أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -السياسة- بين -المثالي- و-الواقعي-














المزيد.....

-السياسة- بين -المثالي- و-الواقعي-


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4699 - 2015 / 1 / 24 - 20:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جواد البشيتي
عالَم السياسة (الواقعي الحقيقي) هو، في بعضٍ من معناه، العالَم الذي فيه يتجلَّى النزاع بين "المبادئ" و"المصالح"، أي بين أن يعمل المنتمي إلى هذا العالَم بما يوافِق المبادئ التي يؤمِن بها وبين أن يعمل بما يَخْدُم مصلحة له (مادية أو اقتصادية في المقام الأوَّل) تتعارَض، كلِّياً أو جزئياً، مع التزامه المبدئي؛ أمَّا عالَم المال والأعمال والتجارة، فهو العالَم الذي تستبدَّ بالمنتمين إليه المصالح، وتُنْبَذ المبادئ (ولو كانت في منتهى السمو) إنْ لم تجرِ رياحها بما تشتهي سفينة المصالح، فإنَّ المصلحة (المادية) في هذا العالم تعلو ولا يُعْلى عليها.
وفي "العولمة"، وبها، أصبح عالَم السياسة يزداد شبهاً بعالَم المال والأعمال والتجارة حتى أنَّ تمييز أحدهما من الآخر غدا من الصعوبة بمكان؛ وهذا التشابه المتنامي هو ما جَعَلَنا نرى منسوب الفساد يرتفع، ويزداد ارتفاعاً، في عالَم السياسة، الذي كلَّما توغَّلْنا في ماضيه رَأيْنا نفوذ المبادئ فيه أقوى وأوضح.
الرؤية الموضوعية، أي رؤية الأمور والأشياء على حقيقتها، وفي حجومها الحقيقية، في عالَم السياسة، ليست دائماً في متناوَل الأبصار والبصائر؛ ولا شكَّ في أنَّ أزمة الرؤية السياسية هي في المقام الأوَّل "أزمة تفسير وتعليل"، فنحن لا نختلف، وينبغي لنا ألا نختلف، في بديهية كبرى هي أنَّ الظواهِر والأحداث في عالَم السياسة مُمْكِنة التفسير والتعليل بمبدأ من مبدأين اثنين لا ثالث لهما: "المبدأ المثالي (الفكري)" و"المبدأ الواقعي".
ولو لم يكن "المبدأ المثالي" مُفسِّراً معلِّلاً للظواهر والأحداث السياسية لَمَا تجرَّأ أحد القائلين به على المغالاة في أهميته قائلاً "إنَّ الفكر يَحْكُم العالَم".
لكنَّنا نختلف، ولا بدَّ لنا من أن نختلف، في أمْرٍ أكثر أهمية، هو الإجابة عن السؤال الآتي: "إذا كان كلا المبدأين يصلح تفسيراً لعالَم السياسة، فأيُّ المبدأين يُفسِّر الآخر؟".
إنَّني من القائلين بـ "المبدأ الواقعي" مُفَسِّراً، أو تفسيراً، لـ "المبدأ المثالي"، بأوجهه وصوره المختلفة، ففي نهاية السلسلة من "الأسباب المثالية"، يَظْهَر لنا آخرها، ولا بدَّ له من أن يَظْهَر، على أنَّه "النتيجة المثالية" التي تَتَّصِل مباشَرةً بـ "سببها الواقعي"، فالفكر يَحْكُم العالَم؛ لكن ليس حُكْماً أُوتوقراطياً، وإنَّما حُكْم مقيَّد بـ "دستور"، هو كناية عن الواقع وقوانينه.
وإيَّاكم أن تظنُّوا أنَّ هذا الذي قُلْت هو أمْر نظري (أو فلسفي) لا صلة له بالواقع (أو الحياة) فهو وثيق الصلة به، وإنْ بدا لنا الأمر غير ذلك في بعضٍ من القضايا.
لو سألْتَ أحد القائلين بـ "المبدأ المثالي"، تفسيراً وتعليلاً، عن سبب الحرب، لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ سببها يكمن في نزعة الشرِّ المتأصِّلة في نفوس البشر"؛ وينبغي لنا، إذا ما أردنا للسلام أن يعم ويسود، أن نُصِلح نفوس المولعين بالحروب، وأن نشرح لهم مثالب وشرور الحروب، وأنْ نبصِّرهم بعواقبها، وأنْ نغرس في عقولهم "ثقافة السلام"، وكأنْ ليس للحرب من أسباب واقعية، قد تَحْمِل حتى الكهنة و"الغانديين" على أن يصبحوا لها أمراء وقادة!
