أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - استراتيجيا... ديماغوجيا














المزيد.....

استراتيجيا... ديماغوجيا


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1208 - 2005 / 5 / 25 - 09:59
المحور: كتابات ساخرة
    


كثرت في الآونة الأخيرة الألقاب الفخمة لبعض العاملين في الشأن السياسي؛ فمن قائل : هذا خبيرٌ استراتيجي, وذاك محلل سياسي استراتيجي, وذلك رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية... إلى ما هنالك من تسميات أصرّ مروّجوها على إرفاقها بكلمة استراتيجي.. لإضفاء هالة من العظمة على أصحابها.
ما جعلني بصراحة أغار وأتساءل: لمَ لا أسعى وأمتلك لقباً كهؤلاء؟ خاصة أن هذا النوع من الألقاب لا يحتاج الحصول عليه إلى مؤسسة أو هيئة معينة مختصة بمنحه ؛ إذ يكفي أن تنشر عدة مقالات في بعض الصحف مذيلة باللقب الذي يحلو لك حتى يعتاد عليه الجميع. وتهرع بعدئذٍ المحطات الفضائية والإذاعات... لاستضافتك بلقبك الجديد!
ولما كنت أفتقر لموهبة الكتابة وخاصة في الحقل السياسي, فقد كلفتُ صديقي المحسوب على أحد أحزاب المعارضة, والذي كرّمته الحكومة بأن استبقته في أحد منتجعاتها الصحراوية فقط خمسة عشر عاماً لا غير. التهم خلالها آلاف الكتب, حتى غدا من أهم المثقفين الموسوعيين في البلد. أقول كلفتُ صديقي هذا – طبعاً لقاء أجر مضاعف - بكتابة حوالي عشرة مقالات تتناول أهم الأحداث السياسية التي وقعت خلال الأشهر الأخيرة؛ من وفاة قداسة البابا, إلى الانتخابات البلدية في السعودية, إلى ختان ابن الملك المغربي, إلى غير ذلك من مواضيع شغلت العالم بتداعياتها... وأرسلتها إلى أهم الصحف العربية موقعة باسمي بعد أن سبقه لقب((المفكر والباحث الاستراتيجي)).
ومرت الأيام... وبينما كنت أقلّب المحطات التلفزيونية على أغنية تبلّ الريق, وإذ بالهاتف يرنّ ويدغدغ أذني صوتٌ أسمعه لأول مرة:
- حضرتك المفكر والباحث الاستراتيجي الأستاذ عبد الله المثقفاتي ؟
- أي نعم!
- الحقيقة سيدي إننا من أشدّ المعجبين بكتاباتكم, ويشرّفنا أن تكون ضيف قناتنا الفضائية هذا المساء ضمن برنامج (العولمة وحقوق الإنسان) وسوف نبعث لك شيكاً لقاء منحك لنا عدة دقائق من وقتك الثمين, وكلنا أملٌ بموافقتك الكريمة سيدي!...
- عفواً لم تقل لي لأية محطة تعمل حضرتك؟
- اعمل لدى محطة (k.s.s )
- (أجبته بالعبارة التي يستخدمها عادة كبار النبلاء): بكل سرور! محطتكم محترمة ويسعدني أن أكون ضيفكم.
- إذاً سيدي نرجو انتظارك قرب الهاتف مساء هذا اليوم الساعة التاسعة لنقوم بإجراء الاتصال معك ونتحفُ الأخوة المشاهدين بمداخلتك القيمة حتماً...
المهم بلا طول سيرة رنّ الهاتف في الوقت المحدد, وأعلمني المتصل بأن أحضّر حالي بعد دقائق لتقديم مداخلتي إلى المشاهدين... فهرعْتُ إلى مكتبتي وأحضرتُ عدة صحف حديثة الصدور لأستعين بها.. وما هي إلا لحظات حتى قال مقدّم البرنامج: ومعنا الآن على الخط المفكر والباحث الاستراتيجي البارز الأستاذ عبد الله المثقفاتي... أستاذ مثقفاتي! مساء الخير.. كما سمعت من ضيفنا في الاستديو, هو يتهم العولمة بأنها وراء كل النكبات التي أصابت شعوبنا العربية, وأن الانتهاكات الفظة لحقوق الإنسان قد ازدادت في الآونة الأخيرة بشكل لم يسبق له مثيل ... فما هو ردّكم على هذا الكلام أستاذ مثقفاتي؟
