4723 - 2015 / 2 / 17 - 17:26
المحور: الادب والفن
    


علمتُ اليوم صباحاً أن حلّاقة الشعر .. الكوافيرة بِيغيْ .. تلك المرأة الخمسينية والقادمة من جبال "الخام" في ألمانيا الشرقية "سابقاً" .. قد غادرت الصالون الذي تعمل به والمدينة أيضاً .. إلى مدينة أخرى .. وهكذا أصابني الإحباط وتأنيب الضمير لإضاعة الوقت .. أما الكوافيرات الأخريات في الصالون فهن صغيرات العمر والتجربة .. شكرتهم وغادرت باحثاً عن صالون جديد.

سرت في المدينة إلى أن وجدت صالوناً رخامياً أنيقاً من طابقين .. أذكر أن إحدى صديقاتي قد حدثتني عن السمعة الجيدة لهذا المحل .. دخلتُ راجياً الحصول على موعد .. في الداخل فُوجئت باتساع المكان وأناقته ونظافته .. وباحتوائه في الطابق الأرضي على ما يقارب 15 كرسياً للحلاقة .. مزودة بكل ما يلزم وجاهزة لاستقبال الزبائن .. وفي الوقت نفسه خالية من العاملين والعاملات .. التقيت هناك فقط رجلاً أنيقاً يرتدي الأسود .. اقترب من نهاية العقد السادس .. أخذتُ موعداً وانصرفت ..

في الظهيرة عدت إلى الصالون .. كان يجلس في كرسيه وفي يده كتاب .. جلستُ في إحدى الكراسي القريبة من المدخل الزجاجي .. وبدأ الرجل عمله ببطء شديد .. وبدأنا نتحدث .. ولأني شعري طويل وجميل بفضته .. سألني إن كنتُ احترف الفن .. ابتسمت وأخبرته بأنني بروفسور في الجامعة .. ضحك وقال إنها مهنة تشبه مهنة الفنان .. وأنا بدوري سألته: فيما إذا كانت حلاقة الشعر هي مهنته الأساسية! ..

تكلم كثيراً وجميلاً .. تكلم بوعي أكاديمي كبير .. وثقافة تختلف عن المألوف .. تكلمَ عن طرق التفكير المختلفة بين العرب الشرق والأوروبيين الغرب .. تكلم عن الأطفال وعن اليونان وعن الملكية وعن المعجزة الاقتصادية في ألمانيا .. تكلم عن فلاسفة نمساويين .. وتكلم قليلاً عن البيزنطيين .. وسألني: إنْ كنتُ على علم بأصل التسمية؟ أجبته: بأني لست أدري! وحكى لي بشكل مقتضب عن أصل التسمية وقصة نشوؤها .. وكان حكاية رقيقة ..

بعد حوالي ساعة ونصف أنهى قص شعري .. وكانت من القصات الحلوة .. التي حصلت عليها في السنوات الأخيرة .. ودّعني عند الباب .. فذكّرته أني لم أدفع إجرته بعد .. ضحك وأعلن نسيانه للأمر .. ثم طلب مبلغاً زهيداً .. تفاجأت .. قدمتُ له المبلغ وسألته مرة ثانية عن عمله الحقيقي في الماضي! ..

ابتسم وأجاب بأنه في الحقيقة يعمل منذ شبابه "كوافير" .. وأنّ المحل ملكه .. والبناية المجاورة أيضاً .. وبأنه يمارس المهنة بولع .. لكنه درس في الجامعة الفلسفة والرياضيات .. تبادلنا البطاقات والأسماء .. وخرجتُ من محله مودعاً .. وعَلقتْ بذاكرتي قصة الاسم الحقيقي للبيزنطيين .. وطرق التفكير "الكلانية" و"الاختزالية".



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَنا يُوسف الألماني يا أمي!
- جينات بسندلية -2-
- جينات بسندلية -1-
- نداء القطط الليلية
- خربشات بسندلية -C-
- كيف سقط كتاب الجغرافيا رمياً بالرصاص؟
- هواجس فيسبوكية -G-
- هواجس فيسبوكية -F-
- روضة بسنادا والمكدوسة البرميلية
- كي تصير كاتباً؟
- حكاية لن تكتمل قبل سقوط القمر
- هواجس فيسبوكية -E-
- كيف أصبح كيس الطحين الفارغ بطلاً في الكاراتيه
- خربشات بسندلية -B-
- خربشات بسندلية -A-
- هواجس فيسبوكية -D-
- طلائع البعث بصل يابس
- سهرة سوسنية
- وحده .. يغني الصمت
- سَوْسَنات بسندلية


المزيد.....




- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح
- -قوة التفاوض- عراقجي يكشف خفايا بمفاوضات الملف النووي
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الكوافير الألماني