أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - السلم الاجتماعي هدف الديمقراطية و أساسها















المزيد.....

السلم الاجتماعي هدف الديمقراطية و أساسها


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 20:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شغل الفكر البشري منذ وقت مبكر، مثلما عنيت المجتمعات الانسانية بالسلم الاجتماعي، كهدف لتحقيق رقي الانسان وتطوير البيئة التي يحيا فيها، وكان السعي الى محاولة المواءمة بين الدعوة الى الحرية، وتطبيق المثل والقيم المرتبطة بها، ومنها الديمقراطية كهدف أسمى للناس، وبين تحقيق السلم في المجتمع؛ هو الأكثر تناولاً على صعيد دراسات المفكرين و أبحاثهم، اذ ان الديمقراطية أو الحرية لم تك غاية بحد ذاتها، بل ان المفكرين والفلاسفة فضلاً عن السياسيين قصدوا من الدعوة الى تطبيقها والسعي لها، الى تأمين الوضع الأمثل الذي يمكّن الجماعات البشرية من التوصل الى الصيغة المثلى للاستقرار والأمن الاجتماعي.
وعلى سبيل المثال، انه في وقت مبكر من تاريخ العالم ، في الربع الاخير من القرن الثامن عشر وبالتحديد في عام 1787 واثر مواجهات عسكرية بين الانجليز و المنتفضين ضدهم في مستعمراتهم في اميركا الشمالية؛ اي ما سمي بالثورة الاميركية، سارع ممثلو المنتفضين الى المبادرة بتنفيذ الخطوات المطلوبة لتجاوز مرحلة الصراع الحربي، والخروج من مأزق التناحر والصراع و مواجهة مسبباتها؛ فجرى إحداث التوازن بين افكار جورج واشنطن كشخصية عسكرية قوية اختير كرئيس للدولة الناشئة، وبين توماس جيفرسون الذي كان منهجه يدعو الى منح الولايات قدراً اكبر من الصلاحيات؛ كان همهم وضع دستور يحدد صيغة السلطة، وحقوق وواجبات الناس، و كذلك طبيعة العلاقات التي تربط الولايات بالدولة وبين بعضها البعض.
يرى خبراء السياسة والمؤرخون ان «دستور الولايات المتحدة كان من أوضح الدساتير التي أُعدّت في العالم وأكثرها فعالية، وقد ساعد هذا الدستور على قيام حكومة تتوازن فيها السلطات الثلاث»، ولاحظوا انه «أقام التوازن بين الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات، وتم الحفاظ على مرونة الدستور ومسايرته للتطور، بالنص على إمكانية التعديل والإضافة إلى الدستور، وان وضعت بعض القيود التي تحميه من التغييرات المتسرِّعة»، بحسب ما اجمع عليه المؤرخون.
لقد جرى منذ البداية التفكير بحل معضلة العلاقة بين الحرية وتحقيق السلم الاهلي، والسعي لتنفيذ ذلك.
وحتى في سنوات الحرب الأهلية الأميركية بين أعوام 1861-1865، جرى تنفيذ ما يسمى «إعادة الإعمار»، التي استكملت عام 1877، وتمخضت عن تعديلات في الدستور استناداً الى الوضع الجديد، ألغت الرق والعبودية؛ و عززت الوقاية القانونية للسكان بغض النظر عن العرق، كما ألغيت القيود العنصرية على التصويت.
اما الثورة الفرنسية عام 1789 التي إنهار فيها النظام الملكي المطلق الذي حكم فرنسا لعدة قرون، فبعد اقل من شهر، أي في آب من ذلك العام صدر إعلان حقوق الإنسان والمواطنة، ترافق ذلك مع إلغاء الامتيازات الإقطاعية والأرستقراطية والدينية، وبروز الجماعات السياسية اليسارية، إلى جانب ظهور دور الجماهير وفلاحي الريف في تحديد مصير المجتمع، بحسب المؤرخين.
لقد ادت تلك التطورات والاجراءات الى ان يشرع المجتمع الفرنسي، ومثل ذلك المجتمع الاميركي بسيره الحثيث ومن دون تراجع، نحو تحقيق مجتمع أمثل على وفق السياقات المطلوبة، و برغم ظروف من الاحداث اللاحقة والحروب التي تسببت فيها عوامل متنوعة، ومنها الحربان العالميتان في القرن الماضي؛ فان الثوابت التي تَولد نتيجة تطبيقها سلم أهلي راسخ، كانت على الدوام حاضرة في اذهان السياسيين وعملوا على تكريسها، بغض النظر عن الحروب والويلات التي حاقت بالمجتمعات البشرية في مدد متنوعة.
اردنا من تناول الأنموذجين الفرنسي والاميركي، ومثل ذلك عينات اخرى، قد نتناولها لاحقاً؛ القاء الضوء على وضعنا في العراق الذي لم يشهد استقراراً ملحوظاً طيلة عقود، وحتى الآن.
