حفريات اللغة العربية 14

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4566 - 2014 / 9 / 6 - 19:17
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

حفريات اللغة العربية 14
اخرجوا من لغتي
هذه الابيات التالية (في نهاية المقال) يرددها من يزعل كالطفل و يغضب عندما نحفر في اللغة العربية و يطلب منا: اخرجوا من لغتي و كانما اللغة خاصة تلك التي تحولت الى لغة اسلامية عامة تمتلك و يجهل ان اللغات ليست ممتلكات و لكن المصيبة و السخرية هي انه حالما يفتح فمه و قبل ان يكمل البيت الاول لا يحس بانها (الابيات) تبدأ باستعارة خاصة من اللغة التي يكرهها اكثر من اية لغة اخرى في العالم و هي اللغة الفارسية و دون ان يعلم بان الورود و الازهار كالياسمين و البساتين لا لوجود لها في المناخ الصحراوي. بمجرد معاينة سطحية للابيات و دون التعمق في علم الايتمولوجيا نستطع ان نكتشف الاستعارات الاتية فكيف اذا قمت بفحص دقيق للمفردات الاخرى في الابيات:

الياسمين استعارة من الفارسية (ياسمن) و رمز الحب دخلت اوربا عن طريق اسبانيا و دخلت قائمة 10 الاسماء المفضلة في البرازيل في عام 2009. اصبحت الورود (الورد من الفارسية القديمة) اسماء للعربيات الحسناوات و غير الحسناوات فهناك وردة الجزائرية و الاف العربيات باسم ياسمين (الاسماء الفارسية الاخرى هي: نسرين و اسمهان و جيهان و فيروز و شيرين و مارغريت و روز...) من بلدان اسمائها اجنبية مثل العراق (اما استعارة من الفارسية او من لغة سامية شمالية (السومرية / الاكدية) راجع مقالي السابق و طبعا (بغداد) معروفة بفارسية اسمها (راجع مقالي الخاص بهذا الموضوع).

النفط: راجع مقالي او الرابط الاتي عن اصل الكلمة الفارسي و كيف ان الفرس استعملوا النفط المصفي منذ قديم الزمان:
http://en.wikipedia.org/wiki/Naphtha
تميل العربية عادة الى تضخيم الاصوات الاجنبية مثل (ت) الى (ط) فيتحول (نفت) الى (نفط) و (ايتاليا) الى (ايطاليا). دخلت الكلمة الى لغات كثيرة مثل اليونانية و اللاتينية و اني شخصيا اعتقد ان صوت الضاد ضخم قاس على الاذن و ليس من الاصوات الجميلة و اتعجب كيف يمكن اطلاق اسم هذا الصوت على العربية.


الخنزير: ليس حيوان من الجزيرة العربية و نادرا ما تجد ذكره في الشعر العربي القديم. استعارة من الارامية و تحريم لحمه تقليد لليهودية. راجع مقالي السابق عن الموضوع.
المحراب راجع حفريات اللغة العربية 13 للتعرف على اصله

الطاعون: هذه الصياغة معروفة بانها دخيلة على العربية لربما اتت من لهجة ارامية بمعنى (جارف) قارن ايضا (جاروف) على نفس الوزن او من العبرية بمعنى (ثقب) لاحظ ايضا (البيطري) استعارة من اليونانية و يذكر ابن دريد في الجمهرة: (مجيمر) و (مبيطر) اسماء لفظها لفظ التصغير و هي مكبرة لانه لا تكبير لها.

الحمام: لاحظ صياغة حمام الارامية على وزن اسماء الحرف مثل النجار و البقال التي كلها ارامية و هذا يعني لم يكن الحمام في الاصل غرفة بل حرفة خاصة اذا اخذنا شحة الماء في المناخ الصحراوي بنظر الاعتبار(راجع مقالي الخاص عن هذا الموضوع).
www.jamshid-ibrahim.net

اخرجوا من لغتي
هذه الضَّادّ التي نَعشقُ
لا تُنْبِتُ الياسمينَ للطامعينَ المارقينْ
فاخرجوا مِنْ لُغَتِي واتركونا بسلامٍ آمنينْ
نحن لا نستبدلُ الخنزيرَ بالذئبِ
ولا الطاعونَ بالسلِّ
وموتاً بالجذامْ
فاخرجوا مِنْ لُغَتِي
خوذةُ جَحْشَ صدّام والمحتلِ لن تُصْبِحَ
عُشاً للحمامْ
فاخرجوا مِنْ لُغَتِي
والدمُ المسفوحُ في بشتآشان لن يُصبحَ أزهارَ
فاخرجوا مِنْ لُغَتِي
والبساتينُ التي غادَرَها النبعُ
وما مرَّ عليها –منذَ جيلينِ- الغَمامْ
تصرخُ الآن اخرجوا مِنْ لُغَتِي
فارفعوا -باسم الملايين- أياديكم
عن الشعبِ المُضامْ
حرِّرونا منكم الآنَ
ومن زيف الشعاراتِ
وتجّار حروب -النفطِ والشفطِ-
وأصحاب حوانيت النضالْ
سارقي أرغفةَِ الشعبِ
وجلاّدي العصافير
أدلاّءِ جيوش الاحتلالْ
والمُرائينَ الذين استمرأوا الفتنةَ والغيَّ
منادينَ بحقِّ المرءِ في السَّحْتِ
وبالكفرِ الحلالْ
فاخرجوا من وطني
واشربوا نخبَ انتصارِ القائدِ السجّانِ
في الحربِ على الشعبِ السجينْ
نحن مهزومون من قبلِ ابتداءِ الحربِ
نخلٌ يّشْحَذُ التمرَ
حقولٌ تَشْحَذُ القمحَ
وطينْ
سال منه الدمُ
من بوّابة القصرِ
إلى محرابِ ربِّ العالمينْ
فاخرجوا مِنْ لُغَتِي
وامنحونا فرصةَ الدَّفن لقتلانا
وأنْ نُخْرِجَ من تحتِ الركامْ
جثثاً ما بلغَتْ عمرَ الفِطامْ
فاخرجوا
من قبل أنْ ينتفضَ النخلُ العراقيُّ
ويستلُّ سيوفَ الانتقامْ

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل