أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - فتاوى إلغاء الآخرين !














المزيد.....

فتاوى إلغاء الآخرين !


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3748 - 2012 / 6 / 4 - 16:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحاول بعض رجال الدين، استغلال مشاعر الناس والتدخل في الشأن السياسي، الذي يفترض ان ينأى بنفسه عن اي تقويمات وآراء فقهية او فتاوى، لأن السياسة هي فن الممكن. و انطلاقا من الحقيقة التي اعتمدتها المجتمعات المتحضرة، واثبت صحتها الواقع الفعلي، والتي تقول، ان الدين لله والوطن للجميع، وهي شرعة انسانية منطقية، فان دولا كثيرة تخلصت من محاولة اقحام الامور الدينية في الشؤون السياسية، فحافظت على قدسية الدين من جهة، وأسست لمجتمعات مدنية تحتفي بالإنسان أيا كان دينه او طائفته او عرقه، وغيرها من المسميات.

من حق الإنسان ان يعبد ربه ويخلص له، ولا احد ينصحه بخلاف ذلك، ومن حق رجل الدين ان يمارس شعائره، بما يقربه الى الله، ولكن محاولة الباس الناس لبوسا خاصا يريده رجل الدين، فذلك لعمري ظلم كبير يؤدي الى خراب المجتمع بدلا من بنائه، مثلما يتصور مريدوه، فالمجتمعات متنوعة بتنوع ناسها واتجاهاتهم.

لقد عملت الأنظمة الشمولية والدكتاتورية على إلباس الناس "زيا موحدا"، والتدخل في اختياراتهم وقراراتهم الشخصية، عن طريق اجبارهم على التفكير بنمط القادة والمريدين الذين لا يدانيهم احد، ولا يصل الى عقولهم الزلل، فكانت نسب التصويت لقادتهم الألمعيين هي 99و 99% ، فيما حاول آخرون ان يتخلصوا من الإشكال أساسا وبتره من جذوره، وذلك بمنع المرشحين الذين لديهم قناعات معينة تخالف المرشح الحاكم او المرشحين المؤيدين له، من التقدم للتنافس في المنصب، وبذلك ضمنوا النصر لهم وتسلمهم المناصب الحكومية والإدارية، ولكن ذلك الإجراء أدى ويؤدي الى عرقلة، بل تخريب جميع مرافق الحياة في البلد المعني، و من ضمن ذلك الاقتصاد ومستويات المعيشة، ما يخلق ازمات متفاقمة ويزيد من معدلات الفقر وينشر مظاهر الفساد الاداري والمالي وهو ما لمسناه بالتجربة التاريخية في الفرق بين الدول التي بنت حياتها على أسس مدنية قويمة، وتلك التي حاولت وتحاول إرساء مبدأ الفكر الواحد والشخص الواحد ، وتحاول إملاء قناعاتها على الناس بما يضمن مصالح افراد او مجموعات بعينها على حساب مصالح العامة الذين يظلون في معاناة دائمة.
ولقد لاحظ العراقيون، انه مع كل مرحلة حساسة تمر بها العملية السياسية في البلد ، ومع اقتراب كل استحقاق انتخابي، يظهر من يزعم ان رجال دين افتوا بحرمة التصويت للشخص او الفكر الفلاني، ويوجهون الناخبين باتجاه التصويت لفلان او لتلك المجموعة تحديدا، ورأينا كيف اثيرت في الانتخابات لأول برلمان عراقي بعد اسقاط النظام المباد، اخبار عن ان مرجعية دينية افتت بحرمة الازواج على زوجاتهم اذا لم يصوتوا لقائمة بعينها او مرشحين بعينهم، وأثيرت تلك القضية في عموم المجتمع برغم ان المرجعية نفت ذلك في حينه، وقالت انها لم تفت بشيء وانها ليست طرفا في الصراعات السياسية، ولا تتدخل في اختيارات الناس، وانها تضع نفسها على بعد متساو من جميع الكيانات، غير ان من اثاروا الامر اقتنعوا من انهم حققوا هدفهم من خلال اثارة تلك المسألة لدى الرأي العام العراقي.