ولو سألْته عن سبب إخفاق جهود ومساعي السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، على كثرتها، لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ السبب يكمن في كَوْن الدولة العبرية غير محبَّة للسلام"، فلو حبَّبناها به، وجَعَلْنا له مكاناً في قلبها، كأنْ نتوفَّر على إقناعها بجدوى ومزايا وفوائد مبادرة السلام العربية، لتبدَّلت مشاعرها، ولجنحت للسلام. إنَّ إسرائيل لا تُحب السلام؛ لأنَّ العرب في واقعٍ يَحْملهم على استجداء السلام استجداءً، فلو أصبحوا أقوياء لاكتشفوا أنَّ إسرائيل تحب السلام!
ولو سألْته عن سبب انحياز الولايات المتحدة الأعمى إلى إسرائيل (ضد العرب والفلسطينيين) لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ السبب يكمن في تقاعس العرب عن شرح قضيتهم العادلة للولايات المتحدة"، فلو هُم أنفقوا مزيداً من الجهد والوقت، توصُّلاً إلى تعريف زعماء القوَّة العظمى في العالَم، وتثقيفهم، بقضيتنا، لأنارت هذه المعرفة دروبهم، ولَجَعَلتهم ينحازون إلى "الحقِّ"، وإلينا من ثمَّ.
ولو سألْتَه عن سبب ظاهرة "الإرهاب الإسلامي"، لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ السبب يكمن في النصوص والنفوس؛ في دين المسلمين، وآياتهم القرآنية، ومناهجهم الدراسية"؛ وينبغي، لـ "ضحاياه"، من ثمَّ، أنْ يخوضوا "حرب الأفكار"، التي دعا إليها رامسفيلد، وبشَّر بها، وأن يغيِّروا المناهج الدراسية في المدارس الإسلامية، توصُّلاً إلى تجفيف منابع هذا "الإرهاب" من النصوص والنفوس، وإلى تحبيب المسلمين بالولايات المتحدة، التي لم تفعل شيئاً لجعل المسلمين في واقعٍ يَحْمِلهم على معاملتها على أنَّها عدوٌّ لهم، والتي كان لها المسلمون أنفسهم حليفاً في حربها في أفغانستان ضدَّ الاتحاد السوفياتي والشيوعية والإلحاد.
ولو سألْتَه عن سبب غزو الولايات المتحدة للعراق، لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ السبب يكمن في أنَّ الصليب قد قرَّر، عبر ممثِّليه (إدارة الرئيس بوش) استئناف الحرب الصليبية ضدَّ الهلال"؛ فالنفط ليس بالسبب؛ لأنَّه دنيوي تافه، وهل يستوي الدنيوي والديني؟!
في عالَم السياسة، نرى دائماً من له مصلحة حقيقية في نشر وبثِّ الأوهام، وفي (من ثمَّ) إخضاع الأبصار والبصائر لهيمنة "المبدأ المثالي" في تفسير وتعليل الظواهر والأحداث السياسية، فهذا المبدأ، على ما أثبتت التجربة السياسية، لا يَصْلُح إلاَّ للنساء والعبيد، أي لكل من فُرِض عليه العيش في واقعٍ يُضيِّق الأُفْق.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الآلة- من وجهة نظر سوسيولوجية
- في نسبية -الآن-
- عندما يصبح اللجوء إلى المجتمع الدولي إرهاباً!
- هكذا تكلَّم أوباما!
- هل تورَّط الأردن؟
- سياسة بعيون ميثولوجية!
- انتهازية أخلاقية!
- -يهودية الدولة-.. مشروع نتنياهو الانتخابي!
- نهاية ثورة!
- دولة لليهود فقط!
- هكذا قد يختفي العرب!
- المعاني الاستراتيجية لهبوط سعر النفط!
- إفراغ القدس من الحرم القدسي!
- الإنسان -مُمَثِّلٌ-.. هذه هي -حقيقته التاريخية-!
- -الربيع العربي- بميزان -التجربة العملية-!
- مَيْل عالمي إلى -القُوَّة الناعمة-!
- مواطنو -اللادولة-!
- عندما يُنْكِر السيِّد حسن نصر الله -مَذْهَبِيَّة- الصراع!
- بروزور مُزَوِّراً للحقائق!
- هكذا تكلَّم أوغلو!


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -السياسة- بين -المثالي- و-الواقعي-