أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - انتهازية أخلاقية!














المزيد.....

انتهازية أخلاقية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 13:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




كان الله في عون الضعفاء من البشر؛ وأعني بـ "الضعفاء" كل إنسان "استضعفه" الأقوياء، أي جعلوه ضعيفاً، وأمعنوا في إضعافه؛ لأنَّ قوَّتهم من ضعفه، وإضعافه؛ فالإنسان لا يُوْلَد ضعيفاً (بالمعنى الاجتماعي والاقتصادي.. والسياسي للضعف) وإنَّما يُصْبِح ضعيفاً. إنَّ ظروف عيشه التي وَجَدَ نفسه فيها، ولم يُرِدْها أو يخترها أو يرغب فيها، هي التي تجعله ضعيفاً، وتجعل للأقوياء سلطاناً عليه، مع أنَّ تغييره لها بما يجعلها أفضل له، أو أقل سوءاً، ليس بالأمر المتعذَّر أو المستحيل.
هؤلاء المستضعفون، الذين يَجِدون العدم خيراً من الوجود، ليسوا بحاجة إلى أنْ يقيِّدوا سلوكهم وتصرُّفهم وموقفهم وقولهم وفعلهم بالقيود المصنوعة من ذَهَب القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية، فإنَّهم (إلاَّ ما شذَّ منهم ونَدَر) يصارِعون من أجل البقاء بأسلحة بعضها من قبيل التفريط في أشياء يكفي أنْ يُفرِّط فيها أي إنسان حتى يَفْقِد إنسانيته، أو آدميته؛ فإنَّها الخرافة بعينها أن تتوقَّع ازدهاراً أخلاقياً وإنسانياً لمجتمع عَمَّه الفقر بشروره كافة.
في ما يخصُّ هؤلاء البشر ليس في وسعي إلاَّ أنْ أقول ما قلت، أي كان الله في عونهم؛ لكنَّ ثمَّة بشر، وفي مجتمعنا، يُشْبِهون أولئك، لجهة خواصِّهم الإنسانية والأخلاقية، مع أنَّ ظروف عيشهم أفضل بكثير، وتسمح لهم بأنْ يحيوا حياتهم بكثير من الكرامة والكبرياء وعزَّة النفس.. والقوَّة بكل معانيها الإنسانية والأخلاقية. إنَّ هؤلاء المتخلِّقين بأخلاق العبيد، وهم ليسوا بعبيد لجهة ظروف عيشهم، يستحقُّون اللعنة والازدراء، وغير جديرين بأنْ تشفق عليهم، أو تَجِدَ لهم أعذاراً.
إنَّهم أُناس يُوْصَفون، عادةً، بأنَّهم "ضعاف النفوس"، وتستبدُّ بهم "ثقافة" مدارها قيم ومبادئ من قبيل "لا خلاص إلا الخلاص الفردي، فاسعَ فيه، وإيَّاكَ أن تسعى في الخلاص الجماعي"؛ "اسْعَ في خطب ودِّ رئيسكَ، وولي نعمتكَ، ولو بما يعود بالضرر على رفاقِك"؛ "داهِن ذوي السلطان، وجاهِد في سبيل الفوز برضاهم، فقد تصبح مثلهم".
وتُصَوَّر هذه الثقافة" المنتشرة في مجتمعاتنا على أنَّها "الحِكَم" التي لا يستنكف عن الأخذ بها، والعمل بمقتضاها، إلا كل أخرق عديم الطموح، ارتضى العيش ابد الدهر بين الحُفَر. إنَّها ثقافة إنْ صَلُحَت لشيء فلا تصلح إلاَّ لخلق بشر يتخلَّقون بأخلاق العبد، أو أخلاق مالك العبيد.
