أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - صباح الخير يا صبوحة














المزيد.....

صباح الخير يا صبوحة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


طارت إذن الشحرورة ذاتُ الصوت النُحاسيّ الآسر الذي كان يعلو فوق جواب أوكتاڤ-;- السُّلّم الموسيقي، فيرفعُ العازفون الأقواسَ عن أوتارها ويُنزلون أياديهم عن آلاتهم ويصمتون، حين لا تقدرُ قيثاراتُهم أن تُجاري ذاك الصوتَ الجموح الذي يُفجّر حدود الرحب الموسيقي. طارت التي كان أبي يُدير صوتَها على جهاز الجروندج العتيق ذي الأسطوانتين، لتصدح في بيتنا القديم: "يا عيني ع البساطة، قديش مستحلية أعيش جنبك يا بو الدارويش، غديني جبنة وزيتون وتعشيني بطاطا، ما بدي قصور ولا جاه، بس بدي عاشق أهواه" ليرسل لعروسه الجميلة، أمي، رسائلَ شَدْوية، غير مباشرة، ليواجه إصرارَها على تعليم طفليها في مدارس راقية مثل عائلتها، بينما يجنح أبي المتصوف إلى بساطة الأمور شأنَ الصوفة، فكأنما يناجيها بـصوت الشحرورة علّ العنيدةَ تُحجِّم من طموحات تنوء عنها ميزانيةُ أسرةٍ تخطو خُطاها الأولى في الحياة. كانت أمي تدلّل طفولتي بـ"أمورتي الحلوة"، وبعدما كبرتُ كانت تبادرني بقولها: “وأقول خلاص دي كبرت وهتبقى مهندسة". طارت التي غازلت صباي بقولها: “ع الضيعة يامّا ع الضيعة، وديني وبلا ها البيعة، جينا نبيع كبوش التوت، ضيّعنا القلب في بيروت، يا شماتة شباب الضيعة...” فينطلق خيالُ طفولتي مع صبايا لبنان وهنّ يجمعن عناقيد التوت، لأبحث لنفسي عن "مرقد عنزة" ببيروت أنتظرُ فيه معهن الشابَّ الوسيمَ الذي سيخطف قلبي مع الخاطفين قلوبَ البنات.
فهل ارتاح الآن ثقلاءُ الظلّ الذين كانوا يتعجّلون موتَها، كأنما يحيونها من أعمارهم ويطعمونها من طعامهم؟! أتعجبُ لماذا تراقب العقولُ العربيةُ لمريضةُ "المرأةَ" وتنشغلُ بتفاصيل يومها وجسدها وملابسها وحياتها وتُحصي عليها سنوات عمرها، فتقلق إن زادت عمّا خططوا لها، كأنما هم الله(!)، بينما يُفجعون إن رحل رجلٌ في أرذل العمر، كما فُجعنا في موت نجيب محفوظ مثلا، ولم يتعجل أحدٌ موته وقد شارف المائة! لماذا على المرأة أن تطير مبكرًا وإلا نعتها المتخلفون بنعوت قميئة، وينسون كم منحتهم تلك الجميلةُ من بهجات وزيّنت لحظات فرحهم بصوتها المثقف؟ نكاتٌ ركيكة وشائعات سمجة بموتها ظلّت تتطاير على مسامع الجميلة ومسامعنا على مدى عقود طوال، كأنما العمر جريمةٌ، ليعلم اللهُ وحده عمقَ الشروخ التي كانت تتركها في روحها، فأكاد أسمعها تهمس: لماذا تحملون لي السخفَ وقد نثرتُ في حياتكم صوتي نُثارَ شدو فردوسي عذب؟! يا لكم من جاحدين!” هل جزاء من يمنحنا البهجة أن نسخر منه؟
لستُ أدري إن كانت الشحرورة، سوف تقرأ هذا المقال في فردوسها أم لا، وإن كنت أرجو ألا تقرأه؛ لأنه ليس موجهًا لها، إنما موجه لكل بليد روح أساء إليها، سواء عن جهل، أو من باب الاستظراف. أما أنتِ فأقول لكِ: صباح الخير يا صبوحة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذي رفض أن يكون إنسانًا
- الركضُ تحت المطر
- كأننا نتعلّم! (2) احتراق التلاميذ!
- -مؤشر السعادة- المصري
- كلمة الشاعر اللبناني شربل بعيني لتقديم الشاعرة فاطمة ناعوت ق ...
- يومٌ لجبران وفيروز
- كأننا نتعلّم! (3) الحاج -عبدة-
- لا تخاطر باسم الله
- احذروا حزب النور
- حربنا مع صهيون
- البُوق وال(بُقّ)
- قناة (مكملين) ايه بالظبط؟!
- نعلن الحبَّ عليكم
- العنصريّ في سلة القمامة
- رانيا وصاحبتها
- فتاوى تكسيح الأطفال
- كأننا نتعلّم (1)
- فاطمة ناعوت -كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية - في حوار مفت ...
- أنا ابن مصر العظيم
- استلهموا هجرة الرسول


المزيد.....




- مغني الـ-راب- الذي صار عمدة نيويورك.. كيف صنعت الموسيقى نجاح ...
- أسرة أم كلثوم تتحرك قانونيا بعد إعلان فرقة إسرائيلية إحياء ت ...
- تحسين مستوى اللغة السويدية في رعاية كبار السن
- رش النقود على الفنانين في الأعراس.. عادة موريتانية تحظر بموج ...
- كيف نتحدث عن ليلة 13 نوفمبر 2015 في السينما الفرنسية؟
- ميريل ستريب تلتقي مجددًا بآن هاثاواي.. إطلاق الإعلان التشويق ...
- رويترز: أغلب المستمعين لا يميزون الموسيقى المولدة بالذكاء ال ...
- طلاق كريم محمود عبدالعزيز يشغل الوسط الفني.. وفنانون يتدخلون ...
- المتحف الوطني بدمشق يواصل نشاطه عقب فقدان قطع أثرية.. والسلط ...
- وزارة الثقافة السورية تصدر تعميما بمواصفات 6 تماثيل مسروقة م ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - صباح الخير يا صبوحة