لقد توفرت لدينا في العراق فرص عدة لامتطاء طوق نجاة التحضر، ومجاراة المجتمعات التي سبقتنا الى اختصار حقب التطور والتمدن وتحقيق الرقي المطلوب؛ غير اننا لم نحسن انتهازها والتصرف ازاءها، وحتى مرحلة انشاء ما يسمى بالدولة العراقية عام 1921 لم نستغلها لتكون عاملاً في تطورنا، وقد تضافرت عوامل عدة لتفشل ذلك المشروع؛ منها ان النظام القائم آنذاك اخفق في زرع محفزات السلم الاهلي؛ فجرى اعدام قادة سياسيين واعتقال الناس ونفيهم، برغم ان الانجليز الذين كان لهم تأثير كبير على النظام الملكي في العراق آنذاك، لم يفعلوا تلك الامور في بلادهم، وتغاضوا عما كان يرتكب في العراق، وتلك مفارقة جديرة بالدراسة ولم تصب في صالح تحقيق السلم الاهلي العراقي؛ واسماء مثل سجن بغداد ونقرة السلمان و سجون الكوت والمحافظات لم تزل تخدش و تؤلم الذاكرة العراقية حتى الآن، فتحالف القمع الى جانب الفقر الذي لم تجد الدولة المستحدثة طريقاً لحله ليزيد تذمر الناس من النظام القائم؛ فتعاطفوا بالنتيجة مع التغيير الذي احدثه الجيش الذي اسقط النظام في تموز 1958 وتلك فرصة اخرى ضاعت، وليست بنا حاجة للبحث في تلك المدة والعقود التي اعقبت ذلك؛ التي تكرست فيها المعاناة والمآسي فتلك مسؤولية المؤرخين والباحثين السياسيين.
غير اننا نقول، اننا وبفعل التجارب المريرة التي مر بها العراق التي اختتمت بسيطرة القوى الدينية المتطرفة المتمثلة بما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية على مناطق واسعة من العراق، فان لنا، بل من حقنا ان نطمح الى الخلاص للانعتاق من حالة الموت والحزن التي تكاد تتجذر في فضاءات العراقيين، إذ أننا امام حالتين لا ثالث لهما، اما ان نخسر او ان نفلح في الخلاص وولوج بوابات التقدم.
وعودة على بدء نقول، كان أمل الناس كبيراً بالخلاص والتحرر ابتداءً من التغيير الكبير في نيسان 2003 غير ان الحرية التي تمخضت عن عقود من النظام الدكتاتوري السابق، ومحاولة ارساء نظام ديمقراطي على انقاضه، لم تحقق السلم الاجتماعي المطلوب، وفهم البعض ان ممارس الحرية، تعني اطلاق حريته في التدخل في حياة الناس، وحتى في خصوصياتهم، ومأكلهم ومشربهم، وجرى استهداف حياة فئات واسعة من السكان، لم يعنوا بالصراع القائم، منهم الحلاقون والاطباء والفنانون والنساء، وغيرهم، في سابقة يندر ان تشهدها المجتمعات البشرية؛ وباختصار شديد نقول، ان سياسيينا الذين لم يحسنوا التحرك لتحقيق السلم الاهلي المطلوب وفشلوا في ذلك، لأسباب بات يعرفها الجميع، التي تبدأ بالمحاصصة الطائفية والقومية، ولن تنتهي بالفساد الذي فتح فاه من دون شبع، عليهم الآن مسؤولية الانتفاع من الاجواء التي توفرها الحرية المكتسبة، بعد ان عجزوا عن فهم ان هدف السياسة الاخير هو اجتماعي ـ اقتصادي وان دراسته بحكمة والسعي لتحقيق متطلباته هو ما يهم الناس ويسعدهم وليس أي شيء آخر، ومن دون ذلك تكف السياسة ان تكون ذات معنى، وتتحول الحرية والديمقراطية المقترنة بها الى حِكم جوفاء لن تجدي نفعاً امام الكم الهائل من المخاطر التي يواجهها المجتمع والبلد، ومن دون التوصل الى استجلاء لحظة الحقيقة، التي علينا ان نتكاشف فيها ونتصارح، لن نبني مجتمعاً يسلك طريقه بوعي وبثقة في مضمار التطور الانساني، ولن نحقق الأمن الاجتماعي المطلوب.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحسين العلاقات مع الدول الأخرى مكسب للإنسان العراقي
- عن الموازنة مرة أخرى
- إشكالية المواطنة و عوامل جذب «التوطين»
- سوريالية الزمن العراقي الحزين
- لجان مجلس النواب المتكاثرة قرينة الإخفاق
- متوالية الموت العراقي.. هل من نهاية؟
- الوزراء الجدد ..العبرة فقط في النتائج
- وزارة العبادي.. مخاض عسير وتنافس ضار
- دماء سبايكر ومساعي إخفاء دلائل الجريمة
- المطلوب وزراء مستقلون مختصون
- فضائح مسؤولينا وحنكة الآخرين
- -ماراثون- الموازنة..لا نقطة شروع و لا خط نهاية
- في سبيل 10 وزارات فقط
- تسويق وجوه عتيقة فاشلة
- صراع الحقائب الوزارية يعيدنا الى نقطة الصفر
- اضطراب السياسة العراقية و تواصل الأمل بالتغيير
- هل العبادي.. أمل جديد؟
- شوط الرئاسات العراقية يبدأ بالتعطيل فهل ينتهي؟
- العقدة العراقية والحل التونسي
- مقدمات الانهيار .. في صلب العملية السياسية


المزيد.....




- ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي ...
- -كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم ...
- وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55 ...
- السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
- ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست ...
- بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا ...
- دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م ...
- غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
- كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا ...
- ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - السلم الاجتماعي هدف الديمقراطية و أساسها