البيشمركة والجنرال - ثَلج -

امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4686 - 2015 / 1 / 9 - 18:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قد يكون الجنود الروس وكذلك السوفييت بعد ذلك ، من أشجع الجنود وأكثرهم إستعداداً للذّود عن وطنهم ... لكن كُلاً من نابوليون وهتلر ، قالا ان السبب الرئيسي في هزيمتهما على أعتاب موسكو .. هو سطوة الشتاء وقساوة الجنرال الثلج ! . رُبما يكون تبريرهما ، صحيح " جُزئياً " ، حيث ان أهل البلاد متعودون على المناخ المتطرف والبرد القارس ، في حين ان الغُزاة ، لم يستطيعوا تحمُل درجات حرارة ، تصل الى عشرين تحت الصفر ولأسابيع متواصلة ، وآلياتهم وأسلحتهم ، لم تعُد ذات جدوى .
مع الفارق بين الحالتَين .. فأن البرد القارس ودرجات الحرارة المنخفضة والرياح الشديدة ، هذه الأيام ، على جبل سنجار ومحيطه وسنوني وزُمار، وجبل بعشيقة وبحزاني ، قد يُغري العدو الداعشي الفاشي ، للقيام بمغامرة تستهدف ، إسترجاع المناطق التي حّرَرها البيشمركة مُؤخَراً ...
وبالفعل ، فأنهم أي عصابات ما يُسّمى بدولة الخلافة الإسلامية ، ما إنفكّوا يشنون الهجمة تلة الهجمة ، مُستخدمين العربات والصهاريخ المُفخَخة ، التي يقودها إنتحاريون ، قٌبيل الهجوم ، لإحداث خسائر بشرية وإرباك المُدافعين وإرعابهم ودفعهم الى الإنسحاب او الإستسلام .. لكن هيهات أن يحدث ذلك ! . فالمرات السابقة التي نجحوا فيها ، في وصول عرباتهم الكبيرة المُفخخة ، الى مواقع البيشمركة ، كما حدث في سد الموصل وربيعة وغيرها " حيث ان الأسلحة البسيطة التي كانتْ لدى البيشمركة ، حينها ، لم تكن تستطيع إيقاف وتدمير العربات ( المُدرعة ) المفخخة التي يقودها الإنتحاريون " .. لكن في الآونة الأخيرة ، وبعد وصول أسلحة وعتاد متقدم ، فأن البيشمركة أفشلوا عشرات المحاولات الداعشية الإنتحارية ، وإستطاعوا تدمير العربات المفخخة ، قبل وصولها الى أهدافها .
* المناطق السهلية من ربيعة الى زُمار وسحيلة مرورا بسهل نينوى الى أطراف كركوك والحويجة وصولاً الى السعدية وجلولاء ... مناخها قاسٍ ليلاً ، فهي لاسعة البرودة ، ناهيك عن المناطق الجبلية في سنجار وبعشيقة وبحزاني . وسيطرة البيشمركة على كُل هذه المناطق الشاسعة ، المُواجِهة لقوات داعش .. أمرٌ بالغ الصعوبة والخطورة . ويحتاج الى منظومة لوجستية كفوؤة وإمكانيات بشرية كبيرة ، تُتيح تبديل قطعات البيشمركة ، بين فترةٍ وأخرى ، من أجل الراحة وإدامة الحيوية . لكن هذه ( الرفاهية ) غير متوفرة بصورةٍ كافية ! . فأن ما يُقارب الألف كيلومتر طولاً ، تمتص أعداداً هائلة من المُقاتلين ... فيحدث أحياناً ، ان بعض القطعات ، تبقى في الجبهةِ لأكثر من أربعين يوماً .. فإذا أخذنا بنظر الإعتبار ، البرد الكافر ، وتساقط الأمطار والثلوج وهبوب الرياح العاتية .. نستطيع تصّوُر كَم المُعاناة التي يُلاقيها البيشمركة في الخطوط الأمامية .. وما يتحملونهُ من عبأٍ كبير على عاتقهم .
* الكِفاح والنضال من أجل الحُرية هو نفسه إينما يَكُن وفي أي وقت .. ولكن الفرق بين نوعية النضال الذي كان يخوضه البيشمركة في الستينيات والثمانينيات من القرن الماضي ، وما يخوضونه اليوم ، فرقٌ كبير . ففي السابق ، كانتْ عبارة عن حرب عصابات ، فتضرب ثم تنسحب الى مقرات آمنة نسبياً ، في مناطق وَعِرة ، او الى قُرىً مأهولة في الغالب .. حيث تأخذ قسطاً كافياً من الراحة والنوم والأكل والشاي .. الخ . أما اليوم فأنها حرب مواجهة نظامية ، وعليكَ المُحافَظة على الأرض والإستماتة في الدفاع عنها .. بل انها أحياناَ حرب مُدن ومن شارع الى شارِع .. بشروط مُختلفة وأسلحة مُغايِرة وعَدُوٍ من نوعٍ آخَر وخطوط تموين ونقل وإدامة وصيانة ... الخ .
في الواقع .. ان تجربة الخمسة أشهُر الأخيرة ، هي تجربة جديدة على البيشمركة .. وللحَق فأنهم أثبتوا تجاوزهم لمِحنة الأيام الأولى الصعبة بعد سقوط سنجار بيد داعش .. وإستعادوا رباطة جأشهم بسُرعة .
أرى أن شُجاعة البيشمركة اليوم ، في تصديهم لعصابات ما يُسمى دولة الخلافة الإسلامية ، لاتقُل عن شجاعة بيشمركة الأمس .. بل ان ما يقومون بهِ ، ليسَ فقط هو الدفاع عن أنفسهم ، أو عن كردستان او العراق فقط .. بل أنهم رأس الرُمح ، لدرء خطر الفاشية الداعشية عن العالَم أجمَع .
..........................
الجنرال " الثلج " ، هذه الأيام لايخدم عصابات داعش الفاشية ، قطعاً .. فأغلبهم من أجلاف الصحراء ، وغير متعودين على هذا المناخ القاسي " عدا بعض الشيشانيين والكُرد المنضوين تحت لواء داعش " . بينما البيشمركة ، لديهم قُدرة تحمُل أكثر وإمكانية تأقلُم مع الثلوج والأمطار .
هل يستغل البيشمركة ، مجئ الجنرال " ثلج " وأركانه من الصقيع والبَرد والرياح .. فيشنون هجوماً ، لتنظيف سنجار وبعشيقة وبحزاني من الفاشية الإسلامية ؟

#امين_يونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات