أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الإخوان ظاهرة صوتية














المزيد.....

الإخوان ظاهرة صوتية


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 22:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


توّعدونا بالذبح، فهلعتْ قلوبُنا، وارتجفت مفاصلُنا، وطُفنا في الطرقات نكلّم أنفسَنا، وهِمنا على وجوهِنا نهذي هذيانَ المرتعد. أنذرونا بأن رؤوسَنا سوف تُعلَّق على "باب زويلة"، كما عُلقّت رؤوس رُسُل هولاكو التتريّ، وأن رأسي أنا بالذات سوف تظلُّ تتأرجحُ في المكان والزمان حتى تخترق حاجزَ التاريخ فتصطكُّ برأس "طومان باي" ومصر تدخل من جديد في جلباب الخلافة العثمانية الإخوانية التركية الجهادية الداعشية. قالوا سوف تخترق سنونُ السيوف المواضي شرايينَنا وتمزّق أضلعَنا حتى يحارُ الطيرُ الناهشُ من أين يبدأ في التهام أشلائنا، أمِنْ هذا الشِّلو أم ذاك؟ قالوا سوف تتكسّر النصالُ على النصالِ في نحورنا ونحر مصرَ الشريف، حتى لنرجو أن لم تنجبنا أمهاتُنا في يوم نحسٍ أغبرَ أنكدَ، فحِرنا أين تُرانا نفرُّ وأين نُخفي أجسادَنا وجسدَ مصر الطيب من الويل القادم.
قالوا إن موعدنا يوم 28 نوڤ-;---;--مبر، حيث تنكسر إرادةُ الشعب المصري العريض، ويعود الجاسوسُ مجددًا إلى عرش مصر الذي سرقه عامًا كابيًا أسودَ. قالوا "مكملين" حتى يعود مرسي للحكم، إن كان قد حكم! ولما سألناهم ببراءة: “مكملين ماذا أيها الطيبون؟" قالوا: “مكملين ويلا وتفجيرًا ودمارًا وتقتيلا في الأبرياء!” قلنا: “حنانيكم! فإن الخوفَ يقتلنا، والرعبَ يفسّخ أوصالَنا، ولا قِبَل لنا بكم، فنحن محضُ مساكين!” فلم تأخذهم بنا رحمةٌ ولا شفقة، وازدادوا غِيًّا وعيدًا. فما كان منّا إلا أن جهّزنا أضرحتنا؛ التي نعرف أنهم لن يعبأوا بدفننا فيها لأن الجوارحَ المسنونةَ أسنانُها أولى بلحومنا الهرطيقة، وإكرام "الكفّار" أمثالنا ليس الدفنَ بل نهشُ النسور. وكتبنا وصايانا؛ ونحن متيقنون أنهم لن ينفّذوها؛ لأننا لا أهلية لنا لنوصي كما يوصي المحتضرُ آلَه وصحبَه قبل الصعود للرفيق الأعلى. فمثلنا، نحن من نعارض الإخوان وأضرابهم، لن نصعد إلى السماء ونأنس بحضرة الله، بل سنهوي إلى أسافل الجحيم لتأكلنا الشياطينُ الكؤود، ونكون وقودًا لجهنم. هكذا أخبرونا فندمنا على ثورتنا وقلنا يا ليتنا مِتنا قبل 30 يونيو 2013، وكنّا نسيًا منسيًّا.
قالوا سوف يرفعون المصاحفَ على أسنّة الرماح، كما رفعها معزولُ الشام "معاوية بن أبي سفيان" في وجه الجميل "علي بن أبي طالب" ربيبِ الرسول، بعد اليوم التاسع من معركة "صفّين" عام 37 هجرية، فقلنا لهم ما قاله الإمام "علي": “ويحَكم نحن أولُ من دعونا لكتاب الله"، وأنتم مَن خرجتم عليه وخنتم أمانته وشوهتم اسمَ الله الأعلى!