أجبته بعد حمحمة وبصوتٍ واثقٍ رزين وأنا أتطلّع على عناوين الصحف:
بادئ ذي بدء أحيّيك وأحيّي ضيفك الكريم...
يا سيدي! اسمح لي بأن أختلف مع ضيفك حول مفهومه للعولمة ومنعكساتها على الوضع الجيوبوليتيكي والأنثروبولوجي والسوسيوثقافي والغرب الحداثوي في أصقاع العالم... فهل يمكن لنا إنكار أهمية العولمة في تأجيل المؤتمر الدولي حول إعادة إعمار العراق؟ وهل كان بمقدور الشرطة الإيرانية اعتقال باعة لحم الحمير لمطاعم في مدينة قزوين شمال غرب طهران بهذه السرعة لولا العولمة ؟ ثم هل كان باستطاعة هيفاء وهبي الترشح لبطولة فوازير رمضان لهذا العام لولا العولمة؟!
صحيح أن خروج قطار عن سكته وارتطامه بمبنى أماغازاكي قرب أوساكا غرب اليابان تسبّبَ في مقتل (53) شخصاً وإصابة أكثر من (400) آخرين بجروح... يشكل كارثة حقيقية. ولكن لا تنسى تهديد رئيس أركان الجيش الكوري الديموقراطي بمواصلة تعزيز الترسانة النووية لبلاده بسبب الضغوط التي تمارسها واشنطن عليها. بالرغم من عدم زواج كونداليزا رايس حتى الآن!
ولو تمعّنا بالأحداث التي عصفت في الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من أيلول عام 2001 وخاصة بعد الوباء الغامض الذي اجتاح إقليم باداخاشان شمال شرق إفغانستان على الحدود مع الصين وطاجكستان والذي أدى إلى نفوق أكثر من ستة آلاف حيوان... لوجدنا أن أنقرة حمّلت أثينا مسؤولية تصعيد التوتر في بحر إيجة. ناهيك عن النداء الإنساني لمريضة بحاجة إلى كلية زمرة الدم (+ 0) الذي أطلقته صحيفة الأنديبندت وصحيفة صنداي تلغراف البريطانيتين بعد زلزال تسونامي وقبل أن يطلب نادي جوفانتوس الإيطالي (20) مليون يورو مقابل الاستغناء عن لاعب وسطه البرازيلي إيمرسون لنادي ريال مدريد الإسباني... فهل...
- سيدي..! سيدي إنك تخلط (عباس بدبّاس) لم تتطرق إلى حقوق الإنسان في مداخلتك المحيّرة والمثيرة للجدل..! على كل حال, ونظراً لضيق الوقت, نشكر الأستاذ عبد الله المثقفاتي المفكر والباحث الاستراتيجي المعروف..
في اليوم التالي جاءني اتصال من مدير مكتب أحد كبار المسؤولين يدعوني فيه برجاء لإبرام عقد عمل بصفة مستشار استراتيجي في الشؤون الدولية!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات معتقل سياسي بعد الإفراج عنه
- الكوز والجرّة
- إلى معلمتي... سابقًا
- إلى من يهمه الأمر
- أنا أسعد منه
- جمهورية الفرح الشعبية
- عزاء مُعتبر
- - عيسى وخديجة -
- ..!تنفيس مسؤول
- الفحل
- تدشين
- عتاب رفاقي
- حرائق وغنائم
- ليلة رأس السنة
- !...سيناريو
- شكراً سيادة الرئيس
- تحرّي وانتقام
- - ... وإلاّ ! -
- مداخلة
- أمسية ...


المزيد.....




- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - استراتيجيا... ديماغوجيا