فضائية جِرا والعمل التطوعي

امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 12:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أحد الأصدقاء الذي تشرفتُ بالتعرُف عليهِ في برلين .. إقترحَ أن أذهب معهُ صباح اليوم التالي ، الى مدينة " بيليفيلد " ، حيث كان عندهُ موعد لإجراء لقاءٍ معهُ ، في ستوديو تلفزيون " جرا " . وقال انني سوف أطّلع على الطريق السريع في ألمانيا وأشاهد الكثير من المعالم . إعتقدتُ بأن المدينة المعنِية ، تبعد ساعة أو ساعتَين .. فوافقتُ على الفَور . ولكن بعد خروجنا من برلين ، إتضحَ لي بأنها تبعد حوالي 450 كم ! . وان صديقي الجديد ، الذي كان عليه الذهاب والعودة في نفس اليوم ، وقطع هذا الطريق الطويل لوحده ، أرادَ مَنْ يرافقهُ ويتبادل الحديث معه .. فلم يجِد أحسن من هذا الزائر الغشيم ، الذي سيهدر يوماً كاملاً من زيارتهِ ، على الطريق السريع ! .
على أية حال .. بعد ان وصلنا الى " ستوديوهات تلفزيون جرا " .. خابَ أملي . حيث كنتُ أعتقد بأنها كائنة في بناية كبيرة فخمة ، مكتظة بالأثاث النفيس والأجهزة المتطورة .. فتبينَ ان " التلفزيون الإيزيدي العتيد " ، عبارة عن بيتٍ بسيط للغاية ، والقاعة الصغيرة التي فيها الأستوديو ، متواضعة وفقيرة الديكور والأثاث .. والغُرف والمطبخ الصغير ، كُلها ، في غاية البساطة ، بل مُفتقرة الى الفرش والكراسي أيضاً ! .
كانَ هنالك مجموعة من الشباب من الجنسَين ، في حركةٍ دائبة .. تأجلَ موعد اللقاء مع صديقي ، لأكثر من ساعة ، لأنه كانتْ هنالك ندوة حول الوضع في كوباني . إتضحَ لي ، بأن الفتاة الجميلة التي ستجري الحوار مع صديقي ، لَبِقة مُثقَفة واسعة الإطلاع .. وهي قادمة من مدينة تبعد عن بيليفيلد 250 كم ، ويجب ان تعود بعد إنتهاءها من عملها .. وان كُل ذلك ، عملٌ تطوعي بدون أي مُقابِل .. حتى ثمن وقود سيارتها ، تدفعهُ من جيبها . " بالطبع ، صديقي أيضا قطع أكثر من 900 كيلومتر واجرى لقاءا تلفزونيا إستمر ساعة كاملة ، بدون أي مُقابِل " .
ليسَ هذا فقط .. لقد إندهشتُ عندما علمت ، ان [ جميع ] العاملين في هذه المحطة التبفزيونية الصغيرة ، متطوعون ، ولا أحد منهم يأخذ أجورا على الإطلاق ! . قالوا .. بأن النشاط الإعلامي الرئيسي ، موجودٌ في بروكسل ، حيث هنالك مُجمَعٌ ضخم ، يضم العديد من الفضائيات ويحتضن الكثير من الفعاليات الإعلامية والثقافية والفنية .. وان العديد من العاملين هناك أيضاً ، متطوعون ! .
...............
كنتُ أتساءلُ بين الحين والحين : لماذا النشاط الإعلامي والفني والثقافي ، الذي يقوم بهِ حزب العُمال الكردستاني وفروعه ، أكثر تطوراً وأعمق تأثيراً ، مما يقوم به حِزبَي السُلطة عندنا ، بل حتى أحزابنا التي خارج السلطة أيضاً ، من نشاطٍ إعلامي وثقافي ؟؟ . بعض السبب يكمن في : ان جميع أحزابنا ولا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني .. عاجزة بالفعل ، عن توفير خمسين مُتطوِع ، مُستعد للعمل " جُزئياً " بدون مُقابِل في أي من مؤسساته الإعلامية .. وقِس على ذلك . في حين هنالك آلاف المتطوعين الذين يعملون لساعات ، ضمن النشاطات المتنوعة ، لحزب العمال الكردستاني وفروعه الرديفة ، مجاناً .
بِغض النظر .. إذا كنتُ مُتفقاً مع نهج حزب العمال والإتحاد الديمقراطي ، او مُعارِضاً .. فمن الإنصاف القول : ان الكثير من مُؤيدي واتباع هذين الحزبَين ، لديهم قناعة تدفعهم ، للتضحية بجزءْ من وقتهم وراحتهم ، في سبيل قضيةٍ يُؤمنون بها .
..................
شكراً لصديقي ، الذي قادني الى التعرُف على فضائية جرا ، وبعضا من كادرها الرائع .

#امين_يونس (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل