أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - العقدة العراقية والحل التونسي















المزيد.....

العقدة العراقية والحل التونسي


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 4514 - 2014 / 7 / 16 - 08:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل فقد الوضع العراقي بوصلته، وهل دخلنا في المجهول، ام ان هناك مجالا للأمل؟!
كان من المفروض ان تكون عملية اسقاط النظام السابق على يد القوات الاميركية بصورة رئيسة، فرصة لمداواة جراح العراقيين وإعادة بناء البلد؛ ولكنها لم تجر كذلك، اذ ان الذي حصل، ان معظم السياسيين الذيم افرزتهم المرحلة الجديدة، ولاسيما في مفاصل الحكومات التي أعقبت التغيير، لم يعبأوا بالشعب؛ بل بنيل المغانم الشخصية والحزبية، خصوصا مع تواجد الخيرات الوفيرة في العراق، فاغتنى السياسيون والمقربون اليهم ومريدوهم الاقربون وتكسبوا، وظلت الغالبية الساحقة من الشعب تعاني الامرين.

ان عملية الاستئثار بالثروة، والفساد الذي رافقها أدت الى إعادة انتاج نمط التفكير الاستبدادي والدكتاتوري، وان لم يصرح احد من المسؤولين بذلك، فاصبح المسؤول حتى في الحلقات الدنيا مصرا على البقاء في منصبة، برغم تواصل الكوارث والفشل في اعادة البناء والاعمار، الذي عانت منه البلاد طيلة عقود؛ ولقد نتج عن ذلك ان اصبح المسؤولون متخوفين من ترك المنصب، بعد ان كونوا لهم مجاميع ومراكز قوى وحتى "مافيات" تنفرد بكل شيء، وغدا عسيرا على أي كان من المسؤولين ان يفكر في ترك منصبه خوفا ـ بحسب تصوره ـ من فقد تلك الامتيازات ومساءلته ومحاسبته، ولذلك لجأ كثيرون ممن تبوأوا المناصب ومنهم وزراء ائتمنهم الشعب على ماله الى الانتقال للعيش في بلدان أخرى مع مغانمهم بمجرد ظهور بوادر ترك المنصب، وانعدمت ما تسمى بثقافة الاستقالة برغم الإخفاق الفاضح، واصبح من النادر اذا لم يك من المستحيل استقالة مسؤول؛ فالجميع يفكرون في الإبقاء على امتيازاتهم وبطاناتهم الى أبد الآبدين!

وهكذا دخلنا في دوامة الكوارث والويلات، التي تكللت مؤخرا بالكارثة الحالية التي لا نعرف كيف نخرج منها؛ وكان يفترض بالسياسيين اذا كانوا حريصين على الشعب والوطن كما يقولون، ان يتحركوا على وفق هذا الأساس وان يجعلوا من المنصب مرحلة مؤقتة ومؤسسة للخدمة العامة، وبالنتيجة فانهم لن يموتوا من الجوع فسيكون وضعهم مؤمنا في كل الأحوال!

ان لنا في المثال التونسي شبيها مع الاختلاف بين طريقة التغيير في تونس، التي جرت بالشعب والتغيير لدينا الذي جرى بوساطة قوات اجنبية؛ فما الذي حدث في تونس، لكي يجزم تقرير دولي نشرته مجلة «إيكونوميست» البريطانية صدر قبل أيام، ان "تونس هي الدولة الوحيدة عربيا التي تتبنى انموذجا ديموقراطيا"، ورأى انها "استطاعت أن تتخلى عن الماضي وتتبنى نظاما أكثر انفتاحا"؟

ما يدفعنا الى المقارنة هو نتائج الانتخابات، التي تسيد فيها الإسلاميون على صناديق الاقتراع مثلما جرى عندنا، ولكن الحال جرت في البلدين بصورة مختلفة.

لقد اطاحت ثورة الشعب التونسي في كانون الثاني 2011، بالرئيس زين العابدين بن علي الذي كان يحكم البلاد منفردا طيلة 23 سنة وأجبرته على التنحي ومغادرة البلاد، واظهرت نتائج انتخابات شهر تشرين الأول من ذلك العام تصدر حركة النهضة الإسلامية ـ التي يصنفها البعض على الإسلام المتطرف ـ النتائج برصيد 89 مقعدا من 178 مقعدا وسرعان ما شكلت الحكومة برئاسة أمين عام حركة النهضة "حمادي الجبالي" مع الحزبين الآخرين الذين نالا اعلى الأصوات برغم انهما يصنفان في خانة العلمانية واليسار.
وفي شباط 2013 دعا الجبالي نفسه إلى تشكيل حكومة تكنوقراط بسبب اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، وقال انه قرر "تشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة لإنقاذ البلاد من خطر الفوضى والعنف"، و هدد بتقديم استقالته الى الرئيس التونسي، و في آذار 2013 كلف "علي العريض" القيادي في حركة النهضة الإسلامية بتشكيل حكومة جديدة وحرص فيها على ان يكون وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والتربية والمالية ووزارات أخرى من المستقلين حصرا.
وبرغم ذلك، وبسبب احتجاجات الشباب التونسيين و بعض عمليات العنف ـ التي لا تقارن بما لدينا طبعا ـ قدم العريض في كانون الثاني 2014 استقالة حكومته لرئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، الذي كلف الاقتصادي المستقل ووزير الصناعة في حكومة العريض "مهدي جمعة" بتشكيل حكومة تكنوقراط بالكامل، إذ أن كل أعضائها من ذوي الكفاءات بجانب أنهم مستقلون.
واللافت ان بيان حركة النهضة حول استقالة حكومة علي العريض كان في منتهى الوعي، اذ قالت في بيان لها "أن تونس قدمت درسا للعالم في التداول السلمي على السلطة و ان هذه الاستقالة عبرت عن الالتزام العميق لحركتنا بتقديم مصلحة البلاد العليا على أي مصلحة حزبية أو فئوية ضيقة وحرصها على نجاح الانتقال الديمقراطي، و يؤكد أن حركة النهضة غير متشبثة بالحكم و أنها مستعدة للتضحية من أجل مصلحة الوطن".
و شكلت الحكومة من 21 وزيرا و 7 كتاب مستشارين معتمدين لدى رئيس الحكومة .. وجميعهم مستقلون.

