أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - الشغل... مو عيب














المزيد.....

الشغل... مو عيب


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1238 - 2005 / 6 / 24 - 09:07
المحور: كتابات ساخرة
    


لا أعتقد أنه من الضروري قول الحقيقة في كل شاردة وواردة!
أليس من الواجب والأحسن إخفاء ما يجعل المرء خجلاً منه أمام الآخرين؟ وهل من الصعوبة بمكان, الإجابة على السؤال (ماذا تعمل؟) – الذي طالما طرحه عليّ الفضوليون – بأنني أعمل في مطعم محترم, بل في كازينو أو استراحة معتبرة على طريق عام حمص – دمشق! هكذا دون ذكر أيّ تفصيل.
والله يا (جبران) ( 1 ) هذه المرة لم نتفق! قال شو! قال:" الصراحة بخشونتها خير من الكذب بنعومته "... لا عمّي لا.. لست مضطراً أبداً للإفصاح بدقة عن طبيعة عملي.. مجتمعنا متخلف ولا يرحم أحداً.
" الشغل مو عيب يا ابني! المهم أن يأكل الإنسان من عرق جبينه "
هكذا قال لي صاحب الاستراحة لدى تعرّفه عليّ عن طريق وسيط الخير ( أبي زياد)..
ولكن يا معلمي! هذه اللقمة مغمّسة بالقرف والروائح الكريهة!.. أي تضرب منّك لهالشغل! والله والله! لولا أمي مريضة, وتحتاج إلى نصف راتبي للدواء فقط, لما ارتضيت بهذا العمل...
بس يا عمّي الجوع كافر.
" قد تجد صعوبة في بادئ الأمر, ولكن معك معك ستعتاد عليه"
لا يا سِيدي ما صحيح! فقد مضى على عملي عندك عشرون يوماً ولم أعتدْ عليه! أعود إلى فراشي منهكاً بعد اثنتي عشرة ساعة من الجلوس الدائم عند مدخل دورة المياه.. وكأنني قادم من معركة, أنا الطرف الوحيد الخاسر فيها.. أنكبّ على وجهي كل ليلة كثور عائد من الفلاحة بعد يومٍ مضنٍ من النكش في أرض صخرية..
أتذرّع هذه الأيام ببرودة الطقس, وأضع على رأسي قبعة, وألفّ وجهي بمنديل لا تظهر منه سوى عيناي.. مخافة رؤيتي من قبل أحد معارفي من المسافرين في هذا الموقع المذلّ..
ولكن بماذا سأتذرع عند حلول الصيف؟!
( يا دلّي عليك يا حبيبي! ألم تستفدْ من تسجيلك بمكتب التشغيل؟! )
آخ يا أمي! وكيف سأستفيد ورقمي ( 71352 )؟!! وأنتِ تعرفين أن مهارتي بالتطحيش, لا تتعدى الصفر! أنسيتِ وصفك لي في كل مرة يستدعي الأمر ذلك, بأني غشيم لا أعرف كيف أدبّر رأسي, وأن الدجاجة تأكل عشائي؟!
" شوف! شغلك دهب, دخْلنا من الذي كان قبلك.. خمسة آلاف ليرة يومياً على الأقل! بس أبو زياد غالي علينا.. المهم حبيب! تضع علبة كرتون على الطاولة فيها عدة قطع نقدية من فئة العشر ليرات, وإلى جانبها علبة محارم.. بعض أولاد الحرام يطنّشون..! يدخلون ويقضون حاجتهم.. ويمضون متجاهلين ولا على بالهم! نبّهْهم! لا تخجل منهم! فنحن نقدّم لهم خدمة جليلة. "
العمى بعيونك العمى! ماذا تريد؟ ولكْ شو يعني؟هل أركض خلفهم لأحصّل منهم خمس أو عشر ليرات؟! يا أخي لنفرض ما معهم فراطة!؟
افففف... لا حول ولا قوة إلا بالله! ولكْ تْفوه عليك يا زمن! نصف يومي أقضيه بسماع ضْراط من هبّ ودبّ! وهذا الراديو اللعين لا يحجب عني الأصوات التي لا أرغب بسماعها..!!
بس شو بدنا, كل مهنة ولها إيجابياتها وسلبياتها؛ فرغم قصر المدة التي قضيتها بهذا الشغل, إلا أنني أصبحت ضليعاً بمعرفة شؤون الأمعاء الغليظة منها والدقيقة!
والله وصرت خبير هضمية بآخر هالعمر يا ابن حوّا! ...
تستطيع معرفة حالة الجهاز الهضمي لكل داخل؛ فمن يدخل مسرعاً وهو يفك سحّاب بنطاله, يعني أنه مصاب بإسهال أو زحار.. وسيُسمعني حتماً ما لا أطيق سماعه..
ومن يدخل متمهلاً.. مستطلعاً المكان.. ينتظر دوره بأريحية تامة, فهو بدون شك سيتبوّل فقط, وغالباً لن يدفع قرشاً واحداً.. خاصة إذا كانت ثيابه على قدّ حاله..!
يا الله! لو كان عملي في الجناح المجاور (دورة المياه النسائية)...
يا عمّي غير شكل! أستطيع عندها تخيّل حالة كل أنثى بعد دخولها المرحاض...
ولكْ آخ من هالعمر آخ خ..
" وينك! النظافة, والأمانة.. هما ركنا عملك! تنظف المراحيض جيداً عند انتهاء مناوبتك.. وتجمع الغلّة على آخر ملّيم, وتسلّمها للمحاسب, وإياك ثم إياك! اللعب بذيلك! أفهمت؟! لدينا كاميرا للمراقبة ترصد وتحصي عدد الداخلين إلى قسمك"
إلى قسمي! هه!
والله وصرت رئيس قسم يا ابن حوّا! ... كيّف يا عمّي مين قدّك!
يا رجل! اترك المزح, وخلّينا بالجدّ! كيف ستعلم الكاميرا بأن فلاناً دفع عشرة ولم يدفع خمسة مثلاً؟!
أي على مين هالحكي! ألهذه الدرجة تعتبرني ساذجاً ومغفلاً؟!
كل يوم أعطيك غلّة شكل.. ولا تعلّق ولا تسأل!
يا سِيدي! ما بكون ابن أمي, إذا ما بتكون غلّتي من اليوم ورايح لجيبتي صافي حلال زلال ( 15 ) ليرة على الأقلّ...! قال كاميرا قال.. هيك وهيك فيك وبهالكاميرا..
عليّ الحرام! إذا الرب أعطاني, وقال الكريم خذ! سوف أستثمر هذا القسم استثماراً. وأعطي صاحب الاستراحة الضمان الذي يريده, خمسة آلف ستة آلاف... لا يهم! وأوظّف فيه اثنين ثلاثة من أصدقائي العاطلين عن العمل.. وأصير أنا المعلم .
يا سلام...! أصلاً الشغل مو عيب أبداً..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) جبران: المقصود جبران خليل جبران.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أنا على صواب..؟
- حتى في الصحراء...؟
- ملح الحياة
- الرهان
- استراتيجيا... ديماغوجيا
- يوميات معتقل سياسي بعد الإفراج عنه
- الكوز والجرّة
- إلى معلمتي... سابقًا
- إلى من يهمه الأمر
- أنا أسعد منه
- جمهورية الفرح الشعبية
- عزاء مُعتبر
- - عيسى وخديجة -
- ..!تنفيس مسؤول
- الفحل
- تدشين
- عتاب رفاقي
- حرائق وغنائم
- ليلة رأس السنة
- !...سيناريو


المزيد.....




- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - الشغل... مو عيب