أنْظروا إلى ما أصبح في منزلة "القانون" في مؤسساتنا، إدارةً وعملاً؛ أنْظروا إليه في واقعه، وفي عالمه الحقيقي الذي لا يخالطه وهم؛ أنْظروا إليه بعيون لا تغشاها أوهام؛ فهل يشقُّ عليكم، ويَصْعُب، بعد ذلك، أن تكتشفوا أنَّ "التوزير (الإداري)"، والذي لا يختلف ماهيةً وجوهراً وخواصَّ، عن "التوزير السياسي"، لا يفوز به إلاَّ الأكثر عجزاً، والأقل كفاءةً، والأشد ميلاً إلى الاستخذاء والخضوع، وإلى التخلُّق بأخلاق عبيد روما، والأعظم نفاقاً وتملُّقاً ومداهنةً ومداجاةً، والذي لا يملك من اللسان العربي المبين إلاَّ عبارات التمجيد والتفخيم والتعظيم (الذي يكاد يعدل الكفر) للأسياد، أي لأسياده هو؛ أمَّا الأطول من لسانه الذي يقطر "عسلاً" فأُذُناه؛ وهو كلَّما صعد درجة في "السُلَّم" طالت أُذُناه حتى أصبح هذا الجزء منه (أي أذناه) هو الكلُّ، فهو يَعْلَم أهمية وضرورة ومنفعة أن يكون كله آذاناً صاغية.
و"الحقيقة" عنده ليست سوى ما يُفكِّر فيه أسياده الآن، فلا موازين، ولا مقاييس، لها سوى هذا الميزان، وهذا المقياس!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -يهودية الدولة-.. مشروع نتنياهو الانتخابي!
- نهاية ثورة!
- دولة لليهود فقط!
- هكذا قد يختفي العرب!
- المعاني الاستراتيجية لهبوط سعر النفط!
- إفراغ القدس من الحرم القدسي!
- الإنسان -مُمَثِّلٌ-.. هذه هي -حقيقته التاريخية-!
- -الربيع العربي- بميزان -التجربة العملية-!
- مَيْل عالمي إلى -القُوَّة الناعمة-!
- مواطنو -اللادولة-!
- عندما يُنْكِر السيِّد حسن نصر الله -مَذْهَبِيَّة- الصراع!
- بروزور مُزَوِّراً للحقائق!
- هكذا تكلَّم أوغلو!
- -النهضة- إذْ خَرَجَت من حيث دَخَلَت!
- عندما يتحدَّث السيسي عن مصر المُهَدَّدة في وجودها!
- ما هو -شكل- الكون؟
- تركيا وإيران.. لِمَ لا تتحالفا؟!
- في الجانب الخفي من الحرب على -داعش-!
- خَطَر عربي وإسلامي وتلمودي يتهدَّد القدس!
- -كوباني-.. ما بَيْن -الحقيقة الواقعية- و-الصورة الإعلامية-!


المزيد.....




- الحكومة اللبنانية تتحرك لنزع سلاح حزب الله... كيف رد الحزب؟ ...
- أمين عام حزب الله يهدد بإطلاق صواريخ على إسرائيل إذا استأنفت ...
- سفير إسرائيلي سابق يدعو ماكرون لفرض عقوبات على تل أبيب
- -يسرائيل هيوم-: إسرائيل عرضت على جونسون خرائط ضم الضفة الغرب ...
- زيارة جونسون إلى -أريئيل-.. تكريس أميركي للاستيطان وتحد لحل ...
- كاتب إسرائيلي: واقعنا اليوم أسوأ من دولة أورويل الشمولية
- تامر شحيبر.. طفل غزي جديد يموت مُجوّعا على ذراعي والدته
- أطباء بلا حدود تعلق أنشطتها بجنوب السودان بعد اختطاف أحد أفر ...
- طائرات بريطانية تواصل التحليق فوق غزة.. ما الهدف؟
- مسؤولون: ترامب يخطط لتولي إدارة الجهود الإنسانية في غزة


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - انتهازية أخلاقية!