قد يقول قائل ان تونس ليست العراق، اذ ان لدينا تنوعا طائفا ودينيا وقوميا وبالتالي فما ينطبق عليهم لا يصح لنا، وهذا مفهوم خاطئ ، فما اكثر الدول التي تمتاز بتنوعها ومع ذلك انشأت مجتمعات سليمة، كما ان التقرير الآنف الذكر الذي اشاد بتونس امتدح أيضا بلدا متنوعا هو لبنان وعده "شبه ديموقراطي"، في حين انتقد دولا لا تمتاز بكثير من التنوع، اذ وضع مصر والسودان والجزائر وموريتانيا والمغرب في خانة "الديموقراطيات المزيفة"، أما اليمن وليبيا فقال انهما دولتان فاشلتان.

و خلاصة القول، ان الأسلوب الذي تدار به الأمور في العراق عقيم ولن ينتج شيئا إيجابيا، فالقوى السياسية المتنفذة وضعت لها نظاما انتخابيا يلبي مصالحها وليس مصالح الناس، كما ان النسبة الاعم من السياسيين والمسؤولين لم يفكروا الا بامتيازاتهم وما يجنونه من العملية السياسية، في حين انهم يدعون تمثيل مصالح ناخبيهم وطوائفهم واثنياتهم، وهذا زيف كبير، فلو كان الامر كذلك لسعوا الى رأب الصدع الذي استفحل كثيرا والقفز على المصالح الضيقة لانقاد الناس مثلما رأينا في التجربة التونسية حين استشعر سياسيوها بالخطر الداهم و افلحوا في درئه.
نحن نجد ان الأسلوب الذي يدار به الصراع السياسي في العراق، لم يزل هو ذاته منذ عشر سنوات، ويتمثل في لغة الضغينة والتشاتم ومحاولات لي الاذرع على حساب معاناة الناس التي وصلت الى مديات كبيرة من العذاب الذي لا يجدون اي امل بعده.
واذا بقيت الأمور على حالها من الجهل السياسي، وتغليب لغة الخطاب المتخلفة والتهجم المتبادل، وانعدام الشعور بالمسؤولية لدى كثير ممن وضعوا انفسهم كسياسيين؛ فاننا سنشهد أياما وسنوات اشد قتامة، وستتواصل مسيرة الهلاك العراقي في هذا الزمن الذي يبحث فيه الناس عن السكينة والاستقرار الا نحن، الذين درجنا على التعامل بلغة تقفز على الواقع وتتقاطع معه، ولن ينتج عنها الا مزيد من الموت والدمار وضياع البلد في مهاو ليس من السهولة بمكان إصلاحها وعلاجها.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمات الانهيار .. في صلب العملية السياسية
- عودة مظاهر الاستبداد
- الصدامية الخامسة الالكترونية.. تحقير مبتكر لكرامة الناس
- احتضار الدولة الدينية
- العراق .. مقبرة للأحياء .. و بلد في طريق الهلاك
- التضحية بأرواح الناس لأجل سواد عيون العملية السياسة!
- جامعة البنات .. طائفية النوع الاجتماعي
- -أكلونا- الفايروسات!*
- فتاوى مدججة بالسلاح .. أوهام احتكار الفضيلة!
- مواشي الصومال و تمر البصرة
- موقف الحكومة العراقية من اللاجئين السوريين خطأ غير محسوب الن ...
- كي لا تتكرس الكراهية نمطا لحياة العراقيين
- وتبخرت آمال الحالمين بمئة راتب!
- فتاوى إلغاء الآخرين !
- الجولة الثانية من نزال الاستيلاء على شواطئ دجلة
- ملايين الناس بلا مأوى، و قصور الخضراء تستوطنها الكلاب!
- مأزق العملية السياسية المستديم
- الضرائب على الاستيراد، نهب لما تبقى في جيوب الفقراء
- يوم تاريخي أضاعوا بريقه في لجّة الفشل السياسي
- من عجائب العراق الجديد: أعطني أمنا ً واستقرارا ً، أعطيك فقرا ...


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - العقدة العراقية والحل التونسي