الحرب النتهت 1966 الن رينيه: اسبانيا لم تعد سوى حلم للسياح او اسطورة حرب اهلية

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4714 - 2015 / 2 / 8 - 01:35
المحور: الادب والفن
    

الحرب النتهت 1966 الن رينيه: اسبانيا لم تعد سوى حلم للسياح او اسطورة حرب اهلية
في رواية مقتبسة عن الكاتب الاسباني جورج سمبرون يحقق الن رينيه فيلم (الحرب انتهت)،في عودة الى الابيض والاسود ولكن من دون ان يغادر رينيه مواضيعه الأثيرة حول الذاكرة والزمن ولكن مع خلفية تبدو اكثر واقعية،أي اكثر انغماسا بالمادة من دون ذلك الانغماس في البعد الميتافيزيقي للزمن...
القصة تتناول ثلاثة ايام –محسوبة بدقة مع تفصيل مطول أحيانا-من حياة المناضل اليساري (دييجو مورا) الذي عمل على النضال منذ خمسة وعشرين عاما ضد نظام حكم فرانكو،وان كان هذا الموضوع هو الواضح والدقيق للفيلم،ولكن رينيه يعمل بشيء من الخبث والاشكالية السردية المميزه لأفلامه،ليكون هذا الموضوع ليس سوى خلفية شبيه جدا بالخلفية التي شاهدناها ذات مرة في فيلم هيروشيما يا حبي...
الفيلم تدور احداثه بين اسبانيا وفرنسا،ولكن المكان المادي الحقيقي هو فرنسا،واسبانيا هي الخلفية الحقيقية والرئيسية المؤثرة على حياة كل الشخصيات،على ان للذات الداخلية يد عليا وكبرى في هذا الموضوع،بحيث طغا موضوع الذات وهمومها الخاصة-حتى لو كان سبب هذه الهموم النضال الاسباني-على الموضوع العام وهو النضال ضد حكم فرانكو،بحيث بدا فيلم الحرب انتهت فيلما ذاتيا محضا،أو قد يكون موضوعه الحقيقي هو الحرب الداخلية وليست الحرب الخارجية سوى ديكورا لما يحدث في الداخل.
مع بداية الفيلم يتحدث راوي،ليس الا انعكاس داخلي للبطل الاربعيني (دييجو):
مرة اخرى انت تمتلك ذلك المذاق القلق التافه لعبور الحدود
لقد قدت طوال الليل...فمك جاف من قلة النوم وكثرة التدخين
يحدث اشتباه في جواز سفر المناضل اليساري،ولكن جواز سفره المزور يستطيع العبور من خلال نادينا الفرنسية التي تعتبر تلميذة في الحركة الثورية وهي مهتمة بالموضوع الاسباني والفكر القومي،وهي ابنة رينيه سالانش الذي عبر دييجو من خلال هويته المزورة،وهنا يبدأ فصل مزدوج من الهم الثوري والحياة الخاصة،وهذه الحياة الخاصة التي تبدأ من خلال علاقة حب مع نادينا تعتبر مقدمة لموضوع ان الحرب انتهت وهو يريد ان يعيش حياته الطبيعية...
الفيلم لم يحقق قبولا على شباك التذاكر نظرا للرتابة الشديدة التي يتصف بها،إلا انه لاقى قبولا عند جمهور واسع من النقاد...يعيش دييغو البطل الأوحد والمركزي لهذه القصة في حالة تامة من المونولوج...
هذا المونولوج الذي يتصف به فيلم (اطلق النار على عازف البيانو) للشهير رفيق رينيه،ألا وهو المخرج الفرنسي فرانسوا تروفو...
رينيه لازال متمكنا جدا من أدواته قابضا على فيلمه هذا باحكام شديد،فهو يقاطع الفيلم بلقطات تبدو احيانا كاسترجاع –فلاش باك- ومن ثم تنقلب لتعبر عن الذي يحدث لخوان فعليا المخبر المختفي وصديق دييغو المقرب.
هذه اللقطات والمقاطعات تضيف على الفيلم شيء من الغرابة...شيء من التشكيل السردي المختلف...شيء من تميز واضح لمخرج يدعى بألن رينيه،وهو شيء على اي حال لابد أن تمدحه الموجة الجديدة العامرة في فرنسا في هذا الوقت.
مقاطعات عرضية للمعرفة والتنصت على اخبار الناس...حوار عرضي ليس له اي داعي...تمرير لقطات متقاطعة وفلاش باك يوضح من خلال مونولوج داخلي...نكرر فلاش باك يوضح من خلال مونولوج داخلي خاص بدييغو..
ولكن الصوت،صوت الراوي الذي يحكي هذا المونولوج مختلف،ومن ثم يقدم رينيه لقطة توضح ما حدث لخوان فعليا من دون ان يكون لها علاقة بالمونولوج...خوان معتقل الآن...
إذا لايمكن النظر الى هذه القصة من خلال حيز السرد العادي...
ماريانا،عشيقته الأولى-الممثلة السويدية انجريد ثيلمان التي رأيناها وتحدثنا عنها مطولا من خلال مراجعاتنا لافلام بيرغمان-ومع الحب اليها ومعها اسبانيا لم تعد سوى حلم للسياح او اسطورة حرب اهلية...والحالة الداخلية غير المحسوس بها وربما حتى اداراك البطل لم يتوصل اليها...ان الحرب انتهت...الحرب انتهت مع فقدان الأمل وانعدامه وربما منذ ماضي طويل...الزمن يمر بالرغم من كل شيء
يبقى موضوع الخلفية ذا اثر مهم في الفيلم...اسبانيا...اسبانيا هي خلفية لكل شيء...الألم الداخلي والخارجي:
وكأن رينيه يعيد الكرّة...يعيد الى اذهاننا فيلمه الكبير هيروشيما يا حبي...لنلاحظ هذا الحوار بين دييغو وماريانا:
دييغو:أنا اريد العودة الى اسبانيا...إذا بدأت كل شيء من الصفر هل تعودين معي؟!
ماريانا:الى اسبانيا...أنت تقصد العودة الى اسبانيا الآن...بطريقة عادية ومع هويتك الحقيقية؟
دييغو:نعم مع هويتي الحقيقية وبالطريقة العادية...على كل حال فاسبانيا هي مكان حدوث الاشياء
ماريانا:هل تعتقد أن الشرطه لن تتعرف على هويتك الحقيقية؟!
دييغو:أنا واثق بانهم سمعوا عن كارلوس ولكنهم ابدا لم يسمعوا عن دييجو مورا
ماريانا:في هذه الحالة سوف نعود الى اسبانيا
المقاومة تتساقط...الحرب انتهت...فرانكو ينتصر...والنهاية تشي بوضوح ان ماريانا لن تحقق ابدا لقاءا طبيعيا مع كارلوس أو دييغو مورا...
بلال سمير الصدّر 28/10/2014

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل