أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - سياسة المتاجرة بالطوائف















المزيد.....

سياسة المتاجرة بالطوائف


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3595 - 2012 / 1 / 2 - 15:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من نافلة القول ان كل شعب في العالم، يتكون من منتسبي اديان وطوائف وقوميات، وذلك امر اعتيادي، كون الانسان ابن بيئته وهو متنوع بتنوع الامكنة والمجتمعات، وتلك مسألة شخصية تتعلق بالانسان الفرد وحده، حتى تلك البلدان التي تشجع الهجرة اليها، ومنها الولايات المتحدة الامريكية و دول اوروبية، فانها لا تجبر المهاجرين على ترك اديانهم او طوائفهم، ، ولكن تلك الدول أنشأت حكومات غير دينية وغير طائفية وغير قومية (الا اذا كانت القومية بمعنى المواطنة)، وبالنتيجة فان تلك البلدان تخلصت مما يجلبه الشد الاثني من كوارث، عاشتها هي، واكتوت بنارها، وفقدت الالوف المؤلفة من ابنائها، قبل ان تُنشأ دساتير ديمقراطية تعبر فوق القوميات والاديان والطوائف، فتحقق السلم فيها، بعد ان اقترن ذلك بتطوير الاقتصاد والوصول الى ارقى مستويات توفير الخدمات وتوفير ضمانات البطالة، والسعي المخلص للقضاء على الفقر وتوزيع الثروات بأقصى درجات العدالة المتوفرة وعدم التهاون والرحمة بحق الفساد والمفسدين، ما ادى الى الاحتفاء بالانسان كفرد وحفظ كرامته وانسانيته.
هذا ما حصل في دول كثيرة، و كان علينا ان نأخذ العبرة والدرس جيدا، وان نتجاوز مآسيَ وكوارث مرت بها مجتمعات اخرى.
لن نتحدث في موضوعنا هذا عن القوميات والطوائف في العراق، فهي معروفة وتناولتها الابحاث التاريخية والمؤرخون، غير اننا سنتطرق الى النتائج المترتبة على الاستعمال السيئ للمكون الطائفي، ومحاولة إثارته لدى الافراد، تنفيذا لمخططات السياسيين الساعين الى حصد الأصوات الانتخابية والبقاء في الكراسي، برغم الفشل في تحقيق الوعود الانتخابية ـ اذا وجدت ـ، ما ادى الى تكوين (مافيات) من ناهبي المال العام بحجة الطائفة، فيعمدون لتحقيق ذلك الى ربط أي قضية تثار في البلد بموضوع طائفي، والهدف قطعا ليس الدفاع عن طوائفهم، مثلما يزعمون، فأبناء طوائفهم برغم وصول هؤلاء الى السلطة و سيطرتهم على (خزائن) البلد، لم يجبوا شيئا من وعود محرضيهم الطائفيين، فظل الفقر مستشريا، وفي كل يوم ترتفع نسبة العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر من شتى الطوائف والاديان، اذ تجد ذلك يحدث في البصرة والناصرية والسماوة مثلما يحصل في الانبار وديالى والموصل، لقد نشأت طبقة من السياسيين تستأثر بالمناصب وكل شيء في حين يبقى العامة من الناس في عوز دائم، فلا مساكن لهم ولا رواتب، والاكثر ايلاما من ذلك، ان المسؤولين الذين فازوا في الانتخابات وكثير منهم نالوا مقاعدهم بالتحريض الطائفي، يعينون اشخاصا عديمي الخبرة والكفاءة في مناصب حساسة، ولا سيما ما يتعلق منها بالمال مثل المصارف وغيرها، اذ يعطونهم المناصب الحساسة التي تتعلق بحياة الناس، لمجرد انتمائهم الطائفي فيحصد افراد معدودون الرواتب والامتيازات ويستولون على الاموال في حين يظل ابناء طوائفهم والطوائف الاخرى في معاناة دائمة.
لقد تعمق هذا الامر بكل سلبياته ونتائجه الكارثية بسبب الاداء السيء للمؤسسات السياسية القائمة، و عجز القوانين عن السير باوضاع البلد الى وجهتها الصحيحة، فلم نتعلم من الاخفاق الذي رافق حكومة التوافق والمحاصصة، فسعينا الى تشكيل حكومة شراكة اسوأ من أخواتها، وبنتيجة ذلك أصبح الكل الذين يدعون انهم يمثلون اديانا ً وطوائف وقوميات شركاء في الحكومة، وانعدمت المعارضة التي لا يمكن من دونها ادارة البلد وتلبية مطالب الناس، وكثيرا ما يعترض البعض على حصصهم ليس على اساس الكفاءة في نيل المنصب، وتنفيذ البرامج الانتخابية، بل لأن (مُكَوِنَهم) لم ينل حظه في التشكيلات، وجرى بظل هذا الوضع المزري؛ التستر على الفساد والمفسدين، الذين نهبوا اموال الناس والاملاك، وظل كثير منهم في مناصبهم يواصلون سرقاتهم واداءهم الفاشل نتيجة دفاع مسؤوليهم عنهم لأنهم تابعون لاحزابهم التي تمثل طوائفهم.
لقد تواصلت بظل هذا الوضع الشاذ ادامة الارهاب والتفجيرات وعمليات الاغتيال اذ لم تخلُ المؤسسة الامنية من المحاصصة الطائفية ـ وكذلك السياسية ـ والشحن الطائفي، و غدا المواطنون لا يميزون بين الارهابيين ورجال الامن، ففي كثير من المرات استعمل المسلحون سيارات الحكومة ولباس القوى الامنية لتنفيذ عملياتهم المسلحة، التي شملت حتى السطو على بيوت الناس ومحلات الصاغة وسرقتها في وضح النهار، اما التفجيرات فلم تعد تخلو منها حتى اكثر المناطق امنا وحراسة وبضمنها المنطقة الخضراء، ومع كل موجة جديدة من التفجيرات بات المواطن يعد الايام بانتظار وجبة لاحقة ستأكل المزيد والمزيد من ابنائه .
لقد ادى (التشرذم) الطائفي مع غياب قوانين عصرية للأحزاب والانتخابات، وفي ظل دستور كتب على عجل ليخدم النزوع الطائفي والقومي، الى تأجيل مسرات الناس وجعلهم يرزحون في دوامة احزان لا نهاية لها، وكأن العراق بلا مستقبل او كأنه (مكتوب عليه!) ان يظل كذلك الى أبد الآبدين، فأصبح منع التجوال الليلي دائما وغدا مركز بغداد معزولا عن بقية مناطقها، وليس بمقدور المواطن الاعتيادي الذهاب الى مركز المدينة، اذ تنعدم المواصلات مع اولى بوادر الليل في احسن الاحوال وتقفر شوارع كثيرة منها "السعدون" و "الرشيد" و "ابو نواس" فلا يصل اليها احد من مواطني بغداد، الا المنتسبون للطبقة السياسية ذاتهم الذين طفقوا يتجمعون في اماكن خاصة يتمتعون فيها، فالشوارع الفارغة اصبحت كلها لهم!
وفي ظل هذا (التحاصص) الطائفي والسياسي انعدم التصنيع، واصبح العراق يستورد كل شيء ابتداءً بـ (الموطا) والمثلجات واللبن وليس انتهاء بـ (النعالات) البلاستيكية، وراكمت دول مجاورة اموالها بفعل سوق العراق المستهلك المربح، واستُغلت الشعائر الدينية وايام الزيارات والمشي الى المراقد من قبل السياسيين اسوأ استغلال، عن طريق محاولة البعض الايحاء بان تلك من صلب الامور الدينية والدنيوية اذ لا ضرورة بعد ذلك لتصنيع البلد وانشاء المصانع وتشغيل الشباب وامتصاص البطالة.. ليس من داع لكل بحسب رأي بعض السياسيين المتنفذين ما دامت دول الجوار تصدر لنا منتجاتها البائسة التي تربح منها ملايين بل مليارات الدولارات.
ذلك وغيره، هو ما جناه المواطن العراقي من محاولة البعض زج الدين ـ وبضمنه الطائفية ـ ، بالسياسة، و كان على السياسيين منذ البداية ان يدركوا ان الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة هي الاصلح لانشاء مجتمع سليم، اذ ان تلك الدولة تخدم حتى الناس الذين يريدون مواصلة اقامة شعائرهم، وستجلهم وتحترمهم مثلما تحترم الجميع، اذ ان الدين هو علاقة الانسان بـ (ربِّهِ)، وكثيرا ما كنا نرى اناسا متدينين مخلصين لدينهم ويتمتعمون بالطيبة والانسانية، وهو ما نفتقر اليه الآن، اذ اختلط الحابل بالنابل و رأى الناس كيف يتنافس المتدينون على نيل المكاسب الدنيوية حتى بطرق غير مشروعة وحتى اذا كانت تؤدي الى ادامة مآسي الناس وهلاكهم.
لقد أدركت أحزاب دينية في دول اخرى ضرورة ابقاء الدين بعيدا عن الممارسة السياسية، ولاسيما في ما يسمى بـ (دول الربيع العربي)، وباتت لا تخشى من التصريح بسعيها للابقاء على علمانية الدولة، لأنهم رأوا في ذلك ضمانا لتمتع المواطنين بحريتهم الحقيقة والحفاظ على استقار بلدانهم وبناء (مواطَنة) حقيقية. الا نحن في العراق، فما ان يتطلع المواطن الى حياة رغيدة بعد عقود من العذاب والخراب حتى يحاول السياسيون الضرب على الوتر الطائفي وهدفهم في ذلك غير مخفي، ويتمثل في سعيهم لضمان مصالحهم الشخصية غير مبالين بالمخاطر التي يتعرض لها الناس من جراء هذا التصعيد، ويبدو ان انسحاب القوات الامريكية لم ينفع في لجم السياسيين وتوجيههم الى البوصلة الصحيحة وتوحيد اهدافهم التي يجب ان تنصب على خدمة الناس وتوفير الحياة اللائقة لهم، برغم ان كثيرا منهم كان يدعي ان وجود الامريكيين هو الذي يعوقهم عن تنفيذ خططهم ومشاريعهم.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاغتيال الجماعي للعراقيين
- مسؤولون يسعون للاستيلاء على قصور صدام وتسجيلها بأسمائهم
- ضم مناطق جديدة الى بغداد تكريس للتخلف واعتراف بالفشل
- الأراضي والرواتب للوهميين، و الحسرة للآخرين
- هل يسترد فقراء العراق أموالهم المسروقة؟!
- الزحف الحكومي لاحتلال بغداد
- حقيقة أسعار شقق بسماية!
- رفقاً بالطلبة!
- مهنة متاعب .. أم مهنة سرقات؟!
- الكهرباء لعبة سياسية متقنة
- هل تحققت الديمقراطية في العراق؟
- نهاية عقيد
- مُتنفس النواب للفرار بالغنيمة
- تنمية الشعور بالمواطنة
- ثلاث صفقات تجارية فاسدة في عشرة ايام!
- آلية غير منصفة لتنفيذ القرارات
- سلف المالية وعود من دون إجراءات
- الكهرباء في قبضة الاحتيال
- (الفاو) و (مبارك) في خضم سباق المصالح
- لنغتنم فرص الارتقاء بالبلد


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - سياسة المتاجرة بالطوائف