|
لا للتحريض الإنفعالي
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 4619 - 2014 / 10 / 30 - 08:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحقيقة التي لا بد أن نعترف بها ، أن الواجب يفرض علينا أن لا نستعجل رئيس مجلس الوزراء في الإقدام على تحقيق كافة ما نتمناه بين ليلة وضحاها . كلنا نعلم أن حكومة العبادي تشكلت على أساس التوافق بين القوى السياسية ذات الوزن في إتخاذ القرار في الساحة العراقية . والكلّ يعلم أن هذه القوى ، سواء بسبب مصالحها الذاتية أوالفئوية أو إرتباطاتها بالقوى الإقليمية والدولية ، كانت و لا زالت متخاصمة ومتطاحنة فيما بينها ، وحتى بين جزئياتها المؤتلفة في كتلة . عملية التوافق التي وحّدت هذه القوى وجمعتها لتأييد تأليف الوزارة كانت على أساس تلبية مطالب وشروط كل قوة سياسية ، على الأقل ، في مستوى الخطوط الحمراء لكل منها . إن موقف حيدر العبادي ، في الوقت الحاضر ، يتمثل بالذي يمسك العصا من الوسط ليوازن بين طرفيها ، ولكن العصا التي يمسكها العبادي لا تشبه العصا الإعتيادية التي لها رأسان ، فيعرف وسطها بسهولة . إن العصا التي يمسكها العبادي بالإضافة إلى أنها ذات رؤوس عديدة ، فإن هذه الرؤوس في الوقت ذاته متحركة وتتخذ مواقف متناقضة بين يوم وآخر أو إثر حدث و آخر ، وأن بعضها لا يحمل هوية محددة لإمكان التعامل معها . على العبادي في كل خطوة تخطوها حكومته أن يتحقق من توازن القوى ، سواء لإتخاذ القرار في الموضوع المطروح بالذات أو ما قد تفسره كل قوة مشاركة في الحكومة بخصوص ما تفرزه المصادقة على القرار من تبعات لاحقاً . إن توازن القوى في الوزارة و في مجلس النواب حصيلة الظروف التي كانت سائدة في العراق قبل الإنتخابات وأثناء إجرائها ، والعلاقات بين القوى السياسية التي أستعملت جميع وسائل الدعاية الشرعية وغير الشرعية من جهة و تسقيط الآخر من جهة أخرى ، هذا بالإضافة إلى عمليات التزوير التي أدانها القاصي والداني ومن ضمنها القوى التي فازت من جرائها . في مجلس النواب هذا كتل سياسية ونواب مرتبطون بوشيجة أو بأخرى بالعهد الفاسد السابق أو حتى بتنظيم داعش ، ويمثلون كمّاً عدديّاً لا يُستهانُ به ، يحدّ من زخم مسيرة حكومة العبادي في تحقيق الإنجازات ، بل يتحكم في إستمرار بقائها في السلطة . في هذا الإطار الصعب ، و في الوضع العراقي الذي تسيطر فيه داعش على مساحات واسعة من الأرض وتتحرّك بالأسلوب الأخطبوطي في كل ناحية ، لا بد أن تكون أولى أولويات الحكومة القضاء على هذا العدو الهلامي الشكل والمُضخّم حجماً " إعلامياً " ومدعوماً من جهات " غير معلومة " بحيث أصبح بُعبُعاً يُرهبُ إسمه قوى عسكرية منظمة قبل مواجهته في ساحة القتال . تشخيص حيدر العبادي لداعش ب 30% حقيقة و 70% حرب إعلامية ، يمكن إعتباره الخطوة الأولى الصحيحة في إتجاه القضاء على داعش ، أما الخطوة الكبرى التي خطاها ، بعيداً عن الدعاية الإعلامية لشخصه ، فهي لقاؤه في عمان شيوخ عشائر الأنبار ، وموافقته على تجنيد ثلاثين ألفاً منهم لمحاربة داعش . عشائر الأنبار هذه التي كانت حكومة المالكي تعتبرهم من الدواعش ووجهت الجيش العراقي