على مدار العام الماضي لم تكفّ اللجانُ الإخوانية الإلكترونية وميليشيات تويتر وفيس بوك ودواعش الدنيا الصغار عن إرسال التهديدات المقيتة إلى صفحتي وإيميلي وهواتفي: “سوف ننكّل بك أيتها المرأة الشريرة لأنكِ أحد من هدموا شرعية مرسي.” (كانوا يكتبونها هكذا: شرعية الرئيس د. مرسي، لكن قلمي يأبى كتابة ما يكتبون). وحدث أن فزتُ بجائزة أدبية رفيعة تمنحها رابطة إحياء التراث العربي في سيدني الأسترالية، هي جائزة "جبران العالمية"، وكان عليّ السفرُ لاستلام الجائزة يوم 22 نوڤ-;---;--مبر الماضي. فأشاعت اللجان في طول جنبات تويتر وفيس بوك وعرضهما أنني هلعتُ وهربت إلى أستراليا خوفًا من القتل. وضحكتُ وضحك قرائي كثيرًا لكن الشائعة لم تتوقف رغم أن مُطلقها كائنٌ إخوانيٌّ رخو مختبئٌ في حضن العزيزة "قطر" التي هرب إليها أزلام الإخوان بعد ثورتنا الشريفة. سافرتُ وحملتُ إكليلَ جبران ووقعت يوم 26 نوڤ-;---;--مبر كتابي الجديد "الملائكةُ تهبط في سيدني" في حفل مهيب حاشد، وامتلأتُ بهجةً وفرحًا وحبًّا. ولكن يوم 28 يقترب، والويل قادمٌ على مصر! فماذا عساي أفعل؟ أبقى في سيدني برهةً من الوقت لأنجو بعنقي من هول اليوم المشهود؟ أم أعود لحتفي الذي ينتظرني على أبواب المطار كما أنذروني؟
ولم يكن سؤالا! لأن السؤالَ يحتمل الإجابات. وما سبق لا يحتمل بدائل. عدتُ عصر يوم 28 نوڤ-;---;--مبر بعد رحلة يوم ونصف وطيران 26 ساعة، وحرصتُ على ارتداء قميص أسود وجاكيت أسود لكي لا تبين على ملابسي الدماءُ التي ستطفر من عنقي لحظة الذبح؛ فأفوّت على كاميراتهم فرحة رؤيتي مضرجةً في دمائي. فماذا وجدتُ في مطار القاهرة؟ لا وجدتُ سيوفًا، ولا مصاحفَ مشهراتٍ أمام وجوه الكفار أمثالي، ولا وجدتُ مظاهراتٍ ولا ثوراتٍ ولا كانت هناك "انتفاضة الشباب المسلم" التي زعموا، فليسوا هم المسلمين، بل المسلمون هم جميع المصريين الشرفاء المسالمين، مسلمين ومسيحيين، لأن الناسَ قد سلموا من ألسننا وأيادينا، كما ينصُّ التعريف النبوي، عكس الإخوان والجهاديين والدواعش الإرهابيين، الذين ما سلِم أحدٌ من لسانهم ولا يدهم.
كانت القاهرة هادئة، على عكس صخبها. والشوارعُ شاغرة، عكس زحامها. ووصلتُ بيتي من المطار في خمس دقائق. والتقط لي أحد قرائي صورة بالمطار جوار حقائبي فنشرتها على صفحتي لأقول لهم: “ها أنا ذا في وطني مصر الذي لا أعرف لي وطنًا غيره، أعود يومَ وعيدكم، فأهلا بسيوفكم.”
غير أني، لو كنتُ أعرفُ أن أولئك المتوعدين ليسوا إلا ظاهرةً صوتيةً ببغائية، وقرعَ طبول جوفاء، ومحض Big Mouth كما يقول البريطانيون، لمكثتُ في سيدني برهةً أخرى، لأني لي هناك قلبًا تركته بعدما خبأته في صندوقِ أبنوسٍ مصقول في جوف جبال "الشقيقات الثلاث"، ولم أجلبه معي إلى هنا، خوفًا عليه من الذبح.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأننا نتعلّم (4) رفاهية الرسوب
- فايزة أبو النجا
- الأوركسترا المصري
- -ماهي- الجميلة والذكور الثلاثة
- صباح الخير يا صبوحة
- الذي رفض أن يكون إنسانًا
- الركضُ تحت المطر
- كأننا نتعلّم! (2) احتراق التلاميذ!
- -مؤشر السعادة- المصري
- كلمة الشاعر اللبناني شربل بعيني لتقديم الشاعرة فاطمة ناعوت ق ...
- يومٌ لجبران وفيروز
- كأننا نتعلّم! (3) الحاج -عبدة-
- لا تخاطر باسم الله
- احذروا حزب النور
- حربنا مع صهيون
- البُوق وال(بُقّ)
- قناة (مكملين) ايه بالظبط؟!
- نعلن الحبَّ عليكم
- العنصريّ في سلة القمامة
- رانيا وصاحبتها


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الإخوان ظاهرة صوتية