|
ماذا نفعل بالإخوان؟
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4615 - 2014 / 10 / 26 - 21:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عشيةَ رأس السنة الهجرية الجديدة 1436 هـ، نفّذ إراهبيون حقراء، واحدة من أخسّ وأبشع عملياتهم في منطقة "الشيخ زويّد" بشمال سيناء المصرية، راح ضحيتها عشراتٌ من جنود الجيش المصري، لا على يد صهيون، وإلا كان استشهادُهم مفهومًا ومبررًا، بل على يد عربٍ، يزعمون الإيمانَ بالعروبة، ومسلمين، يزعمون اعتناق عقيدة، لا ينفذون أولى أبجدياتها؛ فلا سلِمَ الناسُ من ألسنهم، ولا من أياديهم. أسافلُ من مرتزقة الإرهاب، لم يحترموا حُرمة يوم يؤرّخُ به المسلمون زمانهم؛ فإذا العيدُ يغدو جنازات وسرادقات تعزية، والفرحُ يتحوّل هولاً، والابتسامات والمصافحات والتهنئات، تستحيل دموعًا وصرخات أمهات ثكلن، ونحيب أطفال تيتّموا، وتعزيات لا تداوي قلبًا ينزف. سقط المصريون في هوّة حزن وحداد، بينما أبدى أزلام الإخوان وميليشياتهم الإلكترونية فرحتهم كما شهدنا في تدويناتهم الركيكة على فيس بوك وتويتر! قبل الجريمة النكراء تلك، كتبتُ على صفحتي الشخصية تهنئةً بالعيد الهجري قلتُ فيها: "كل عام وأنتم بخير وعام هجري جديد يملأ هذا الكوكبَ المرزوء بالمحن والخطايا والدم، بالسلام والمحبة والتحضر والفرح. كل عام وكل الطيبين طيبون كما هم، وكل الأشرار أكثر طيبة وتحضرًا. كل عام والذين يحبون الله يزدادون حبًّا لله ولكل خلق الله من بشر وطير وحيوان ونبات، وكل الذين يقتلون الناسَ باسم الله، أكثر فهمًا لمعنى الله الرحيم الجميل واهب الحياة لكل مخلوقاته.....” وفجأة بدأت الأنباءُ الموجعة تتواتر وعدد الشهداء يزدادُ كل ساعة عما قبلها، فتضرّعتُ إلى الله في تدوينة تقول: "يا رب احمِ مصرَ وردّ سيوفَ أعدائها إلى أغمادها. (حتى لا أقول: إلى نحورهم) فنحن أرقى من أعدائنا مهما تمنّوا لنا الهلاكَ ولا نرجو الشرَّ حتى للأشرار.” ففوجئتُ بغضب عارم من القرّاء الذين يرون أن لا رقيّ مع قتلة سفاحين نثروا الحزن في كل بيت وكل شارع مصري. جلستُ أتأمل غضبهم المشروع، وفكرتُ فيما يجب على مصر فعله مع هذا الفصيل المجرم الذي غادر منظومة الإنسانية، ليلتحق بفصيل الوحوش التي لا تشبع إلا بالدم. قال قائلٌ: “علينا مصالحة الإخوان الذين لم تتلوّث أياديهم بالدم.” والحقُّ أن "الدم" فكرةٌ أكثر منها "جريمة" فعلية. “الدموية" تعشش في رؤوس الإخوان وأربابهم وخلاياهم النائمة ولجانهم الإلكترونية ومن يزعمون التعاطف معهم. فقتل النفس بغير حق، فكرةٌ تكمن في الرأس، تنتظر الفرصة لإنفاذها بالسيف أو بالرصاص. وبهذا يكون كل متعاطف مع الإخوان، وكل مؤيد لما يصنعون بأبنائنا، هو مجرم ملوّثة يداه بدماء، لا تطهرها أطيابُ الدنيا. وقال قائل: كلما قتلوا مواطنًا أو جنديًّا مصريًّا، قتلنا في مقابله أحدَ عناصرهم الإخوانية في السجون. العين بالعين. من أين أتت هذه الفكرة؟ نتجول بين مدّونات التاريخ لنقف عند "آية الله الخوميني" سارق الثورة الإيرانية، وكيف فعل بكل من عارض نهجه. كان، كلما قُتل أفرادٌ من طاقم "حرسه الثوري"، على يد منظمة "مجاهدي خلق"، وكلا الفريقين إرهابيٌّ، قام إلى سجونه وأمر بتجهيز مجموعة من مساجين التنظيم الإسلامي المعادي، بنفس عدد قتلاه، ويتم إعدامهم بالرصاص في نفس اليوم. لكن الفارق في المنظومة الأخلاقية بيننا وبين نظام الخوميني، هو بالضبط الفارق بين الجندي المصري الذي دفع حياته فداء وطنه، وبين الإرهابي الذي يتسلل بليلٍ إلى ديارنا عبر أنفاق سرية كالعقرب ليشيع فيها الخراب. نترك إيران بويلاتها، ونقف عند محطة تاريخية أخرى في زمن آخر ومكان آخر. ماذا فعل چوزف ستالين بالخارجين عن القانون من نزلاء السجون؟ رفض إطعامهم من كدّ الشعب وتعبه، فحوّلهم، المساجين، إلى منتجين ساهموا في تحويل روسيا من بلد زراعيّ إلى أعظم قوة صناعية في العالم أثناء الحرب العالمية الثانية. نبرح التاريخ والموتى، ونقف عند اللحظة الراهنة، في سجن سانتا ريتا بالبرازيل. حيث يمكن لأي نزيل أن يُنقص من مدة عقوبته يومًا واحدًا، مقابل كل أربع وعشرين ساعة يقوم فيها السجين بتوليد الكهرباء للمنطقة المحيطة بالسجن، عبر تدوير عجلة رياضية. ولاحظ المراقبون انخفاض معدلات العنف بين النزلاء، حينما شعروا أنهم يُكفّرون عن جرائمهم بتقديم خدمة حقيقية للبلد الذي أساؤا إليه وهم أحرار خارج القضبان. أما عن اجتثاث جذور الإرهاب من سيناء، فأظن أنه لن يتم إلا بعد خلق جبهة حرب واضحة المعالم خالية من المدنيين، بعد تهجيرهم عنها، كما هُجّر أبناء مدن القناة المصريون بعد العدوان الثلاثي على مصر، وكذلك بعد هزيمة 67. فوجود الأهالي يمنع الجيش من ضرب عنق الإرهاب، خوفًا على الأبرياء. وعلّ في الهجرة النبوية عبرةً ورسالةً يرسلها لنا الُله حين تزامنت هذه المجزرة الغادرة مع ذكرى هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بعدما تآمر ضدَّه وضد آله وصحبه ساداتُ قريش الكفار.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!
-
عيد ميلاد دولة الفرح
-
قرد فاطمة ناعوت
-
لا تقربوا الصلاة!
-
اطفئوا مشاعلَهم، نورُها يُعمينا
-
هل لدينا محمد يونس؟ 2-2
-
القطة التي كسرت عنقي
-
قرّاء العناوين والصحف الصفراء
-
رصاصة في رأس يفكر
-
والدليل: قالولووو
-
هذا قلمي بريءٌ من الدم
-
محمود عزب، أزهرىٌّ من السوربون
-
بيان حول الكلمات الثلاث التي أغضبت البعض
-
بيان بشأن الذبح في عيد الأضحى
-
بيان د. حسام بربر بشأن أزمة فاطمة ناعوت مع قضية الذبح
-
ليس بالخروف وحده تدخل الجنة | بقم أمير المحامي
-
لنذبح فاطمة ناعوت | بقلم أمير المحامي
-
رجلان وامرأة
-
بيان توضيحي بشأن اللغط المفتعل حول موقفي من الدم
-
هل لدينا محمد يونس؟ 2/1
المزيد.....
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: لا م
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي: -الاسرائيليون- يتصور
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|