أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - يومٌ لجبران وفيروز














المزيد.....

يومٌ لجبران وفيروز


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4642 - 2014 / 11 / 24 - 00:36
المحور: الادب والفن
    


أمس، 22 نوڤ-;-مبر، عيد ميلاد عصفورة العذوبة الغرّيدة فيروز. لأول مرة منذ سنوات طوال، لا أكتب مقالي السنوي المعتاد الذي أهديه لها في عيد ميلادها كل عام. وأمس، كان أيضًا موعد تتويجي بجائزة جبران العالمية التي أطلقتها رابطة إحياء التراث العربي في سيدني الأسترالية منذ 1981. وكانت كلمتي التي ألقيتُها في هذه المناسبة، حيث بدت لي أكثر من مجرد مصادفة أن يتواكب ميلادُ فيروز مع ميلادي كجبرانية جديدة من أرض الفراعنة، تنضمُّ إلى الشجرة الوارفة من أبناء جبران وبناته. تلك الشجرة التي تبسط ظلالها على كامل كوكب الأرض فتعبرُ الجغرافيا، مثلما تخترق أغصانُها الأزمنةَ والحقب المتعاقبة، فتعبرُ التاريخ.
اكتفيتُ إذن بأن كلمتي بالأمس احتوت فيروز، فكانت بمثابة المقال السنوي، هديتي لها. ونمتُ قريرة العين وأنا أحمل تاج جبران فوق رأسي، وحبَّ فيروز في قلبي. لكن، عند الفجر، شعرت بشيء من عدم الراحة، وكأنما هي إشارة غير جميلة أن أدع عامًا يمرُّ دون مقالي المعتاد. فقررتُ أن أصلح خطأي.
يكاد اللبنانيون من أصدقائي يندهشون من ولعي بفيروز حدَّ أن أعتبرها فوق النقد، أنا التي تزعم الليبرالية واحترام الرأي الآخر وكل ما نصدّع به الناس من شعارات، ربما تتكسر عند أول اصطدام برأي يجرح قناعاتنا بشدة، فنكتشف أننا نشبه كثيرًا من نعارضهم ونأخذ عليهم أحادية تفكيرهم وعدم قبولهم الرأي الآخر! لماذاأعتبر فيروز فوق النقد كأحد أيقونات الجمال غير المعيارية التي من الصعب أن تخضع لتفنيدات النقد الفني لدراسة أسباب الاكتمال أو النقصان؟ وتصل بي الفاشية حدَّا غير مقبول إذ أعتبر أن عدم تذوّق فيروز خطيئة جمالية ووجودية وفلسفية، بل وسوء أدب. أتذكر شاعرًا سوريًّا جاهر أمامي بعدم إعجابه بأغاني فيروز، ولما قرأ علامات الدهشة والاستنكار في ملامحي التي تتأهبُ لمعركة وانقضاض، بادرني بتفسير، يحمل من الطرافة قد ما يحمل من فلسفة. قال: فيروز أكثرُ جمالا مما يحتمل المرء! يا إلهي! حتى ولو كانت سفسطةً وهروبًا ديبلوماسيًّا من مأزق جماليّ، فإن كلامه يحمل حقيقة ما. فثمة درجات من الجمال تصيب المرء بالاختناق. أسميها "اسفكسيا الجمال"، وهذا مصطلح من تأليفي، لاحترام الملكية الفكرية. حدّثنا ماركس أن أقصى اليسار السياسيّ هو أقصى اليمين السياسيّ. فالتطرّف التام في معارضة النظام ينطوي، بشكل أو بآخر، على خضوع تام تحت لوائه. وبالقياس، فإن الدرجات العليا من الجمال قد تتأبى على الاحتواء ضمن الذائقة البشرية المطمئنة. المثال الأشهر هو النار. ليس أجمل من شكل اللهب في تراقصه وتبدّل ألوانه وفيوضه بين الأحمر والبرتقالي والأرجواني والأزرق. لذلك ابتكر الإنسان الشمعة التي تغذي فيه منازع الجمال والرومانتيكية. النار في بهائها اللانهائي هذه لا نستطيع لمسها. ليس فقط لأنها حارقة، بل لأن جمالها عصيٌّ على التحمّل. كيف بوسعنا أن نستوعب أن هذه الشمعة تتوسط حبيبين يتناجيان في مكان ما، هي ذاتها تجعل طفلا في مكان آخر يصرخ وجعًا بعدما التهمت جسده!
ونتذكّر "چون شتاينبك"، في رواية "اللؤلؤة" عن الصياد "كينو" أفقر صيادي الهنود الحمر، وزوجته "چوانا" وابنهما الرضيع "كويوتيتو" الذين يعيشون في كوخ من أعشاب الشجر يصطادون اللؤلؤ من خليج المكسيك، فيشتريه التجار الشطّار بالبخس بسبب جهل الصيادين وفقرهم الذي لا يشبهه فقرٌ آخر. وذات منحة سماوية، أو جحيمية، ينجح كينو في اصطياد "لؤلؤة العالم"، أكبر لؤلؤة صنعها بحر. لكنها، من فرط جمالها، كانت نقمة عليه وعلى أسرته، تسببت في حصده كراهية الجيران وحرق بيته وقاربه وموت طفله، فما كان إلا أن ألقاها من جديد في الماء!
فهل تنتمي فيروز لهذا النمط من الجمال الذي قد لا يحتمله البعض، مثل الكائن الذي لا تُحتمَل خفّته؟ ربما! المهم لدي هو أن عامًا لا يمرُّ دون أن أقول لجارة القمر: عيشي ألف عام وكوني بخير، وسامحيني أن تأخر المقالُ عن موعده يومًا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأننا نتعلّم! (3) الحاج -عبدة-
- لا تخاطر باسم الله
- احذروا حزب النور
- حربنا مع صهيون
- البُوق وال(بُقّ)
- قناة (مكملين) ايه بالظبط؟!
- نعلن الحبَّ عليكم
- العنصريّ في سلة القمامة
- رانيا وصاحبتها
- فتاوى تكسيح الأطفال
- كأننا نتعلّم (1)
- فاطمة ناعوت -كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية - في حوار مفت ...
- أنا ابن مصر العظيم
- استلهموا هجرة الرسول
- أنا أعلق إذن أنا موجود
- ماذا نفعل بالإخوان؟
- أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!
- عيد ميلاد دولة الفرح
- قرد فاطمة ناعوت
- لا تقربوا الصلاة!


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - يومٌ لجبران وفيروز