لمحاربتهم ، إنما كانوا أصحاب مطالب شعبية سواء في إعتصامات الرمادي أو في دفاعهم عن أنفسهم ضد هجمات الجيش عليهم لكسر شوكتهم . لقد أعلن شيوخ تلك العشائر مراراً أنهم ضد داعش ، وتعهدوا بالقضاء عليه في حالة توقّف الجيش عن محاربتهم والإنسحاب من مدنهم ومناطقهم . بهذا اللقاء تمكن العبادي ليس من إستعادة قوى تلك العشائر لمحاربة داعش فحسب بل وتوجيه قوات الجيش لمحاربة العدو في مناطق أخرى . و ما دمنا قدعرفنا قوة داعش في الوسائل الإعلامية التي تنفخ في صورته ، وتضخمه ، فلا بد أن نعترف أن وسائل إعلامنا المضادة لا زالت ضعيفة . إن لقاء حيدر العبادي بممثلي وسائل الإعلام كانت خطوة مفيدة ، عززت مواقعهم ، ولكن لم تكن كافية لإطلاق طاقاتهم ، لأن معظم وسائل الإعلام كانت قد أمتُلكت من قبل العهد السابق ، ولذلك ، فإن تجاوب بعضها مع توجيهات العبادي ، بقي خجولاً بينما الجو السياسي لم يحسم بعد ضد ذلك العهد ، بل لا زالت هناك إحتمالات في عودته . أرى أن الوسيلة الموفقة لإطلاق طاقات وسائل الإعلام هي بعقد مؤتمرات واسعة للمرجعيات الدينية وإصدار فتاوى ودعوات تكفير للفكر الداعشي ، وكذلك عقد مؤتمرات واسعة للعشائر تدعو للتوحد والوقوف بوجه داعش وتجفيف مصادر تمويله وإحتضانه ، والحث على الرقابة الشعبية في التبليغ عن التحركات المشبوهة بعد إصلاح القضاء ليصبح في موقع ثقة أبناء الشعب عند قيامهم بواجباتهم في الإبلاغ عن المسيء أو إقامة الدعوى للمطالبة بحق .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- داعش - وأسعارُ البترول عالمياً
-
حَربٌ عالميةٌ ثالثةٌ
-
كيفَ السّبيلُ إلى الإصلاحِ ؟
-
الإستحقاقُ الإنتخابي و هريسة جُحا
-
ماذا ؟ ولماذا ؟
-
أيُّهما أقرب للحقيقة ؟
-
فَشَلٌ في الجَلسَةِ الأولى ، فهل مِن أملٍ في الجَلسة الثانية
...
-
حِصانُ طُروادة في حكومةِ المالكي
-
رسالة مفتوحة إلى المالكي
-
مُؤامَرَةُ تقسيمِ العراق - مشروع بايدن -
-
خارطةُ طريق إنقاذ العراق
-
مُغامَرةُ حافةِ الهاويةِ
-
حَذاري من لعبة الشيطان
-
الصَّحافة
-
مسألةُ ثقة
-
النَّزَعُ الأخير .. !
-
يخسأ الفاسدون
-
داعش والداعش المصنوع
-
حكومةُ أزمات !!
-
حوار مع عبد القادر ياسين و مصير الشيوعية وأسباب إنهيار الإتح
...
المزيد.....
-
الرئيس الجزائري: البشرية فقدت أمام معاناة الفلسطينيين في غزة
...
-
شاهد: الاحتفال بمراسم -النار المقدسة- في سبت النور بكنيسة ال
...
-
مجهولون يعتدون على برلماني من حزب شولتس في شرق ألمانيا
-
تصاعد الخلافات في جورجيا بعد طرح مشروع قانون مثير للجدل يرفض
...
-
هاليفي يوجه رسالة للجيش الإسرائيلي من وسط غزة
-
الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو يوثق غارة جوية استهدفت بلدة طير
...
-
مسؤول إسرائيلي: التقارير عن صفقة سيتم الكشف عنها يوم السبت س
...
-
جنرال فرنسي: باريس ليست مستعدة الآن للمشاركة في النزاع الأوك
...
-
تقرير عبري: البرغوثي قد يطلق سراحه إلى غزة ضمن المرحلة الأول
...
-
نشطاء يرشقون بالبيض القيادي اليميني المتطرف الفرنسي إريك زمو
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|