أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - الحلاّف














المزيد.....

الحلاّف


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1293 - 2005 / 8 / 21 - 08:34
المحور: كتابات ساخرة
    


يا ربّ!
لا أشك لحظة واحدة بمعرفتك الكلية لما يجري في هذا الكون وأنت العليم البصير..
صحيح أنك شديد العقاب, ولكنك في الوقت نفسه غفور رحيم..
أنت تعرف يا إلهي أنني أقدمْتُ على هذه المهنة مكرهاً؛ ضاقت فيّ الدروب والسبل.. لا عمل, لا ثروة, لا ظهر يسندني.. بيتي بالإيجار ولا أحلم بمسكن ملك مطلقاً.. سبعة أفواه بانتظار ما أحصّله من هذه المهنة اللعينة كل يوم. بالإضافة إلى الفم الذي يتجرّع الدواء الغالي دونما فائدة.. وأحمد الله أنه بات قاب قوسين أو أدنى من التحاقه بملكوتك! يا ربّي اغفر لي! والله أحمدك لا رغبةً بفراقه, لا والله, رغم مصروفي الهائل عليه, فهو أحبُّ أطفالي إليّ.. ولكن لكي يرتاح ويريحنا جميعاً.
يا ربّي عفوك! أنا طمعان بصفحك! أنت خير من يدرك معاناتي... صحيح أن كل الناس تمقت مهنتي, ويعتبرونها ثالثة الأثافي... والقليل منهم يزورني.. ولولا الحاجة, لما طرق باب بيتي أحد منهم.
ولكن لنكن واقعيين, لماذا تظهر عيوب مهنتي على الملأ, ويشار إليها بالبنان! ولا تظهر جرائمهم الكبرى؟! لا أنكر أن مهنتي تجلب الويلات للبعض, ولكن تجلب السعادة والحق والعدالة للبعض الآخر.
البارحة مثلاً, من المؤكد أنك لاحظت أولئك النسوة كيف زغردْن وبدأن يصافحنني بمودّة صادقة ودموع الفرح تترقرق في عيونهنّ, عندما نطق القاضي بالحكم, لأنني شهدْت على واقعة لم أشهدها.. ولكنها جعلت القاضي يصدر حكماً لصالحهنّ ويمنحهنّ حقهنّ المغتصب من قبل أشقائهنّ بعد أن تواطأ هؤلاء مع والدهم بقصد حرمان شقيقاتهم من الميراث بذريعة حصولهم على وكالة من والدهم تتضمن شراءهم كل ما يملك من عقارات...!
أنت تعلم يا إلهي بأنني عندما أُدعى لشهادة حق, فإنني ألبّيها بلهفة وأغتبط لأدائها رغم ضآلة البخشيش الذي أتلقّاه! لكنني أعود إلى البيت فرحاً.. منشرح الصدر.. هادئ البال... أشتري الحلويات لأسرتي وأمارس الجنس مع زوجتي بأداء متميز وأمتعها..
بينما عندما أتقدّم للإدلاء بشهادة كاذبة! يعذبني ضميري كثيراً.. وأقلق ليلاً.. وأبقى متجهماً طويلاً.. وأشعرأنني بحاجة للوضوء والصلاة كل ساعة.. لا أتحمّل بعيق طفل في البيت, أو أي طلب من امرأتي مهما كانت محقّة في طلبها..
والمشكلة يا إلهي أن عدد من يعمل بمهنتنا بدأ بالتزايد! فمنذ عام لم نكن سوى اثنين.. وزميلي في هذه المهنة لم يكن يتردد إلى المحكمة إلاّ مرة أو اثنتين في الأسبوع.. يعني عملياً كنت ملك الساحة بمفردي.. أما اليوم, فقد غدونا خمسة!! والحبل على الجرار.. والمصيبة أنهم يتواجدون جميعاً كل يوم.. وطبعاً خفّ دخلي إلى النصف تقريباً.. لهذا السبب بدأت أفكر بالذهاب إلى المحافظات والمدن القريبة, بالدور, كل أسبوع مدينة.. وأعمّق معرفتي ببعض المحامين والقضاة فيها.. عسى ولعلّ...
ولكن أعدك يا إلهي أنني سوف أقلع عن هذه المهنة عندما يتوفر معي ثمن مكتب لتعقيب المعاملات كما فعل معلمي أبو صبحي.. الذي له الفضل الأكبر في إبعاد شبح الجوع عن أفراد عائلتي.. الله يذكره بالخير.
ويبدو أن هذا اليوم ليس بعيداً.. فعلى هذا الدخل, أعتقد أنه بعد مرور أربع سنوات على الأكثر, أستطيع شراء مكتب. وسوف أجهد أن يكون قريباً من المحكمة قدر الإمكان.. أبيع الطوابع والمستندات والوثائق.. وأشغّل بعض أولادي معي – ولكن معاذ الله أن أسمح لهم بمزاولة مهنتي القذرة الحالية هذه – بل فقط للعمل على آلة التصوير وتسيير شؤون الناس...
آخ ! متى يأتي هذا اليوم؟!
دخيلك يا ربّي اغفر لي! كلها كم سنة...



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلحفاة المعلم
- !كان ... وما زال
- هايل أبو زيد
- السياسة والأسطورة
- الشغل... مو عيب
- هل أنا على صواب..؟
- حتى في الصحراء...؟
- ملح الحياة
- الرهان
- استراتيجيا... ديماغوجيا
- يوميات معتقل سياسي بعد الإفراج عنه
- الكوز والجرّة
- إلى معلمتي... سابقًا
- إلى من يهمه الأمر
- أنا أسعد منه
- جمهورية الفرح الشعبية
- عزاء مُعتبر
- - عيسى وخديجة -
- ..!تنفيس مسؤول
- الفحل


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - الحلاّف