لقد برز في هذه الأيام ومع اشتداد الازمة السياسية المتعلقة بمحاولات سحب الثقة من الحكومة الحالية، ومساعي العراقيين لاحتواء الازمة، والانطلاق في بناء حياتهم، رجال دين يحاولون اقحام نفسهم بقوة في المشهد السياسي العراقي، والدخول الى حلبة الصراع كطرف في النزاع ، وبعض هؤلاء يقيمون خارج العراق، اذ يقولون انهم يفتون بحرمة التصويت الى اتجاهات فكرية وسياسية معينة، وبالتحديد "القوى العلمانية"، كما جاء في احدى الفتاوى التي صدرت قبل ايام.

ان خيارات الناس في النظام الديمقراطي، ترتبط بقوة بقناعاتهم الشخصية، ومدى نجاح الأحزاب والقوى المتنافسة في الممارسات الانتخابية بإقناعهم ببرامج عملية تتعلق بصميم حياتهم المعيشية والروحية، وان محاولة اقحام انماط معينة من القناعات والتأثير في الرأي العام باتجاه التصويت لأشخاص معينيين وعدم التصويت لآخرين، يمثل تحريضا ضارا بالمجتمع.

وباعتقادي، ان هذا يعد امرا خطيرا، اذ نرى ان ما ينسجم مع الوضع العراقي الذي يتميز بتنوعه الكبير، هو العكس تماما، اذ نعتقد، ان الضامن لاستقرار العراق وتحقق التآخي بين ابنائه، وسيادة السلم الأهلي وترسخه، وتجنيب البلد الصراعات والمآسي، هو الفكر الوسطي العابر للأديان والطوائف والقوميات وهو الذي سيحقق التوازن في المجتمع ويقيم دولة عراقية غير قومية وغير دينية ترضي الجميع، اذ ان تحكم دين او طائفة في اوضاع العراق لن يكون في صالحه كبلد وكمجتمع، لأن في الدين اجتهادات وآراء كثيرة، وهي تصلح لمتطلبات الديانة باصولها وفروعها وما يتعلق بالعبادات والمعاملات وغيرها من الشؤون الدينية، ولكنها لن تصلح للتطبيق السياسي الذي يتعلق بالتنافس على حيازة السلطة وتنفيذ البرامج الانتخابية السياسية والاقتصادية التي تشمل بتأثيراتها جميع الناس وليس دينا او فئة او قومية بعينها.

لذا فان إقامة مجتمع مدني يحتفي بالإنسان، كونه بشرا بغض النظر عن الأديان والأعراق، يمارس فيه جميع الناس حرياتهم وعباداتهم بما لا يضر الآخرين، وتنظيم ذلك بقوانين مدنية، سيكون هو المنسجم مع الوضع العراقي، ومن اجل ذلك من الضروري ان يُترك الناس يمارسون حريتهم في الاختيار على وفق قناعاتهم بالبرامج الانتخابية للكيانات السياسية او الأفراد وهؤلاء هم الذين سيتبارون للتنافس على كسب عقول الناس وقلوبها كما يقال، اما محاولة ربط القناعات والتصويت بأمور دينية وبفتاوى، فانه يؤسس لمبدأ عدم التساوي بين البشر، وينأى عن مبادئ العدالة التي يفترض برجل الدين ان يؤسس لها.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجولة الثانية من نزال الاستيلاء على شواطئ دجلة
- ملايين الناس بلا مأوى، و قصور الخضراء تستوطنها الكلاب!
- مأزق العملية السياسية المستديم
- الضرائب على الاستيراد، نهب لما تبقى في جيوب الفقراء
- يوم تاريخي أضاعوا بريقه في لجّة الفشل السياسي
- من عجائب العراق الجديد: أعطني أمنا ً واستقرارا ً، أعطيك فقرا ...
- هل تجري مطاردة الفساد فعلا؟
- ما الذي (يقبضه) العراقيون من القمة العربية؟
- شعب اعزل ونواب -مصفحون-
- الصراع النفطي الكهربائي ينبئ صيفا ً مميتا ً
- جهود الحكومة (لعدم) إصلاح الكهرباء!
- سياسة المتاجرة بالطوائف
- الاغتيال الجماعي للعراقيين
- مسؤولون يسعون للاستيلاء على قصور صدام وتسجيلها بأسمائهم
- ضم مناطق جديدة الى بغداد تكريس للتخلف واعتراف بالفشل
- الأراضي والرواتب للوهميين، و الحسرة للآخرين
- هل يسترد فقراء العراق أموالهم المسروقة؟!
- الزحف الحكومي لاحتلال بغداد
- حقيقة أسعار شقق بسماية!
- رفقاً بالطلبة!


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - فتاوى إلغاء الآخرين !