أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!














المزيد.....

أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4615 - 2014 / 10 / 26 - 21:03
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


من أكثر العبارات "وجعًا" في السينما المصرية، عبارةٌ قالتها زوجةٌ تعسة لزوجها، في لحظة صراع بين شعورها بأنوثتها، وبين واقع مرّ تحياه في بيتها البسيط. في فيلم "أحلى الأوقات"، "يسرية"، زوجة شابة، وزوجها "إبراهيم"، المطحون بتربية الأطفال وتوفير الضرورات الأولى لبيته. سألها باستنكار، بعدما لمح بوادر تمرد تظلل حياتهما الكادحة: “أنتِ عاوزة ايه بالظبط؟!” ففاجئته بآخر ما كان يتوقعه: “أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!”
ورد؟! ما هذا الجنون؟! الورود ليست ضمن أدبيات أسرة بالكاد تجد خبزًا يقيم الأود، وقطع قماش رخيصة تستر العُري! فمتى وكيف اخترقت هذه الكلمة "الغازية"، الآتية من كوكب آخر، جدرانَ هذا البيت الحزين؟! الزوج يرى أنه لو امتلك ثمن بعض الورود، لكان أولى به أن يجلب ربع كيلو من اللحم ليتعرف عليه الأطفال! والزوجة ترى أن من حقها كامرأة أن تزورَ الزهورُ بيتها ولو مرةً كل عام! لم تكن "يسرية " بحاجة لأن تلتقي بصديقاتها اللواتي تنتثرُ الزهورُ تحت أقدامهن لتتأكد أنها أيضًا امرأة تهوى الزهور. لكن الزوج يرى في مطلب زوجته فجاجة و"قلّة عقل" بل و"وتهتك" سببه صديقاتها "المنحرفات" اللواتي تلتقي بهن خلسة بعيدًا عن عينيه! وتبدأ حرب الأولويات.
تخبرنا عالمة الأنثروبولوجي الأمريكية بروفيسور "هيلين فيشر" في كتابها "لماذا نحب، طبيعة الحب وكيمياؤه" أن الأزواج بحاجة إلى تعديل برنامج "الأولويات" بين الحين والآخر لكي يستطيع الإنسانُ مواصلة رحلة الحياة الصعبة. الزهور في حالة "يسرية" صارت، في تلك اللحظة، "ضرورة" مُلحّة، وليست رفاهية وكماليات لا ضرورة لها كما يرى الزوج الساخر من "تبجحها”. ولا محل للسخرية حال الكلام عن الضرورات.
لن تكلّف الزوجَ لشراء بعض الزهور لزوجته إلا بعض الجنيهات، أعلم سلفًا أنها ضرورية لأمور حيوية أخرى مثل الطعام وكراسات المدرسة، لكنها كذلك "أكثر من ضرورية" لانتشال زوجته من هوّة الإحباط التي سقطت فيها في هذه اللحظة. أتقن "خالد صالح" أداء دور الزوج الفظ الغليظ، الذي يفني عمره، وعمر من معه، سعيًا وراء غرائز الكائن الحي "الدنيا" من طعام وتناسل ورغبات جسدية، دون الاهتمام مطلقًا بغرائز أخرى "عُليا" مثل شعور الإنسان بآدميته وثقته في أن مطالبه البسيطة في الحياة، محلُّ اهتمام الطرف الآخر، مهما بدت تلك المطالبُ في عين الشريك "تافهة" لا قيمة لها. وفي المقابل هناك أزواج "أذكياء" يعرفون كيف يحافظون على مشاعر زوجاتهم، مهما قستِ الحياةُ وظلل الشظفُ والعوز مطالب الصغار. السؤال هو: كم نسبة الغلاظ من الرجال، إلى نسبة الأذكياء منهم في مصر وفي المجتمع العربي السعيد؟!
كلمةٌ حانية من الزوجة لزوجها حين يعود من العمل مكدودًا، قُبلة طيبة من الزوج على يد امرأته بعد جهدها في طهو الطعام، صديري من الصوف تغزله الزوجه على إبر التريكو لزوجها (كما كانت جدّاتنا يفعلن)، وردة صغيرة يضعها الرجل على وسادة زوجته عند المساء، أمور جدُّ بسيطة وغير مكلفة قد تحول دون كوارث، سببها، ليس العوز وشظف العيش وعسر العمل والمواصلات والعذاب اليومي من أجل لقمة العيش، إنما السبب هو نسياننا أننا بشرٌ نحتاج إلى بعض الدعم النفسي لنصمد ونستمر، ربما أكثر مما نحتاج إلى رغيف الخبز ورشفة الماء.
دعونا لا نسمح للحزن أن يتغلغل داخل نفوسنا، حين لا نكتفي بقسوة الحياة علينا، فنزيدها عُسرًا بأن نقسو على بعضنا البعض. يقول شكسبير في إحدى مسرحياته: “الحزنُ الصموت يظل يهمس في القلب حتى يكسره.”



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد دولة الفرح
- قرد فاطمة ناعوت
- لا تقربوا الصلاة!
- اطفئوا مشاعلَهم، نورُها يُعمينا
- هل لدينا محمد يونس؟ 2-2
- القطة التي كسرت عنقي
- قرّاء العناوين والصحف الصفراء
- رصاصة في رأس يفكر
- والدليل: قالولووو
- هذا قلمي بريءٌ من الدم
- محمود عزب، أزهرىٌّ من السوربون
- بيان حول الكلمات الثلاث التي أغضبت البعض
- بيان بشأن الذبح في عيد الأضحى
- بيان د. حسام بربر بشأن أزمة فاطمة ناعوت مع قضية الذبح
- ليس بالخروف وحده تدخل الجنة | بقم أمير المحامي
- لنذبح فاطمة ناعوت | بقلم أمير المحامي
- رجلان وامرأة
- بيان توضيحي بشأن اللغط المفتعل حول موقفي من الدم
- هل لدينا محمد يونس؟ 2/1
- أول كتاب قرأته


المزيد.....




- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!